(أ ف ب) - بعد ثلاث مشاركات مخيبة للامال وغياب محبط عن مغامرة "كارثية" لبلاده في جنوب افريقيا ,2010 نجح كريم بنزيمة اخيرا في فك عقدته مع البطولات الكبرى وفرض نفسه النجم "المطلق" لمنتخب فرنسا بقيادة "الديوك" الى الفوز على هندوراس 3-صفر مساء الاحد في مستهل مشوارهم في مونديال البرازيل 2014.

"انه مهاجم كبير وقد اثبت ذلك", هذا ما قاله انطوان غريزمان عن مهاجم ريال مدريد الاسباني الذي سجل ثنائية ضد هندوراس وكان خلف الهدف الاخر الذي احتسب للحارس خطأ في مرمى فريقه بعد ان ارتدت تسديدة لاعب ليون السابق من القائم قبل ان يحولها نويل فاياداريس في شباكه.

وواصل غريزمان الذي قدم بدوره مباراة مميزة كما حال ماتيو فالبوينا, "امل ان يستمر في مساعدتنا. سنحاول ان نضعه في افضل موقع ممكن (من اجل التسجيل)".

ونجح بنزيمة في فك عقدة فرنسا التي تصدرت المجموعة بفارق الاهداف عن سويسرا الفائزة في الوقت القاتل على الاكوادور 2-,1 في مبارياتها الاولى في كأس العالم حيث لم تسجل اي هدف في النسخات الثلاث السابقة (خسرت امام السنغال صفر-1 عام 2002 وتعادلت مع سويسرا صفر-صفر عام 2006 ومع جنوب افريقيا صفر-صفر عام 2010).

كما افتتح بنزيمة رصيده مع بلاده على صعيد البطولات الكبرى في محاولته الثالثة, اذ لم يسجل في كأس اوروبا 2008 و2012 واستبعد عن تشكيلة مونديال 2010.

وحظي بنزيمة باشادة زميله الاخر ديبوشي الذي قال عنه: "كريم كان جيدا مرة اخرى. هذا امر مفيد بالنسبة لنا, بالنسبة له ولثقتنا بانفسنا. كان حاسما", فيما تحدث عنه لاعب الوسط بول بوغبا: "لطالما قلت انه كبير, وهو دائما ما اظهر ذلك. نحن سعداء بوجوده. امل ان يتمكن من مساعدتنا مجددا".

وسمح بنزيمة لفرنسا بتسجيل ثلاثة اهداف للمرة الاولى في كأس العالم منذ نهائي 1998 امام البرازيل (3-صفر), وهو تحدث بدوره عن المباراة قائلا: "نضع دائما اهدافا لتحقيقها لكن الهدف كان ان نقدم مباراة جيدة على الصعيد الجماعي, ان افوز وان العب الكرة التي احبها دون ضغوط. وهذا ما قمت به هذا المساء".

وتابع بنزيمة الذي سجل اول ضربة جزاء لفرنسا في كأس العالم منذ نهائي 2006 (زين الدين زيدان ضد ايطاليا), "انا سعيد وفخور جدا لكن الامر الاهم هو الانتصار. انا مهاجم, بعضهم يحكم علي بعدد الاهداف التي اسجلها لكن انا شخصيا احكم على الطريقة (طريقة اللعب), وانا سعيد لاننا لعبنا هذه الليلة مباراة جيدة جدا".

وتطرق بنزيمة الذي اصبح اول لاعب فرنسي يسجل ثنائية في كأس العالم منذ ان حقق ذلك زيدان في نهائي ,1998 الى الهدف الثاني الذي احتسب لبلاده بعد الاحتكام وللمرة الاولى الى تكنولوجيا خط المرمى, قائلا: "سددت وارتدت الكرة من القائم ثم ارتطمت بالحارس. رأيت بان الكرة تجاوزت الخط. لا اعلم اذا كان من الجيد لكرة القدم اللجوء الى هذا الامر, لكن ما يهم هو اننا فزنا".

ومن المؤكد ان بنزيمة الذي دخل الى نهائيات البرازيل بعد ان قدم افضل موسم له مع ريال مدريد في 5 اعوام (24 هدفا في جميع المسابقات) وساهم في قيادته الى لقبه العاشر في دوري ابطال اوروبا, استفاد من المساندة الهجومية المميزة التي قدمها له غريزمان وفالبوينا, كما "تحرر" نفسيا بعض الشيء بسبب غياب فرانك ريبيري عن مغامرة البرازيل بسبب الاصابة, وذلك لان صانع العاب بايرن ميونيخ الالماني كان يخطف الاضواء من جميع زملائه.

ويسعى بنزيمة في البرازيل الى اثبات قيمته حيال ريال مدريد الذي لم يجدد حتى الان العقد الذي يربطه به حتى الصيف المقبل, وذلك في ظل الحديث عن سعي النادي الملكي لضم الاوروغوياني لويس سواريز.

ارتقى بنزيمة الذي استحق تماما نيله جائزة افضل لاعب في المباراة, اخيرا الى مستوى التوقعات والامال المعقودة عليه في بلاده تحت اشراف المدرب ديديي ديشان بعد ان عانى سابقا مع ريمون دومينيك ثم لوران بلان.

من المؤكد ان بنزيمة يخوض مشاركته الاولى في العرس العالمي وهو شخص مختلف تماما عما كان عليه في 2008 و,2012 وذلك بعد ان فرض نفسه مع فريقه الريال كعنصر اساسي لا غنى عنه وابرز دليل اضطرار الارجنتيني غونزالو هيغواين الى البحث عن فريق اخر (نابولي الايطالي) من اجل ان يحظى بفرصة اللعب اساسيا في ظل وجود مهاجم ليون السابق.

