المنتخب: جلول التويجر
الحوار الحصري مع القيصر والعميد المهدي بنعطية فيه الكثير من المعاني والدلالات، لكونه يظل أبرز مدافع على الإطلاق في المرحلة الراهنة برغم الإصابة التي تغيبه عن الميادين الرياضية بين الفينة والأخرى، ولكونه يثير الأنظار كلما كان حاضرا على رقعة الميدان.
في هذا الحوار يتحدث المهدي بنعطية عن مشواره مع المنتخب الوطني وحظوظه في منافسات كأس العالم وكأس إفريقيا للأمم، وهما محطتان مهمتان للمنتخب الوطني الذي يجب عليه تقديم أفضل المستويات وإقناع الجمهور المغربي.
كما عرج بنا الحديث على تجربته بالنادي الألماني بايرن ميونيخ، كيف عاش الموسم الأول عندما توج معه بالبوندسليغا وبلغ معه نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، وما هي طموحاته معه هذا الموسم، وماهو رأيه في مدربه غوارديولا؟
كل هذه الاسئلة حملناها للقيصر المهدي بنعطية، تابعوا تفاصيلها:
- المنتخب: عانينا كثيرا من أجل أن نحقق تأهلا إستراتيجيا وصعبا أيضا أمام غينيا الإستوائية؟
بنعطية: بالطبع في مثل هذه المباريات لا يمكن أن نتوقع تأهلا سهلا، لقد كان علينا أن نحسم الأمور بميداننا قبل أن ننتقل للعب بميدان الخصم، وهو ما فعلناه بشكل نسبي ونحن نفوز بأكادير بهدفين للاشيء، في مباراة باطا حاولنا قدر المستطاع أن ندبر المباراة بشكل ذكي حتى نضمن المرور إلى دور المجموعات، وقد واجهنا في ذلك صعوبات كثيرة على اعتبار أن المنتخب الغيني الإستوائي لم يكن قد أنزل أيديه بل أبدي عن شراسة كبيرة في الدفاع عن حظوظه ونجح في تسجيل الهدف الأول مبكرا ما أعطاه ثقة كبيرة بنفسه، عموما استطعنا أن نسل شعرة من العجين وأن نحقق التأهل الذي هو أهم ما في الموضوع.
- المنتخب: توقعتك أن يظهر منتخب غينيا الإستوائية بباطا وجها مختلفا عن ذاك الذي قدمه بأكادير؟
بنعطية: بكل تأكيد وقد قلت هذا مع نهاية مباراة أكادير، فبرغم فوزنا بالهدفين إلا أن المنتخب الغيني الإستوائي أظهر أن له مقدورات فردية وجماعية محترمة، فبرغم ما يقال عن أن هذا المنتخب متواضع ولا يضم بين صفوفه لاعبين كبار إلا أننا لا يجب أن ننسى بأن هذا المنتخب احتل المركز الرابع في آخر نسخة لكأس إفريقيا للأمم التي استضافها على أرضه، وهذا مؤشر على أنه منتخب واعد، وبالعودة لمباراة باطا سنلمس على أن هذا المنتخب كان له ردة فعل قوية، لقد آمن بحظوظه إلى أبعد الحدود.
- المنتخب: التأهل لدور المجموعات سيضع الفريق الوطني في مواجهة كبريات المنتخبات الإفريقية، هل تعتقد على أن لنا كل المقومات لننافس على بطاقة التأهل لكأس العالم؟
بنعطية: اليوم نحن في عداد المؤهلين لدور المجموعات وفي انتظار أن نعرف المنتخبات الثلاثة التي ستنافسنا على البطاقة المونديالية يجب أن نواصل العمل بثقة كبيرة في النفس ولا نلتفت للوراء، صحيح أننا لم نقدم في مباراة الإياب الأداء الذي يرضى عنه المغاربة، لكن يجب الأخذ بعين الإعتبار السياقات الزمنية التي لعبنا فيها المباراتين معا ويجب مراعاة أن الفريق الوطني افتقد لأربعة من لاعبيه الأساسيين بمعنى أن ثلث التشكيلة الرسمية كان غائبا، أنا لا ألتمس الأعذار ولكن من طبعي أن أتوجه إلى ما هو مستقبلي، وما هو مؤكد اليوم أننا سندخل المرحلة الأخيرة من التصفيات المونديالية وعلينا أن نؤمن بحظوظنا فمباريات كرة القدم تلعب على البساط الأخضر وليس على الورق.
