على غرار الفرسان الذين كانوا في العصور الوسطى يلتقطون قفازات يلقيها على الأرض من يريد المواجهة، قبِل لوكا زيدان التحدّي الكبير: أن يصنع إسماً له في عالم المستديرة الساحرة. ولكي يخرج من عباءة والده الذهبية، يمتلك الشاب أسلحته الخاصة. قرّر إنزو، النجل الأكبر من الأولاد الأربعة لزين الدين، خوض مسيرته بإسم عائلة والدته فرنانديز.

أما لوكا الصغير فقرّر أن يُصبح حارس مرمى. حيث يشرح لموقع FIFA.com بصوت ولهجة مألوفين "في صغري كنت ألعب مع إخوتي ووالدي وأحببت الوقوف بين الخشبات." وأضاف اللاعب الذي سيحرس مرمى فرنسا في كأس العالم  تحت 17 سنة تشيلي 2015 FIFA الشهر المقبل مسترسلاً "وخصوصاً، لم أكن أرغب أن يتمّ تشبيهي بوالدي."

ADVERTISEMENTS

أن يتمّ تشبيهك في طفولتك بأسطورة حية أحرزت كل الألقاب الممكنة ولا تزال من الصور المحبوبة والمحترمة في عالم كرة القدم ليس أمراً مشيناً. فضلاً عن الموهبة والتشابه الجسدي الكبير، ورث لوكا طموح التألق على أعلى المستويات، وشخصية قوية تعطيه إصرار شقّ مسار خاص به. في الوقت الراهن، بحثه عن المجد بدأ بشكل رائع حتى أنه يتقدّم على والده: بعد عدة ألقاب أحرزها مع فرق الشبان في ريال مدريد، توّج بطلاً لأوروبا في ماي 2005 مع منتخب فرنسا تحت 17 سنة. أبرز محطاته البطولية في الدورة كانت خلال ركلات الترجيح ضد بلجيكا في نصف النهائي. حيث  يتذكر بوضوح "عشتها على غرار أي حصّة ضربات ترجيحية. قمت بكل ما في وسعي لمساعدة فريقي، بكل بساطة، وأوقفت ثلاث ركلات."

تمّيز الحارس الأزرق يومها بمحاولة تنفيذ ضربة ترجيح على طريقة بانينكا، وهي لمحة غريبة تكون مخصّصة عادة للمهاجمين. لكن في المكان الذي وضع فيه والده الكرة تحت عارضة الحارس الإيطالي جانلويجي بوفون في نهائي كأس العالم FIFA 2006، رأى ابنه محاولته الجريئة ترتد من العارضة. بالنسبة لمن أراد تفادي المقارنات مع والده، فقد أهدر الفرصة! اجتاحت صور اللقطة وسائل التواصل مع كل المقارنات معها. ويشرح العاصفة الإعلامية التي تلت الضربة "لم أفكر في ذلك، بل كانت ردة فعل طبيعية. عندما انطلقت للتسديد رأيت الحارس يرتمي، هنا جاءتني فكرة التسديد على هذا النحو. لم اتحدّث بذلك مع والدي كثيراً. هنأني فقط على الفوز. احترم قراري بتسديد الكرة، وإذا تكرّر الأمر قد أسددها من دون أي مشكلة. ربما ليس على هذا النحو، لأن الأمر يتوقف على الظروف، لكني لن أرضخ لأي ضغط."

سمعة كبيرة
يبقى القول إن التواجد بين المسدّدين الخمسة الأوائل في حصة ضربات ترجيحية ليس أمراً عادياً لحارس مرمى. يضيف اللاعب الذي يحبّ عادة الاشتراك باللعب، وهو إرث آخر اكتسبه من أيام اللعب في الحديقة العائلية وعزّزه بالعمل لاحقاً: "كان قراري. طلبت من المدرب واختارني للتسديد على غرار أي لاعب."

وأضاف: "بالنسبة لي، فإن اللعب بالقدمين بالغ الأهمية لأي حارس مرمى، إذا لم يكن الأهم. هذا أمر أفعله منذ صغري وأتابع العمل بالقدمين." يستلهم من حارس لا يتألق فقط على خط المرمى بل من موقع الممرّر الأوّل: "لم يكن لدي قدوة أثناء نموي، لكني أحبّ اليوم مانويل نوير، وهو أفضل الحراس في العالم. ليس قدوة تماماً بالنسبة لي، بل مرجعاً." مرجع يأمل تخطيه في المستقبل بفضل قدرته على اللعب في موقع متقدّم عن مرماه والمشاركة مع زملائه: "أهدف إلى التميّز بفضل هذه الصفة."

سيكون فابيان بارتيز سعيداً من دون أي شك لقراءة هذه السطور، هو الذي عبّر قبل أشهر لموقع FIFA.com عدم "تطوّر" هذا المركز وأن "معظم الحراس يفتقرون إلى عمق اللعب لديهم." التقى لوكا مع الزميل السابق لوالده: "لم تسنح لي فرصة مناقشة هذا الأمر معه، لكني أعرف أنه يحبّ هذا الأمر على غراري أنا. طلب مني الاستمرار على هذا النحو، وأن استمر بالعمل والزخم. لدي شخصية على أرض الملعب. أعتقد أني أمتلك قواسم مشتركة مع فابيان من حيث الجنون والمجازفة، لكني أريد حقاً مساعدة الآخرين على أرض الملعب. إنها شخصيتي."

ADVERTISEMENTS

مع مثل هذا الخط والمراجع التي كتبت أجمل فصول كرة القدم الفرنسية، سينطلق لوكا إلى تشيلي في أكتوبر المقبل متسلحاً بخلفية جميلة للإلتحام مع نخبة اللاعبين العالميين من فئته. وختم حديثه بخليط من التواضع والثقة على غرار والده: "بكل تواضع، نحن واثقون من قدراتنا. نصل إلى كأس العالم مثل أي منتخب، لكننا واثقون من أنفسنا."