تحديد الوظائف والإختصاصات الخيار الوحيد لإنجاح الورش
هل أصابت الجامعة بتعيين لاركيت رئيسا لمديرية المنتخبات؟
دلنا ما كان من تشريح للمآل الحزين الذي إنتهى إليه الفريق الوطني وما راكمته كرة القدم الوطنية من خيبات وإقصاءات ونتائج سلبية معاكسة للإنتظارات وغير متطابقة مع الإمكانيات المادية المرصودة على أن هناك حلقة تكاد تكون مفقودة أو حتى مغيبة في هيكل العمل، وهي الإدارة التقنية الوطنية بما تمثله هذه المؤسسة من أهمية إستراتيجية في توجيه كل ما له طبيعة تقنية.
وأجمعنا على أن أحد أكبر الأوراش التي يجب أن يتوجه نحوها العمل على عهد المكتب المديري الجديد للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم هو ورش الإدارة التقنية الوطنية.
فما هي الهوية التي تريد أن تلبسها الجامعة الحالية للإدراة التقنية؟
وكيف سيتم تنزيل المؤسسة؟
وهل يمكن القول أن هذه الإدارة التقنية ستخرج سوية من الخيمة مكتملة الخلقة لا تشوهات فيها؟
الإدارة التقنية المؤسسة الغائبة
لم يخل تدبير كرة القدم الوطنية من محاولات لخلق الإدارة التقنية إدراكا لقوتها النافذة وأيضا لقيمتها الإستراتيجية في تدبير كل ما له طبيعة تقنية في كرة القدم، وأبدا لم ترق هذه المحاولات إلى خلق إدارة تقنية وطنية بقيمة ومفهوم المؤسسة، لذلك كانت هذه الإدارة في أوقات متقطعة ديكورا مكملا وخادعا للعين أو لنقل كانت إسما لا يطابق المسمى.
كان هناك في تاريخ الكرة الوطنية مدراء تقنيون، ولكن من النادر جدا أن يشتغل هؤلاء وفق منظور متكامل ووفق إستراتيجية قائمة بذاتها، لذلك كان تاريخ كرة القدم المغربية بمثابة تاريخ لميلادت إما مجهضة أو مشوهة للإدارة التقنية.
لقد سمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على عهد رئيسها الكولونيل إدريس الزموري في الفترة ما بين 1992 و1994 الإطار حسن حرمة الله مديرا تقنيا وكانت هناك مساع لتنزيل هذه الإدارة بأفرعها الأولى لولا أن المشروع أجهض نتيجة لغياب الإمكانيات المادية، والكل يذكر واقعة إستخلاص حسن حرمة الله لمستحقاته المالية بنفسه في سابقة كلفته منصبه وقتذاك.
وبمجيء الجينرال حسني بنسليمان إلى رئاسة الجامعة سنة 1995 كان هناك سعي لخلق إدارة تقنية وطنية بالإستفادة من خبرات الإطار الفرنسي ميشيل هيدالغو الذي كان واحدا من فريق جورج بولون عند إطلاق الإدارة التقنية الأولى من نوعها في فرنسا، وبرغم أن الجامعة نصبت عبد الرحمان السليماني أولا ورشيد الطوسي ثانيا وجمال فتحي ثالثا على رأس ما سمته وقتذاك بالإدارة التقنية الوطنية، إلا أن هذه الإدارة ظلت مجسما على الورق وجسدا بلا روح مما أورث الكرة الوطنية والمنتخبات الوطنية على وجه التحديد مشاكل لا حصر لها، بل أعجزها غياب هوية تقنية متطابقة عن الإنتساب لكبار القارة الإفريقية.
إدارة بضلعين لا أكثر
وكم كنا نأمل أن تصحح الجامعة التي قادها منذ سنة 2009 السيد علي الفاسي الفهري هذا الوضع المختل وتمنح كرة القدم الوطنية المؤسسة التي باتت للآخرين وسيلة عمل لا مناص منها، إلا أنها خلقت إضطراريا جناحين إثنين من الأجنحة الكثيرة لهذه الإدارة، جناح المنتخبات الوطنية الذي أسند للهولندي بيم فيربيك ولم تكن طريقة إشتغاله مكتملة وجناح تكوين وتفييء الأطر الذي منح للفرنسي جون بيير مورلان من دون أن يفضي ذلك إلى وضع الأساسات الكبرى للإدارة التقنية، فما ترك نصفه ضاع كله.