- المنتخب: الـمنتخب الوطني الـمغربي يجد صعوبة كبيرة في تحقيق فوز مريح في مبارياته، ما هي أسباب ذلك في نظرك؟
بنعطية: أولا لا بد من الإشارة إلى أن في القارة الإفريقية تغيرت مستويات المنتخبات ولم يعد هناك منتخب صغير وآخر كبير، الكثير من الجماهير دائما تنتظر من المنتخب الوطني أن يفوز بأربعة أهداف أو خمسة، لكن الأهم في الأخير هو الحصول على ثلاث نقاط، نتوفر على لاعبين من المستوى العالي ، وهدفنا كما تحدثت مع كل اللاعبين هو إعادة الـمنتخب الوطني المغربي للواجهة والمنافسة على لقب قاري، لأن بلدا كالمغرب يستحق منا الكثير من التضحيات.
- الـمنتخب: قربنا من طريقة إشتغال الزاكي بادو وأنت الذي لعبت تحت إمرة عدة مدربين تعاقبوا على المنتخب الوطني، كيف تجد العمل معه وما هي الإضافة التي قدمها للفريق الوطني؟
بنعطية: أنا من عادتي أكن الإحترام لكل الــمدربين الذين إشتغلت وأشتغل معهم، لكن صدقني الزاكي مدرب كبير وقادر على تحقيق الـمزيد من النتائج الإيجابية مع الـمنتخب الوطني الـمغربي، بعدما خلق أجواء رائعة بالـمنتخب الوطني وأتمنى من اللاعبين كل من جهته أن نلعب بروح وطنية لكي نسعد الجمهور الـمغربي الذي نعرف أنه ينتظر منا الكثير كي نقدمه له.
- المنتخب: هل فعلا قمت بتحفيز اللاعبين قبل مباراة غينيا الإستوائية؟
بنعطية: أمر التحفيز يحضر دائما داخل المنتخب الوطني سواء من طرف الناخب الوطني الزاكي بادو أو اللاعبين أنفسهم بدون أن ننسى المسؤولين الجامعيين، المنتخب الوطني يجب أن يبقى دائما في أجواء مريحة حتى يتمكن اللاعبون من تقديم الأداء المطلوب، لقد كان من المفروض علينا التعبئة لنكون عند حسن ظن الجمهور المغربي الذي أعرف أنه يعشق حتى النخاع المنتخب الوطني.
- المنتخب: ما هي أمنياتك مع المنتخب الوطني؟
بنعطية: بكل إختصار التأهل لكأس العالم التي لم نلعبها منذ 1998، لكوننا نتوفر حاليا على جيل رائع، ثم الفوز بكأس إفريقيا التي لم نفز بها منذ 1976، صحيح ما أقوله قد يكون صعبا للغاية بكن بالطموح والعزيمة والإرادة يمكن تحقيق ذلك، وبالإجتهاد لانه اليوم لم يعد أي شيء سهل، كل المباريات أصبحت صعبة وكل المنتخبات طورت من أدائها، ويجب إحترامها، الأجواء حاليا داخل المنتخب جيدة بقيادة الناخب الوطني الزاكي بادو، وعلينا إستثمار هذه الاجواء مع هذا الجيل الجديد الذي سيحمل مشعل الكرة المغربية في المستقبل، لذلك أقول بكل صراحة علينا إستثمار هذه المرحلة جيدا، والحفاظ على صورة المغرب كرويا لكونه أنجب رموزا كبيرة، ونضعه في الصورة التي يستحقها.
- الـمنتخب: العديد من الجماهير المغربية تلقبك بــ «نيبت الجديد»، هل وضعت نفسك في الـمقارنة معه يوما؟
بنعطية: من عادتي ألا أضع نفسي في ميزان المقارنة مع أي لاعب، نيبت لاعب كبير أحترمه كثيرا لكونه قدم للكرة المغربية الشيء الكثير، وأتمنى أن أسير بثبات في مسرتي الكروية على منواله، لقد شاهدت بعض الفيديوهات في مبارياته مع ديبورتيفو لاكورونيا لقد كان أفضل مدافع في العالم في مركزه، وعرفته عن قرب عندما كان مستشارا لرئيس الجامعة السابق علي الفاسي الفهري.
