من الرابح ومن الخاسر في المزايدات؟
رئيس الوداد: تسترنا على بيعه لرفع سعره
توشاك كشف المستور وتبرأ من مصيره المعلق
إنتهت كما توقعنا وكما حرصنا منذ البداية على التأكيد على أنها صفقة محسومة، والغاية من الإثارة المحيطة بها هي رفع سعر اللاعب وجر مفاوضين كثر للمعترك الودادي.
ماليك إيفونا غير اللون الأحمر بمثله، وترك أحمر الوداد ليلبس أحمر الأهلي في صفقة كبيرة لم تكشف أرقامها المالية بدقة، لكن المعطيات التي توصلنا بها أكدت أنها في حدود 5 مليارات سنتيم بين نسبة الوداد ومستحقات اللاعب ونصيب الوكلاء.
ما الذي استجد في الأمر ليحسم هذا الجدل المثار بخصوص الصفقة؟
وكيف برر الناصيري المصر في تصريحاته السابقة على نفي أي دور له فيها؟
ومن الرابح ومن الخاسر في كل هذه المزايدات؟
صفقة أم ستكوم؟
لعل فصول الصفقة والطريقة التي تمت من خلالها إدارة عملية التفاوض والتصريحات والخرجات الإعلامية المتكررة للمعنيين بها، هي من جعلت الوصف يتشابه مع الستكومات الرمضانية ومواقفها الطريفة والساخرة أحيانا.
الكثير من التسريبات وردود الفعل وحتى المواقف المحمولة على التناقض، فرضت في نهاية المطاف عقد هذه المقارنة.
دخول أطراف عدة منها (فرقا أوروبية وعربية من الخليج وإفريقية) على الخط في محاولة لضم لاعب توج هداف للبطولة الإحترافية برصيد 16 هدفا.
وساهمت التعاليق والتقارير الإعلامية الفرنسية (فرانس فوتبول وليكيب)، تألق اللاعب في تسليط الأضواء عليه ووضعه تحت مجهر العديد من الأندية، ورفع كوطته عاليا وهو الذي قدم للوداد مغمورا وغير دولي ومن نادي مغمور ببلاده (نادي مونانا الغابوني).
في نهاية المشهد وقع إيفونا للفريق الذي فاوضه أولا وما ظل ينفيه رئيس الوداد ويرد عليه مسؤولو الأهلي من هناك، تحقق وخلص الجميع إلى أن تدبير ومقاربة إنجاز الصفقة تحكمت فيها الكثير من الخلفيات والنوايا.
عروض شبح بالحملة
بمجرد نهاية البطولة وتتويج الوداد باللقب، حتى طلع إسم إيفونا ليتصدر العناوين والواجهة وليكون نجم الصيف بامتياز، بل أن الوداديين واكبوا تطورات موضوع إيفونا أكثر من الإنخراط في فرحة التتويج وصعود البوديوم.
عروض بالجملة بداية من عرضي الجزيرة والظفرة الإماراتيين والخريطيات القطري، وعروض من الليغ 1 الفرنسي وأخرى من إسبانيا وآخر العروض المطروحة على طاولة الفريق، عرض ليجيا وارسو البولوني، والوداد في موقع قوة للمفاضلة بين جميع هذه العروض لاختيار الأفضل.
في نهاية المطاف حضر قطبا الكرة المصرية في الرواق النهائي والمستقيم للمنافسة على ضم إيفونا، إذ نقل الغريمان معركة الديربي خارج المستطيل الأخضر وكان اللاعب الغابوني محورا لها، فيما يشبه لعبة كسر العظام وخلص الجميع أن العروض السابقة كانت شبحا لا غير بهدف وضع اللاعب في قالب المزايدات لتحقيق هامش ربح مرتفع.
الناصيري يتبرأ
ولأنه المسؤول الأول والأخير عن الفريق والمخول له أمر تدبير تعاقداته وتصريف الفائض بعيدا عن قلعته، فقد كان لا بد لسعيد الناصيري أن يتدخل وأن يكون لقراره وموقفه الدور الحاسم لإنهاء الجدل المثار حول وضع اللاعب.
الناصيري والذي بدا منفعلا ومتوترا في كثير من اللحظات وهو يرد على تصريحات وأسئلة همت مصير ومستقبل اللاعب، بل أنه ثار مرارا بوجه الإعلام المصري مؤكدا براءة ذمته من الصفقة ومن تفاصيلها، سيتأكد الجميع لاحقا أنه كان بصدد تقمص الدور وأدائه بالطريقة ذاتها التي يمثل بها المصريون.
الناصيري أكد أنه غير معني بالصفقة، وغير مسؤول عن إتمامها والطرف المخول له اتخاذ القرار النهائي والحاسم هو المدرب جون توشاك.
مواقف سيخلص المتتبع وخاصة الوداد لاحقا إلا أنها كانت مجرد تقمص لدور الغاية منه كما سيعترف رئيس الوداد نفسه، هو رفع السعر وفرض المطالب الودادية ومن موقع قوة.
الأهلي يقع في الفخ
رابط مسؤولو الوداد بالدار البيضاء طيلة شهر رمضان، وحرصوا على البقاء على مقربة من إيفونا، ومارس هيثم عرابي المكلف بالتعاقدات داخل فريق القرن دور «المساك» والمدافع الذي يحكم الرقابة للمهاجمين، فبقي لصيقا بإيفونا لكونه كان على يقين تام أنه هو مالك مفاتيح الصفقة وليس سواه.
