سنهتم بتطوير وتقوية فريقنا ولا يهمنا مستوى خصومنا
لدينا الوقت الكافي لتقييم كل اللاعبين وهدفنا إسعاد جماهيرنا

يمثل المدرب جون توشاك من دون شك قيمة مضافة للكرة المغربية، فرصيده التدريبي وتجربته الإحترافية التي قادته للإشراف على أندية أوروبية عملاقة ومنتخبات كلها عوامل تؤهله ليكون المدرب الأعلى أجرا بين مدربي البطولة الوطنية، وبالرغم من عدم معرفة الرجل بتضاريس الكرة المغربية فقد قبل هذا التحدي ووافق على تدريب فريق كبير لكنه كان يمر بظروف صعبة أرخت بظلالها على نتائجه، وحول هذا الموضوع حاولنا أن نتوقف مع هذا المدرب الكبير وأن نتقصى أراءه وأفكاره حول مجموعة من القضايا التي تهم الوداد البيضاوي وما مدى اقتناعه بتركيبته البشرية ومستوى اللاعب المغربي بصفة عامة، ومواضيع أخرى تهم هذه المرحلة الإعدادية ومدى قدرة فريقه على الإستجابة لطموحات الجماهير الودادية التي تطالب بالألقاب، وكي لا أطيل عليكم سنقدم لكم أهم ما استقيناه من اللقاءات التي جمعتنا بالمدرب الجديد للوداد منذ تعيينه كقائد على رأس القلعة الحمراء.
تفوقت السيرة الذاتية للويلزي توشاك على مجموعة من المدربين الذين كانوا مرشحين للإشراف على الإدارة التقنية للوداد البيضاوي، وذلك بالنظر للتجربة التي راكمها في مختلف الدول الأوروبية التي اشتغل بها لمدة تزيد عن ثلاثين سنة، وحين توصل بعرض من الوداد البيضاوي لم يتردد في مناقشته بل إنه رحب به وقدم بعض التنازلات من أجل 
خوض هذه التجربة الأولى من نوعها بالنسبة له خارج القارة العجوز، ويقول توشاك في هذا الصدد: «لقد أحببت المغرب بشكل كبير وتشوقت لإكتشافه وسبر أغواره، ومعرفة الكثير من الأشياء عن هذا البلد الذي يبقى أكثر البلدان الإفريقية قربا من أوروبا، فبعد الإشتغال لمدة طويلة بأوروبا كان لا بد من تغيير الأجواء والعمل على اكتشاف بلدان أخرى من خارج القارة والإطلاع على ثقافات وحضارات مختلفة».
وحول قبوله بالإشراف على الوداد البيضاوي بالرغم من المشاكل التي عانى منها في السنوات الأخيرة، وفشله في التتويج بأي لقب، فإن الإطار الويلزي كان له موقف شجاع حين أكد بأن الوداد يبقى من الأندية الكبيرة على الساحة الوطنية ويدخل ضمن خانة الأندية الكبيرة التي سبق له أن أشرف على إدارتها الفنية على غرار ريال مدريد وديبورتيفو لاكرونيا ولشبونة وبسيكتاش وأضاف قائلا: «بدوري تفاجأت لوضعية الفريق ولعدم تمكنه من التتويج بالألقاب في السنوات الأخيرة، ومن خلال الجلسة التي جمعتني بالرئيس عرفت بأن الفريق كان يعاني من بعض المشاكل التي أثرت على نتائجه، لكني لمست لدى الرئيس وباقي الأشخاص الذين تعاملت معهم رغبة قوية لإعادة الفريق للسكة الصحيحة وللمنافسة مجددا على الألقاب، وبطبعي فإنني شخص يحب التحدي لذا لم أتردد في قبول هذا العرض وسأبذل كل الجهود لتكوين فريق تنافسي قادر على حصد الألقاب في المستقبل القريب».
واعترف المدرب السابق للريال بعدم معرفته بالكرة المغربية وإن كانت قد أتيحت له بعض الفرص القليلة لمتابعة المنتخب المغربي في مونديال فرنسا، وهذا ما فرض عليه مشاهدة بعض الأشرطة للمباريات الأخيرة لفريق الوداد، وحول هذه النقطة قال في تصريح لجريدة المنتخب: «أسمع عن الوداد البيضاوي لكن لم تكن لدي معرفة به، وبعد ارتباطي به عرفت بأنه من أكبر الأندية المغربية ومنه مر لاعبون كبار أعرفهم جيدا بحكم تجاربهم الناجحة بالبطولة الإسبانية على غرار المدافع نيبت والحارس الزاكي والمهاجم ناضر، كما أني أجهل المستوى الحقيقي للكرة المغربية، وسأنتظر بشوق كبير انطلاق منافسات البطولة الوطنية لأكتشفها وأتعرف عليها عن قرب».
وأشار كذلك بهذا الخصوص بأن وجود أطر مغربية إلى جانبه قد يساعده كثيرا بحكم معرفتهم بالكرة المغربية وبفريق الوداد بالخصوص وقال مازحا: «الطاقم التقني الذي يشتغل معي كله من أصول مغربية وأنا الوحيد المنحدر من أصول بريطانية وبالتالي فإن لديهم أغلبية مريحة».
ولم يفوت توشاك الفرصة ليشيد باللاعبين نور الدين نيبت وجمال السلامي، إذ اعتبرهما لاعبين كبيرين، وقال بخصوصهما: «لقد تعرفت على نور الدين نيبت حين كنت مدربا له بفريق ديبورتيفو لاكرونيا وهو إنسان رائع، وكان أيضا مدافعا متميزا، في حين أشرفت على تدريب السلامي بفريق بسيكتاش وقد كان لاعبا أنيقا ومنضبطا، واللاعبان يمثلان معا نموذجا وقدوة للاعبين الشباب الذين يرغبون أن يشقوا طريقهم بثبات وينجحوا في مسيرتهم الرياضية».
