ما أجمل أن نرسم الأحلام ونعيشها في الواقع 
لو كنت أستطيع الطيران فرحا لفعلت ذلك وأنا أسجل للأسود
ما كان يهمنا في لقاء باطا أن نضمن التأهل وقد ضمناه

حاوره بباطا: جلول التويجر
إن كان هناك لاعب أبدى رغبة جامحة في دخول عرين أسود الأطلس وقدم من أجل ذلك إشارات وتضحيات، فهو بالتأكيد الفتى الفارع الطول ياسين بامو الذي أصر أولا على ركوب صهوة التحدي لتحقيق مراده بلعب كرة القدم على المستوى العالي، وهو ما تحقق له بالإنضمام لنادي نانط الفرنسي والذي أصر ثانيا على أن يصل إلى عرين أسود الأطلس ليحمل القميص الذي لطالما حلم به.
لياسين بامو قصة مثيرة مع كرة القدم، بل إنها تكاد تكون أكثر القصص روعة عند السرد، فهذا الفتى كما كان يمعن النظر في كبار نجوم كرة القدم عندما كان مجرد بائع في محلات باريس سان جيرمان ويتمنى أن يكون إلى جوارهم كان أيضا كلما شاهد مباراة للفريق الوطني إلا وارتفعت نبضات قلبه وقد كان لديه حنين كبير لأن يصبح ذات يوم أسدا بين الأسود.
ياسين بامو استطاع بفعل الإصرار والإرادة أن يحقق مبتغاه في أن يصبح واحدا من مشاهير الدوري الفرنسي وفي أن يصبح كذلك لاعبا يحمل آمال المغاربة وهو يمثل الفريق الوطني ليتمكن من أول مباراة رسمية له رفقة الأسود من توقيع هدفه الدولي الأول.
«المنتخب» جالست ياسين بامو وسافرت معه إلى كل العوالم الجميلة التي صممها في خياله وأدركها على أرض الواقع.
ــ المنتخب: ياسين بامو، هذا حلم جميل يتحقق وأنت ترتدي قميص الفريق الوطني؟
ياسين بامو: بالطبع أنا أسعد الناس بهذا الذي أعيشه حقيقة اليوم وقد كان حلما يغازل مخيلتي خلال سنوات مضت، لا أستطيع أن أجسد مدى السعادة التي أستشعرها وأنا اليوم أحمل قميص الفريق الوطني، وللأمانة أتمنى أن تطول هذه اللحظة أكثر مما أتصور.
ــ المنتخب: بدأت في تحقيق حلمك باللعب في صف الكبار وأنت تنضم لنادي نانط الفرنسي، ولكن أن تحضر بهذه السرعة إلى عرين الأسود، فهذا ما نريد أن نعرف سره منك؟
ياسين بامو: لا أعتقد أن هناك سرا بقدر ما أن هذا الذي يحدث هو مكافأة فعلية لعمل ومجهود كبير قمت به من أجل أن أطور إمكانياتي وأن أحضر بانتظام مع فريق نانط برغم كل الصعوبات التي نستشعرها كلاعبين في ظل وجود منافسة قوية على كسب الرسمية، كنت أعرف أن الناخب الوطني يضع عينه علي، لذلك اجتهدت من أجل أن أنال الرسمية داخل فريق نانط لأنها كانت خياري الوحيد لأدخل في صلب اهتمامات السيد الزاكي بادو، وعندما يكافأ لاعب بالصورة التي كوفئت بها شخصيا فهذا معناه أن هناك من يقدر العمل والجهد وأن لا طريق لحيازة مقعد بين أسود الأطلس سوى طريق العمل ثم العمل.
ــ المنتخب: ظهرت مرة ثم اختفيت من مفكرة الناخب الوطني، وعندما عدت ابتسم لك الحظ فسجلت أول أهدافك الدولية في مباراة غينيا الإستوائية بأكادير، هل تشعر أن هناك عدالة ما تحققت؟
ياسين بامو: لا بد أن نقدر جيدا الدور الذي يضطلع به أي ناخب وطني، فهو يختار بين قاعدة كبيرة من اللاعبين الأفضل والأكثر جاهزية، وبالطبع عندما قدمت إشارات قوية على أن جاهزيتي اكتملت وأن تنافسيتي مع نادي نانط وصلت إلى مستويات قياسية نادى علي، بمعنى أنه عندما نفتقد للجاهزية وتضعف التنافسية فلا يسأل الناخب الوطني عن عدم مناداته علينا، عموما حضرت هذه المرة وكانت لي الفرصة لكي أدخل احتياطيا خلال مباراة أكادير أمام غينيا الإستوائية، وتمكنت من افتتاح حصة التسجيل دوليا والأكيد أنني لا أريد أن أقف عند هذا الحد.