- المنتخب: طيلة الأيام الـماضية لا حديث في الصحف العالـمية وبالضبط الإيطالية إلا عن إمكانية عودتك للبطولة الإيطالية عبر بوابة الأنتير أو روما أو جوفنتوس، وقبل ذلك ريال مدريد وبرشلونة، ما صحة هذه الأخبار؟
بنعطية: ما يمكنني أن أقوله بخصوص هذا الموضوع أن هناك إجتهادات إعلامية، أنا حاليا لاعب بايرن ميونيخ وكل حديث عن إنتقالي لفريق آخر هو من باب الإجتهادات، ثم أنا أركز كل إهتماماتي على المنتخب الوطني الذي يجب أن يكون حاضرا في كأس إفريقيا القادمة ثم كأس العالم الذي غبنا عنها لمدة طويلة، أنا سعيد داخل بايرن ميونيخ لأنه ناد كبير تحصلت معه على لقب البطولة الألـمانية ولعبت رفقته نصف نهائي عصبة الأبطال الأوروبية، أقضي معه موسمي الثاني وأمامي ثلاث سنوات أخرى، وهدفي القادم هو مواصلة حصد الألقاب مع البايرن، لهذا أقول لك بأن مجال الحديث عن عروض سابقة لأوانها تبقى مجرد شائعات لا أريد الخوض فيها حاليا.
وفي الجانب الآخر لا يمكنني أن أجزم بأنني باق بصفة رسمية ومؤكدة مع بايرن ميونيخ، ولا يمكن أن أصرح بأنني سأرحل صوب فريق آخر، والذين يربطون مشواري بريال مدريد أو روما أو أندية كبيرة هو فخر لي ولمشواري الكروي، إنها أمور رائعة قرأت عنها في الصحف لكنني لا أركز عليها كثيرا، في عالم كرة القدم هناك مستجدات يومية لذلك لا أريد أن أتسرع وأقول أشياء لا يمكن أن تحصل، تعلمت في الإحتراف أن لا آخذد إلا بالأشياء الرسمية فقط.
- الـمنتخب: بعيدا عن موضوع الإنتقالات، كيف هي علاقتك بالـمدرب الإسباني بيب غوارديولا، وهل فعلا كان هناك نقاش أثير حول عدم التفاهم بينكما، وماذا إستفدت من منه؟
بنعطية: أولا لا بد من التأكيد على أن غوارديولا كان لاعبا رائعا وهو اليوم واحد من أكبر الـمدربين في العالم وفي حوزته عدة ألقاب، بخلاف ما كانت قد نشرته الصحف سابقا فهو يرتاح لي كثيرا وأتطور معه بإستمرار، وأنا سعيد بأن أكون ضمن كتيبته في البايرن، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المشكل الوحيد الذي كان يعترضني هو تعرضي لبعض الإصابات في الموسم الماضي ثم الحالي وهو ما كان يقلقه كثيرا كونه كان محتاجا لي بشكل كبير، أنا أحترم غوارديولا لأنه أضاف لي الشيء الكثير في مشواري الكروي، والحمد لله أنني عدت بعد الإصابة التي كانت قد أبعدتني عن البايرن والمنتخب الوطني، بيب يتواصل بشكل جيد ويتحرك كثيرا، يشرح لك ما يريده منك بتدقيق مفصل، يعرف ماذا يريد أن يطلب منك في الحصص التكتيكية، غوارديولا مدرب لا تهمّه النتيجة فقط، بل تهمّه الطريقة، التي نلعب بها، بالنسبة له هو يفضل أن نفوز بهدف وبأداء جيّد، على أن نفوز بمحض الصدفة بثلاثة أهداف نظيفة، إنّه يفضل اللّعب بطريقة جميلة بالنسبة لخطّ الدفاع، يحبّذ غوارديولا أن ندخل في عمق نصف ملعب الخصم أن نشارك في اللّعب، ففي إيطاليا ينبغي على المدافعين القيام بواجباتهم الدّفاعيّة ولكن عند بيب غوارديولا ينبغي عليهم القيام بواجبات دفاعيّة وهجوميّة، وهذا أمر ينال إعجابي.
- المنتخب: حدثت لك مشاكل كثيرة مع الإصابات التي لازمتك في سنتك الأولى بميونيخ وكذلك في الفترة الأخيرة، حيث غبت عن الفريق الوطني في مبارتي كوت ديفوار وغينيا الوديتين، هل لك أن توضح لنا سبب ذلك؟
بنعطية: أنا أبذل قصارى جهودي في تفادي التعرّض للإصابات لأنّها تكون كارثيّة بالنسبة لأيّ لاعب كرة قدم، خلال الموسم الماضي لم يحالفني فيه الحظّ من هذه الناحية، وكذلك الفريق بأكمله، بسبب إنتقالي المتأخّر إلى ميونخ كانت فترة التحضيرات للموسم الجديد معقّدة بالنسبة لي علاوة على أنّي كنت مصاباً، أتمنّى أن لا أتعرض لمثل ذلك في الموسم الجديد, وأن ألعب بإنتظام كي أتمكّن في النهاية من إيجاد نسقي المعتاد، صحيح غبت عن مبارتي كوت ديفوار وغينيا بسبب الإصابة، واليوم أعود بكامل عافيتي وأتمنى أن أبقى في صحة جيدة حتى أواصل مع المنتخب الوطني لكونه ما زال بحاجة لكل اللاعبين.