بنزيمة يضع نصب عينيه ان يكون خير خلف لمهاجمين من طراز تييري هنري ودافيد تريزيغي وكريستوف دوغاري الذين ساهموا بقيادة "الديوك" الى تتويجهم العالمي الاول عام 1998 على ارضهم ثم الى احراز كأسها الاوروبية الثانية عام 2000.

من المؤكد ان بنزيمة لا يتحسر الان على حرمانه من المشاركة في مونديال 2010 بل "يتوجب" عليه ان يشكر دومينيك الذي جنبه خوض هذه التجربة المريرة التي عاشها جميع افراد المنتخب في اول مونديال في القارة الافريقية, وذلك ليس بسبب الخروج المبكر من الدور الاول وحسب بل بسبب المشاكل التي عصفت في معسكره وعصيان لاعبيه بعد طرد زميلهم نيكولا انيلكا لشتمه المدرب.

يخوض بنزيمة (26 عاما) موندياله الاول في فترة كروية مثالية بالنسبة له لانه وصل الى مرحلة النضج الذي ترجمه بافضل طريقة خلال الموسم المنصرم مع ريال مدريد بتسجيله 17 هدفا في 35 مباراة في الدوري و5 في مسابقة دوري ابطال اوروبا التي توج بها النادي الملكي للمرة الاولى منذ 2002 والعاشرة في تاريخه, اضافة الى هدفين في مسابقة الكأس التي احرزها فريقه على حسابه غريمه الازلي برشلونة.

لم تكن مسيرة بنزيمة سلسلة منذ انضمامه الى ريال مديد عام 2009 مقابل 35 مليون يورو, وذلك خلافا للمشوار الرائع الذي قضاه مع ليون حيث توج معه بلقب الدوري المحلي اربع مرات وتوج معه هدافا خلال موسم 2007-2008 الذي شهد اختياره ايضا افضل لاعب في "ليغ 1".

لم يكن بنزيمة مستعدا ذهنيا وبدنيا للدفاع عن الوان فريق من طراز ريال مدريد الذي تعاقد في الفترة ذاتها مع النجمين البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي كاكا, كما انه عانى اجتماعيا في العاصمة الاسبانية لانه لم يكن يعرف اللغة.

والامر الذي عقد من مهمة بنزيمة في النادي الملكي هو وجود هيغواين الذي فرض نفسه اساسيا في التشكيلة, ثم اعتقد المهاجم الفرنسي ان الوضع سيتغير مع وصول المدرب البرتغالي جوزي مورينيو الى الفريق في صيف 2010.

لكن الامور اصبحت اكثر صعوبة بسبب صرامة مورينيو الذي لم يكن راضيا على التزام وجدية بنزيمة, وذكرت صحيفة "ماركا" احد الانتقادات التي وجهها للاعبه خلال حصة تمرينية: "يجب ان اجعل التمارين في منتصف اليوم لانك تصل نائما عند العاشرة صباحا ولا يتغير وضعك في الحادية عشرة ايضا".

في فرنسا, كان لاعب الوسط الدولي السابق لوران بلان قد استلم مهام الاشراف على المنتخب خلفا لدومينيك وكان واضحا حيال اعتماده على بنزيمة في التشكيلة الاساسية ل"تريكولور" رغم انه كان لا يزال مهمشا في ريال مدريد.

كانت نقطة التحول في منتصف موسم 2010-2011 عندما تعرض هيغواين للاصابة, فوجد مورينيو نفسه مجبرا على اللجوء الى بنزيمة خصوصا بعد ان رفضت ادارة النادي الملكي التعاقد مع مهاجمين جدد, وحرص المهاجم الفرنسي على الاستفادة من الوضع بافضل طريقة ممكنة ونجح في تحقيق مبتغاه بعدما شكل شراكة متفاهمة مع رونالدو ما ساهم في تسجيله 26 هدفا خلال الموسم.

نجح بنزيمة بالتالي في اجبار مدربه البرتغالي على الثقة بقدراته, مرتقيا الى مستوى الامال التي عقدها عليه مدير النادي السابق الارجنتيني خورخي فالدانو الذي دافع منذ البداية عن المهاجم الفرنسي الذي كاد ان يتسبب بازمة حقيقية في النادي لان فالدانو وثق بقدراته وشدد على اهمية الاستعانة به بشكل اكبر, في وقت كان مورينيو يطالب بضرورة تعزيز صفوف الفريق بمهاجم جديد من العيار الثقيل.

استعاد بنزيمة الابتسامة التي غابت عن محياه والثقة بالنفس ودفع مورينيو الى الاعتماد عليه بشكل دائم حتى بعد عودة هيغواين الى الملاعب, وكان الفرنسي خلال موسم 2011-2012 عند حسن ظنه اذ ساهم بشكل اساسي في فوز النادي الملكي بلقب الدوري المحلي باهدافه ال21 وتمريراته الحاسمة ايضا (7).

ما هو مؤكد ان بنزيمة استوعب حجم المسؤولية الملقاة على اي لاعب يرتدي القميص الملكي الشهير وخصوصا اذ كان المدرب من طينة مورينيو الذي اضطر لترك منصبه والعودة الى تشلسي الانكليزي بعد موسم مخيب للنادي الملكي تجسد ايضا بالمساهمة المتواضعة لبنزيمة (11 هدفا في الدوري).

غادر مورينيو وبقي بنزيمة كعنصر اساسي في تشكيلة المدرب الايطالي كارلو انشيلوتي الذي سيحاول جاهدا الاحتفاظ به لكنه قد لا ينجح في ذلك اذ وجد الاخير نفسه مجددا يقاتل من اجل مركزه في حال تعاقد النادي الملكي مع الاوروغوياني لويس سواريز.