ــ المنتخب: لذلك عبرت بتلك الفرحة الهستيرية عن سعادتك بتسجيل هدفك الدولي الأول؟
ياسين بامو: لو كان بمقدوري أن أطير فرحا لفعلت ذلك، لأن السعادة التي نستشعرها ونحن نسعد جماهيرنا المغربية وهي بالملايين لا يمكن قطعا أن توازيها أي سعادة أخرى، وعندما نستقرئ حصيلة المباراتين معا أمام غينيا الإستوائية سنجد أن هذا الهدف الذي أدخلني التاريخ هو ما مكن الفريق الوطني في النهاية من حجز مكانه في دور المجموعات.
صحيح أننا لا نقوم داخل الملعب سوى بواجبنا كلاعبين، ولا نكمل كمهاجمين سوى عمل قام به الفريق بكامله، إلا أن هذا الهدف سيرافقني مهدى الحياة.
ــ المنتخب: أعطيتم الإنطباع في مباراة أكادير أمام غينيا الإستوائية على أن لكم القدرة لحسم التأهل من دون كثير من المتاعب، لكن الأمر اختلف في باطا عندما قدمتم مباراة سيئة وقد لعبتها أساسيا؟
ياسين بامو: في مثل هذه المواجهات يكون الهدف الأول الذي لا يعلو عليه أي هدف آخر هو أن نحقق التأهل، ففي مثل هذه المباريات القيمة الكبرى تكون للنتيجة وليس للأداء، ولكن هذا لا يعني أنني بصدد تبرير الأداء المتوسط الذي ظهرنا به أمام منتخب غينيا الإستوائية بباطا، لقد كان علينا أن نواجه خصما لم نكن نعرفه ولا نستطيع أن نتخلص منه بسهولة، بالقطع لم يكن هذا الخصم هو منتخب غينيا الإستوائية ولكن الرطوبة العالية التي سادت المباراة والتي عطلت كثيرا من القدرات البدنية للاعبين الذين لم يتعودوا على اللعب في مثل هذه الظروف المناخية، لقد أخذنا تعليمات من الناخب الوطني باللعب بكامل الإحتراز وعدم المجازفة بالتراجع للوراء ووجه تعليماته لنا كمهاجمين بأن نكون أول المدافعين والمضيقين للخناق على دفاع منتخب غينيا الإستوائية، إلا أننا في النهاية لم نقدم المستوى الفني الذي يرضى عنه المغاربة وإن كنت أقول أن هامش التطور عند هذا المنتخب كبير جدا، ولا بد أن نثق به ونعطيه ما يستحق من دعم ومؤازرة.
ــ المنتخب: صحيح أننا تخلصنا بأعجوبة من منتخب غينيا الإستوائية، ولكن دور المجموعات سيضعنا أمام منتخبات قوية؟
ياسين بامو: أنا أعتقد أن لكل مباراة حقائقها وخصوصياتها أيضا ولا يمكن أن نستبق الأحداث، قد لا نكون قدمنا صورة جيدة بباطا ولكن هذا لا يعني أننا سنكون بنفس الأداء في مباريات قادمة، أنا واثق أننا سنكبر مع المنتخبات الكبيرة والأمل كبير طبعا في أن نصالح كرة القدم الوطنية مع كأس العالم التي أبدعت في النسخ الأربع التي حضرتها وشرفت خلالها كرة القدم الإفريقية.
ــ المنتخب: ولكن هناك أيضا حلم الوصول إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2017، فهل تعتقد أننا أصبحنا قريبين من ذلك؟
ياسين بامو: فوزنا في أولى مبارياتنا على ساوطومي وليبيا ونحن اليوم نتساوى في النقاط مع منتخب الرأس الأخضر، وحثما ستكون مواجهتنا له شهر مارس القادم حاسمة ومصيرية، وبمشيئة الله سنعبر هذا الحاجز وسنضمن بشكل مبكر تأهلنا لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2017.
