مدفوعون برغبة جامحة لمعرفة الأصباغ الجديدة التي وضعها لويس إنريكي على وجه نادي برشلونة أملا في إشراقة سحر جديد، أقبلنا على المباراة الودية التي مثلت للفريق الكاطالاني المحك الإختباري الأخير أمام نادي ليون المكسيكي، نستقرئ ونحلل ونستطلع الفلسفة التكتيكية التي سيقدم بها برشلونة نفسه لموسم الليغا الجديد.
كانت المباراة الإستعراضية في ظاهرها مناسبة ليشاهد الآلاف من مناصري البارسا ممن توافدوا على الكامب نو اللحمة الجديدة لفريقهم الذي لا يريد قطيعة مع زمن غوارديولا ولا يريد إنفصاما كليا عن فلسفة "التيكي تاكا" بعد الذي ظهر من قصور، ولكنه يريد مبنى جديدا ينشط الفكر الذي قامت عليه فلسفة اللعب التي قادت البارسا إلى الوقوف طويلا على قمة الهرم الكروي العالمي، والحقيقة أنهم شاهدوا ما يطمئنهم وما يقول بأن برشلونة في طريقها لتكون كما عودتنا دائما مصدر سحر وإلهام، فليونيل ميسي بات مرتكزا في فلسفة اللعب، لا يقتصر دوره على تسجيل الأهداف ولكن يذهب إلى أبعد من ذلك، إلى تنشيط اللعب وإلى التمتع بأكبر قدر من الحرية في تصريف الأداء الفردي، ونيمار الذي تجاوز كليا تداعيات الإصابة الخطيرة التي عطلت سحره بالمونديال الأخير، عاد معافى ليتقمص الدور الذي لعبه ميسي في بداياته، أن يكون السهم الحارق الذي يرمي بالجمار ويأتي بالأهداف، وسواريز الذي أسقطت المحكمة الرياضية من صك العقوبة حرمانه من التدرب الجماعي ومن لعب المباريات الودية، أمكنه أيضا اللعب لبضع دقائق، هو من سيكون جاهزا في الأغلب الأعم لموقعة الكلاسيكو أمام الغريم ريال مدريد.
شاهدنا هذا كله في المباراة التي تسيدها برشلونة وفاز خلالها بسداسية تماما كما فعل قبل ذلك في وديته الرابعة أمام هيلسنكي النادي الفنلندي، إلا أن ما كان ملفتا للنظر ومثيرا للإعجاب إلى الحد الذي جعل وسائل الإعلام الموالية لنادي برشلونة تخصص لذلك حيزا كبيرا من أثيرها ومن صفحاتها، هو التألق الكبير لشاب من أصول مغربية لم يتخط بعد ربيعه الثامن عشر، سرق الأضواء من ميسي وسواريز ونيمار وسجل في المباراتين الوديتين الأخيرتين أربعة أهداف، دليل نبوغ وعلامة إختمار.
منير الحدادي الذي تلقى تكوينه الأولي بمدريد، وجد نفسه مرحبا به في برشلونة، إنضم إلى مدرستها وأبهر الكل بسحر أدائه مع الفئات الصغرى، وبعد موسم أكثر من رائع مع رديف برشلونة في دوري الدرجة الثانية وجد نفسه مدعوا هذا الصيف ليكون ضيفا على الكبار مدافعا عن حق أعطته إياه موهبته ونبوغه ليكون بين العمالقة، وقد إستحق بما قدمه حتى اليوم أن يكون جوهرة جميلة تتوسط عقد البارسا.
منير الحدادي الذي يحلم المغاربة بأن يكون واحدا من أسودهم يقدم كشفا صارخا عن المسافة التي تباعد بين الكرتين المغربية والإسبانية برغم قربهما الجغرافي، كرة إسبانية تؤمن بالتكوين العلمي وبالعمل القاعدي فتنتج لاعبين سحرة يبرزون في عمر الزهور وكرة مغربية تتجاهل التكوين القاعدي بأبعاده العلمية، فإما أن تتأخر فيها المواهب عن البروز وإما أنها تموت في المهد. 

نقلا عن الإتحاد الإماراتية

ADVERTISEMENTS