وتحدث كذلك عن استعدادات فريقه للإستحقاقات التي تنتظره والصعوبات التي اعترضت طريقه خاصة أن المرحلة صادفت شهر رمضان، وأكد بأن العائق الكبير كان هو سوء أرضية ملعب بنجلون في المرحلة الأولى، لكن المراحل المقبلة ستكون أفضل مع دخول الفريق في معسكرات خارجية، وتابع توضيحاته قائلا: «لقد راعينا في المرحلة الإعدادية الأولى خصوصيات شهر رمضان وعملنا خلالها على عدم إرهاق اللاعبين، حيث ركزنا على الجوانب التقنية والتكتيكية، لكن العائق الأكبر الذي عانينا منه هو سوء أرضية الملعب المخصص للتداريب بمركب بنجلون، وأتمنى من سلطات مدينة الدارالبيضاء أن تمكن فريقي الوداد والرجاء من إجراء حصة واحدة في الأسبوع بمركب محمد الخامس خاصة بالنسبة للفريق الذي سيستقبل بميدانه، وذلك حتى يتأقلم اللاعبون مع الملعب، وهذا شيء عادي وسبق أن عشت تجارب مماثلة مع العديد من الأندية الأوروبية التي أشرفت عليها».
لكن توشاك عاد ليطمئن الوداديين حين أكد بأن هناك تطورا ملحوظا وأن الإستعدادات تسير وفق البرنامج الذي سطره، وبالتالي فلا خوف على مستقبل الفريق الأحمر: «هناك مؤشرات إيجابية تدفعني للتفاؤل، والجميع يبذل مجهودات لكي يظهر الفريق بأفضل حلة وبخطوط متوازنة خاصة مع انضمام بعض العناصر الجديدة لسد الخصاص الذي نعاني منه في بعض المراكز».
وكان توشاك قد أشار لضرورة انتداب ثلاثة عناصر لكنه رفض ذكر مراكز الخصاص وإن كانت كل الدلائل تشير لحارس مرمى لتعويض لمياغري وقلب دفاع، بالإضافة لوسط ميدان هجومي، وهي المطالب التي حاول الرئيس سعيد الناصري تلبيتها من خلال مفاوضته لمجموعة من اللاعبين.
وحول مستوى العناصر الجديدة التي عززت الترسانة البشرية للفريق الأحمر هذا الموسم فقد تحفظ الإطار الويلزي وطلب مهلة لتقييم مستوى الوافدين الجدد حين قال: «نحن في بداية المشوار وبداية الإستعدادات ولدينا الوقت الكافي لتقييم المستوى الحقيقي لهذه العناصر».
كما طلب كذلك مهلة للحكم على باقي العناصر الودادية سواء منها التي شاركت مع الفريق الأول في الموسم الماضي أو القادمة من فريق الأمل حين قال بصريح العبارة: «لا يمكن أن أسبق الأحداث وبالتالي فيجب أن نمنح مهلة معقولة لتقييم المستوى البدني والفني لكل اللاعبين سواء منهم القدامى أو الجدد، فمن خلال تقدم المرحلة الإعدادية وإجراء بعض المباريات الودية سنكتشف مؤهلات كل اللاعبين ومدى أحقيتهم بالدفاع عن قميص الوداد».
وبما أن لكل مدرب فلسفته في الحياة وأيضا في العمل، ومن خلال التجارب العديدة التي راكمها في مختلف البلدان الأوروبية، فقد أكد توشاك بأن كرة القدم تبقى لعبة عالمية لكن ظروف الإشتغال تختلف من بلد لآخر ومن فريق لآخر، وبالتالي فقد رفض وضع مقارنة بين ما وجده في فريق الوداد وما عاشه سابقا داخل الفريق الملكي وقال بهذا الخصوص:
«لا مجال للمقارنة بين ظروف الإشتغال بين فريق وآخر، وذلك لإختلاف السياقات الزمنية والمكانية، هذا مع العلم أن كرة القدم تتشابه لأن الهدف الأساسي من ممارسة اللعبة هو الفوز وهذا يقتضي تسجيل الأهداف واستغلال الفرص حين تكون مسيطرا، والعمل على تفادي قبولها حين يكون الخصم مسيطرا عليك، وما عدا ذلك فكل شيء يمكن أن يتطور مع التداريب والممارسة».
وختم مدرب الوداد حديثه بمنح الحق للجمهور ليطالب بالنتائج الجيدة، ووعدها ببذل قصارى الجهود لإعادة الوداد للسكة الصحيحة والمنافسة على الألقاب حين قال بصريح العبارة «أنصار الفريق لهم حق المطالبة بالفرجة وبمنتوج جيد وبنتائج في المستوى، شخصيا أقدر غيرتهم القوية على فريقهم وحبهم الكبير له، وحضورهم للملعب سيمنحنا شحنة معنوية وسيفرض علينا بذل كل الجهود من أجل إسعادهم وإدخال الفرحة إلى قلوبهم وهذا لن يتأتى سوى بتحقيق النتائج الإيجابية والمنافسة بقوة على كل الألقاب، الأكيد أن المهمة لن تكون سهلة في ظل وجود خصوم أقوياء لكننا سنهتم بأنفسنا وبتطوير مؤهلاتنا أكثر مما سنهتم بباقي المنافسين».

ADVERTISEMENTS

حاوره: إبراهيم بولفضايل