ــ المنتخب: هناك من يشبهك بطيب الذكر مروان الشماخ، هل يروق لك أم يضايقك هذا التشبيه؟
ــ ياسين بامو: لي كامل الشرف أن أشبه بلاعب كبير مثل مروان الشماخ، الذي يعتبر من القمم الكروية الوطنية ومن اللاعبين الذين استماتوا في الدفاع عن القميص الوطني وكان من نجوم كأس إفريقيا للأمم 2004، بل إن مشواره كلاعب مع الأندية التي تعاقب عليها يقول بأنه لاعب كبير، وأنا أطمح لأن أحقق هذا الذي حققه سواء مع الفريق الوطني أو مع الأندية الأوروبية.
ــ المنتخب: لنعد إلى ناديك نانط الفرنسي الذي أصبحت من توابثه، هل أنت راض الآن على ما حققته مع الكناري؟
ياسين بامو: يشرفني الإنتماء إلى فريق يوصف على الدوام بأنه من كبار الأندية الفرنسية ومن أكثر الأندية إنتاجا للاعبين الكبار، لقد احتضنني نانط بكامل الحب ووضعني تحت رعاية مركزة وأنا معه أتعمل الشيء الكثير وأتطور بوثيرة متسارعة، ويهمني أن أحقق معه ما يضمن لي بعد ذلك اللعب في مستويات أقوى وأعلى لطالما أن الطموح لا يتوقف عند هذا الحد الذي بلغته.
ــ المنتخب: هل يستهويك اللعب ببطولة أوروبية أخرى غير البطولة الفرنسية؟
ياسين بامو: البطولة الفرنسية مشهود لها بجودة التكوين فقد قدمت للبطولات الأربع الكبرى بأوروبا (الألمانية ـ الإنجليزية ـ الإسبانية والإيطالية) الكثير من اللاعبين الذين برزوا بشكل مبهر، فلذلك أنا سعيد كون أنني نبتت في هذه البطولة وأسعى إلى تطوير إمكانياتي وأنا على يقين كامل من أن هناك عيونا تترصدني باستمرار، والأكيد إذا ما طورت ملكاتي الفنية سأتمكن إسوة بكل اللاعبين الطموحين من تحقيق حلم اللعب بإحدى البطولات الأوروبية الكبرى، فاللاعب بطبعه ثواق لأن ينافس على الألقاب المحلية والأوروبية على حد سواء.
ــ المنتخب: ألم تتعرض أنت الآخر لمحاولات من أجل جرك للعب مع المنتخبات الفرنسية؟
ياسين بامو: شخصيا لم يحدث معي هذا وحتى إن حدث فإنني ما كنت لأكثرت به، فأنا مغربي حتى النخاع وأبدا لم يكن هناك من طموح يرافقني وأنا في سن صغيرة أكثر من طموح أن ألعب للفريق الوطني، لقد كنت على الدوام أنتظر فرصة الحضور مع الفريق الوطني لأنني كنت أؤمن بمدى الجهد الذي أبذله لتطوير إمكانياتي وهذا الأمر تحقق ويعفيني من أن أفكر في أي شيء آخر.
ــ المنتخب: كشفت في أكثر من مرة عن حبك لفريق الوداد من أين جاء تعلقك بالفريق الأحمر؟
ياسين بامو: عائلتي كلها ودادية وبالطبع فأنا ودادي بالوراثة والسليقة، وأنا سعيد من أن الوداد توج الموسم الماضي بلقب البطولة وهو اليوم يحقق نتائج جيدة جدا وأتمنى أن يكون له حضورا أقوى في عصبة الأبطال الإفريقية، وأنا باستمرار من المناصرين له.
ــ المنتخب: نتركك في مساحة حرة..    
ياسين بامو: ليعذرنا الجمهور المغربي إن كان هناك تقصير ما في المباراة الأخيرة بباطا وأنا أقول له أن ما حدث كان فوق إرادتنا كلاعبين، إلا أننا سنعمل على تقديم صورة أجمل في المباريات القادمة ونثق ثقة كاملة في أن أي إنجاز وأي فوز وأي أداء جيد لا يمكن أن يكون بدون أن تغمرنا الجماهير المغربية وهي بالملايين بحبها وعطفها.
ولا أنسى أن أشكر جريدة «المنتخب» الورقية والإلكترونية على أنها كانت دائما متابعة لأخباري تترصدني وتقدم كل جديد عني للقراء المغاربة، وأتمنى صادقا أن أكون عند حسن ظنكم وظنهم.