- المنتخب: بعد موسمك الأول بالبوندسليغا وبداية الموسم الثاني، ما هي في نظرك أوجه الإختلاف بين البايرن وبين فريقك السابق روما الإيطالي؟
بنعطية: الفرق بين بايرن وروما يتمثل في التنظيم، صراحة الفريق الألـماني أكبر بكثير من نادي لكرة القدم وبالأخص فيما يتعلق بصورته وكل الأشياء الـمحيطة به.
روما فريق كبير في إيطاليا، مسؤولوه يعملون وفق مشروع متأكد أنهم سينجحون فيه، لكن أظن أن بايرن ميونيخ سبقهم على الـمستوى الأوروبي وصنع لنفسه إسما خاصا بحرص مسؤوليه على أدق التفاصيل وعدم ترك أي شيء للصدفة وهذا أمر رائع، في الواقع كانت لدي عدة عروض من العديد من الأندية لكن عندما جاءني عرض البايرن لم أفكر بعدها بأي عقد آخر، روما أحد أكبر أندية إيطاليا وأحد أكثر أندية أوروبا طموحا،ً لكن البايرن هو أحد أقوى ثلاثة أندية في العالم وهو لا يمكن رفضه، عائلتي مرتاحة جداً في مدينة ميونخ وطبيعتها، وفي النادي وجدت بيئة إحترافية هي الأفضل وعلى جميع المستويات ومختلفة تماماً عن البيئات التي عاصرتها سواء في المغرب أو في إيطاليا، وأشكر زملائي الذين ساندوني في هذه التجربة الرائعة.
- المنتخب: هل تعتقد أن اللعب مدافعا في بايرن ميونيخ أمر صعب؟
بنعطية: مدافع ومثل حارس المرمى دائما ما يكون أصعب، بالمقارنة مع مراكز أخرى داخل الفريق، غالبا ما نلقي اللوم على المهاجمين الذين يهدرون ثلاث تمريرات أو محاولات مثلا، لكن المدافع، لا يمكنه أن يخطأ، وإذا فعل سيسجل عليه الهدف، وبالتالي سيتعرض لانتقادات كبيرة، على المدافع أن يكون دائما مركزا على المباراة، وأن يقدم كل ما لديه إلى آخر الدقائق، الجمهور لا يتذكر المستوى الجيد الذي يمكن أن تقدمه في 90 دقيقة، لكنهم يتذكرون دائما الخطأ الذي يمكن أنه تقوم به في الدقيقة 92، والذي يمكن أن يكلفهم المباراة.
- المنتخب: ما هي طموحاتك مع البايرن؟
بنعطية: سيكون رائعا لو فزت بمزيد من الألقاب، وبالخصوص عصبة أبطال أوروبا، هذه الكأس تبقى من ضمن أحلامي وطموحاتي، لأن البايرن فريق كبير بتاريخه ونجومه، لقد كنت سعيدا في الموسم الماضي عندما فزنا بالبوندسليغا كأول تتويج لي مع الفريق الألماني، ولا أكتمك السر كوني أتطلع لمزيد من الألقاب وبالخصوص لقب عصبة أبطال أوروبا، لقد كان شعوراً جميلاً وأنا أتوج بهذا اللّقب الأوّل في مسيرتي، إنتقلت إلى بايرن ميونخ كي أفوز بالألقاب، رغم الإصابات التي تعرّضت لها طيلة الموسم والخروج من نصف نهائي كأس الإتحاد الألماني، سأحتفظ بذكريات هذا الموسم والإحتفال باللّقب في الملعب ووسط مدينة ميونخ، إنها ذكريات جميلة صراحة.
- المنتخب: كيف تقيّم قدومك من روما إلى ميونخ، هل نجحت التجربة؟
بنعطية: كانت تلك خطوة كبيرة بالنسبة لي، خاصة تغيير اللّغة، البلد والجوّ، كل شيء مختلف هنا، لذلك كانت فترة الإعتياد على الأجواء هنا صعبة بالنسبة لي ولعائلتي، كان يجب علينا التأقلم مع حياة مختلفة تماماً، هناك لاعبون آخرون واجهوا هذه المشكلة أيضاً، ونجحوا في التّغلب عليها مثل فرانك ريبيري على سبيل المثال، لذلك كنت متأكّداً من أنّني سأتغلب على هذا الوضع، حاليا أنا مرتاح بميونيخ.