من المأثور أن محمد بن لحسن عفاني الملقب ب «الأب جيكو» ما فكر وهو يرحل سنة 1955 عن الوداد البيضاوي التي كان من مؤسسيها سنة 1939 ليقود الرجاء البيضاوي التي سبق تأسيسها ذاك التاريخ بست سنوات، إلا لكي يجعل البيضاء لا تتنفس غير حمرة الوداد الجميلة ولكن تضيف إليه عبق وأريج خضرة الرجاء الدالة على جمال وبهجة الربيع، وفي ذلك يكون للدار البيضاء التي عشقها وأحبها برغم أن أصوله سوسية جناحان يحلقان بهما إلى سماء العالمية من خلال ديربي بين أحلى غريمين.

عشق الأب جيكو بقلب وفكر ووجدان المثقف الوداد فوهبها الكثير من إبداعاته، كيف لا وهو من سقى مع آخرين بذرة الحياة الأولى، ولكنه أودع ما إستلهمه في رحلة السنوات الطويلة التي كان فيها شغوفا بالمعرفة الرياضية والكروية على وجه الخصوص في الرجاء التي جعل منها مدرسة الفن الرفيع، ولا أجدني متفقا مع من ذهب إلى القول بأن الأب جيكو تحت حالة من الإحباط واليأس لما شعر به في البيت الودادي ذهب إلى تقديم الرجاء الأخضر في صورة الغريم إنتقاما لكبرياء مجروح وإلى أنه جعل الدار البيضاء تنقسم بين مناصر للوداد ومناصر للرجاء، لأنه في الحقيقة هندس شيئا أروع وأرقى من ذلك بكثير فقد أعطى للدار البيضاء التي كانت على الدوام مدينة جهادية وقيادية وحاملة لشعار الإبداع ديربيا وجد لنفسه مع مر السنين مكانا بين ديربيات العالم، بل إنه لروعة ما أصبح يقدمه من لوحات كاليغرافية وما يبعث به من رسائل مستوحاة من الإبداع المغربي الأصيل واحدا من الديربيات الكونية.

ADVERTISEMENTS

ومثلما أنه قدر للعبقري «الأب جيكو» أن يظل إسما محفورا في الذاكرة ومثبتا في تاريخ كرة القدم الوطنية كعلامة تقنية ورياضية وفكرية مميزة تعكس قيمة الشغف ويأتي ذكره كلما إستطلعنا النيازك الأولى التي أطلت بالوداد والرجاء في سماء كرة القدم الوطنية، فإنه مع كل مولد نسخة جديدة من ديربي الوطن بين الكبيرين الوداد والرجاء لا بد وأن نستحضر روح المرحوم «الأب جيكو» الذي ما شقي وما إجتهد لسنوات من عمره إلا ليخلد إسم البيضاء في أسماع عالم كرة القدم.

في صون وحماية الديربي إكرام لروح «الأب جيكو».

بدرالدين الإدريسي  

ADVERTISEMENTS