ولم يكن أمرا جديدا على أي مشروع تقويمي يرمي إلى المراكمة وإلى تفعيل الأوراش ذات الأهمية الكبرى أن تبادر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من خلال ربانها الجديد السيد فوزي لقجع إلى التأكيد على أن الإدارة التقنية الوطنية لها الأولوية في مشروع العمل، وأن العمل على تنزيل هذه الإدارة بمقاربة مؤسساتية سيبدأ فور الإنتهاء من تعيين ناخب وطني جديد للفريق الوطني.
فكيف يجري تنزيل هذه الإدارة التقنية اليوم؟
ثلاث مديريات بلا رؤوس
كنا في «المنتخب» من زاوية أننا نمثل لكرة القدم الوطنية قوة نقدية ثم قوة إقتراحية قد ألححنا على شيء كنا نرى أن تأخيره سيزيد في توريم المشكل التقني، ذاك الشيء هو الإدارة التقنية الوطنية التي كان محتما علينا ونحن لا نحتكم لتراكمات بهذا الخصوص، أن ننطلق في بنائها البناء الصحيح من تسمية رؤساء للمديريات التي لها تأثير كبير على المنظومة التقنية وتمس جوهر العمل داخل الإدارة التقنية، وبعد فترة من العمل في وضع أساسات هذه المديريات ننتهي إلى تسمية المدير التقني الوطني الذي تتوفر له الكفاءة والأهلية ليحمل هذه المؤسسة على كتفيه ويمضي بها إلى تحقيق ما نبتغيه من أهداف.
بهذا الشكل فكر المكتب المديري للجامعة، فبدأ بتعيين حسن حرمة الله مكلفا بمديرية التكوين، تكوين الأطر وكل المتدخلين المباشرين في لعبة كرة القدم ممن لهم علاقة بالأجهزة التقنية، تم واصل بتعيين الفرنسي جون بيير مورلان مصادقا على مراكز التكوين ومتتبعا لسيرورة العمل بها إن كانت مراكز تكوين جهوية تابعة للجامعة وللعصب أو مراكز تكوين تابعة للأندية، وكانت الحلقة الثالثة في تنزيل الرؤية هي تعيين ناصر لاركيت على رأس مديرية المنتخبات الوطنية، في انتظار تعيين من يشرف على مديرية الرصد والتتبع والبحث العلمي.
وإذا كان هناك إتفاق على سلامة النهج في طريق تأسيس إدارة تقنية وطنية قائمة الذات ومتمثلة لكل عناصر العمل بما يضمن لها الإستقلالية الكاملة، فإن الإختلاف في طبيعة التعيينات وفي مدى مطابقة هؤلاء الذي تم تنصيبهم في المهام السالفة الذكر للوظائف التي تعاقدوا مع الجامعة من أجل شغلها، فلا أرى شخصيا ما يقنع بوجود الإطار ناصر لاركيت على رأس مديرية المنتخبات الوطنية هو من تكفل لسنوات بكل ما له طبيعة تكوينية وبإدارة مراكز للتكوين، كما أنني لا أستصيغ مثل هذا التعيين في وجود إطار ميداني خبر كرة القدم الوطنية من كل المواقع التي عمل بها، والأمر يتعلق طبعا بالمدرب امحمد فاخر الذي ضيق عليه الخناق بتكليفه فقط بمنتخب المحليين الذي كان منطقيا لأبعد الحدود أن يعهد بتدريبه للناخب الوطني الزاكي بادو ومساعديه.
لقد كان من الأولى والأجدر والأكثر إفادة للإدارة التقنية الوطنية أن يكون امحمد فاخر بمعاونة من يراهم مالكين لمرجعية تقنية على رأس مديرية المنتخبات الوطنية مشرفا على المنتخبات الوطنية ما دون المنتخبين الأول والمحلي.
لماذا التسرع والعجلة؟
إن هذا التسرع في تنصيب الأطر على رأس هذه المديرية أو تلك من دون ضبط كامل للمهام وللوظائف ولسقف الأهداف الذي هو غاية وجوهر كل تعاقد، يمكن أن يكون سببا في تعطيل العمل بورش الإدارة التقنية الوطنية ويمكن أن يكون سببا في تضارب الإختصاصات والتعدي عليها، مما قد يأتي بنتائج عكسية.
إن حاجة كرة القدم الماسة إلى إنجاح مشروع الإدارة التقنية الوطنية يلزم السيد رئيس الجامعة بكثير من التريث والروية، فالمناصب مهما تعددت لا تتحدد أهميتها إلا بحسب الأولويات وبحسب الإمكانيات المرصودة وبحسب ما هو متوفر من كفاءات وبما يضمن نوعا من الإنسيابية والتكامل في بلورة