المنتخب: بدرالدين الإدريسي
من كان يظن أن الديربي البيضاوي في نسخته 119 سيشد عن القاعدة ويقدم لنا مباراة تتناسق فيها فرجة المدرجات وفرجة الأقدام فقد كان واهما أو يطلب مستحيلا، على اعتبار ان ما هو متوفر اليوم من فرديات بشرية ومن اجناس تكتيكية لا يؤهل قطعا باسترجاع الزمن الجميل الذي كانت فيه مباريات الديربي عبارة عن لوحات تكتيكية جميلة يرسمها بمنتهى السخاء لاعبون بملكات تقنية رائعة.
ديربي اليوم لم يكن الإستثناء، بل كان قاعدة لما توعدناه في السنوات الاخيرة، فبينما نجحت جماهير الوداد والرجاء في تصميم لوحات كاليغرافية جميلة تتبث هذا الديربي في صدارة ديربيات العالم عجز اللاعبون مجددا بمعية أطقمهم التقنية عن إهدائنا الطابق الكروي الذي يتناسب مع حجم الحدث، وكأن هذا الديربي جاءنا عبارة عن عملة بوجه واحد وليس بوجهين، فالوجه الذي ظل يحضر دائما هو ما أبدعته الجماهير من تيفوات أما الوجه المطمور والغائب أو المغيب فهو الأداء التقني الجماعي والفردي على حد سواء، ذلك أن مباراة الديربي جاءت كالعادة مشنوقة تكتيكيا بسبب الخراسانات الدفاعية المنصوبة من قبل الفريقين، إذ أن ما نجح فيه اللاعبون بامتياز هو نصب المشانق الدفاعية بالتغطية الصارمة للمنطقة وبالمراقبة الشديدة على مفاتح اللعب ما أبطل مفعول العيارات الهجومية لكل من الوداد والرجاء.
فإذا كنا قد سجلنا في الشوط الأول ندرة على مستوى نجاعة الفرص لضعف المتخيل التكتيكي ولغياب لاعبين بشخصيات قوية على مستوى الخلق الهجومي، فإننا سنسجل في الشوط الثاني انتعاشة نسبية مصدرها التغييرات التي ألحقها طوشاك في الترسانة البشرية بإدخال الحداد وأوناجم وبقليل من الذكاء والتركيز كان بمقدور الوداد خطف النقاط الثلاث والفوز بمباراة كان المنطق يفترض أن تنتهي بالتعادل وقد انتهت كذلك لتترك لدينا الكثير من الحسرة على أن كرة القدم الوطنية تفتقد للمبدعين وللاعبين المبادرين وللمهاجمين الخلاقين، فإذا كان ديربي الدار البيضاء هو فعلا مرآة عاكسة لكرة القدم الوطنية فقد أظهر فعلا أننا نعيش زمن البؤس الكروي.