لعب الناصيري دورا كبيرا في جر الأهلي للشراك والفخ، من خلال الترويج لعرض قوي من الزمالك المصري خاصة وأن السنة الحالية ستشهد انتخابات مجلس واتحاد الكرة بمصر، إضافة للإنتخابات الجماعية بنفس البلد ومعروف عن كوادر الأهلي صراعها القوي مع مرتضى منصور رئيس الزمالك في هذا السياق، وحجب صفقة إيفونا عن الزمالك معناه توجيه ضربة قوية لرئيس الفريق الأبيض.
سعي مسؤولو الأهلي لحسم الأمور لفائدتهم جعلهم يقبلون بشروط التفاوض مع الوداد، خاصة بعد الخرجات الإعلامية المتكررة لرئيس الزمالك فضائيا والتي ظل يؤكد من خلالها أن ناديه طرف معني بالصفقة وتربطه علاقات جد قوية برئيس الوداد لدرجة أنه قال فضائيا «رئيس الوداد.. ده حبيبي» ما أشعل الأهلي وفرض حالة طوارئ بهذا الفريق.
توشاك يكشف المستور
على طريقة المحترفين وكي يبدد الغموض المرافق للعملية خاصة بعدما راج إسمه في كثير من المحطات بوصفه المسؤول الأول والأخير عن تسريح إيفونا من عدمه، كان لزاما على توشاك الظهور، وحين ظهر رسميا أنهى الجدل وغلب اليقين على الشك.
سرب توشاك وثيقة سرعان ما انتبه لها الناصيري وعلى كونها ستفضح كل شيء، تناول من خلالها مدرب الوداد بالشرح والتفصيل قائمة اللاعبين المعنيين بالبقاء والمغادرين ومن بينهم إيفونا.
لم يكن هذا هو المستجد الأهم في العملية، بل الأكثر أهمية كان تاريخ الكشف عن هذه القائمة والذي يعود لنهاية شهر ماي المنصرم.
إلى هنا بدا توشاك واضحا في مواقفه، لأنه إلتقى باللاعب بعد نهاية البطولة وخلص الطرفان إلى ضرورة تفهم موقف اللاعب وتركه يرحل لوجهة تضمن له ظروف ممارسة أفضل.
كان لزاما على الناصيري أن يظهر من جديد وأن يبرر الطرح والوضع، خاصة وأن وثيقة توشاك فضحت وكشفت المستور ليؤكد أنه تعمد إخفاء الحقيقة والتعامل مع الوضع بالطريقة التي تابعها الجميع، وذلك لرفع سعر إيفونا ولقيادة المفاوضات بالشكل الذي يخدم مصالح الوداد.
منصور أرنب ودادي
ولأننا كنا أمام تمثيلية مكتملة الأركان، فقد كان لا بد وأن يظهر البطل والكومبارس وحتى من تقمص دور ضيف الشرف، لنكون أمام ظهور قوي لرئيس الزمالك المصري على مستوى إتمام الصفقة بفصولها المتشعبة والمعقدة.
لعب مرتضى منصور دور أرنب السباق في المفاوضات وكان يظهر في الفترات التي كان الفتور يرافق فيها هذه المفاوضات وذلك لإلهاب الصفقة ورفع السعر للعالي.
نجح الوداد وبالأحرى نجح الناصيري في قيادة المفاوضات في الإتجاه الصحيح الذي خدم مصالحه، ناور بالتكتم أحيانا وترويج المغالطات في فترات أخرى، وكل ذلك ليصل للهدف المنشود وهو التوصل بقيمة مالية مرتفعة وصافية من مستحقات الوكلاء.
هكذا تقمص رئيس الزمالك والذي لم يجد حرجا في الجهر بهذه الحقيقة ببلاده دور خدمة مصالح الوداد ولو كانت الخلاصة تقود لإغراق الأهلي.
ربح الوداد أكثر من ملياري سنتيم من وراء بيع إيفونا وربح الأهلي لاعبا هدافا لكن سعره أكبر بكثير من قيمته الفنية الحقيقية، وربح الزمالك ماله الذي بقي بحسابه بعد أن أشعل أجواء صفقة لم تكن تعنيه في شيء.
متابعة: منعم بلمقدم
الزملكاوية سخروا من فريق القرن
على السريع جاء رد جماهير وأنصار الزمالك بتهييج من رئيس الفريق مرتضى منصور والذين عابوا على الأهلي دفع كل هذه القيمة المالية لشراء لاعب إفريقي.
الزملكاوية سخروا من رئيس الأهلي ورجال الأعمال الذين ينتمون للفريق والذين مولوا الصفقة وأكدوا أنهم لم يكونوا معنيين بها من الأصل ودورهم كان سقوط الأهلي بفخ المزايدات والمضاربات التي جعلتهم يقبلون بشروط الوداد.
سعيد الناصيري: تسترنا على بيعه لرفع سعره
«لقد كان من الضروري التستر على وضع اللاعب ضمن قائمة المغادرين من طرف المدرب توشاك، وذلك لرفع سعره بشكل أكبر وكي نتفاوض من موقع قوة مع أي فريق يرغب في ضمه.
أعتقد أننا نجحنا في مسعانا وتفوقنا في هذا الخصوص من خلال بيع اللاعب بالطريقة التي أرضتنا وجعلتنا نحقق أكبر استفادة ممكنة، ولو نحن كشفنا عن عدم رغبتنا في بقاء اللاعب لما بلغ سعره حاليا الرقم الذي اشتراه به الأهلي».
جمهور الوداد غير متأثر
تفاوتت ردود فعل جماهير الوداد بخصوص طريقة التعامل مع صفقة إيفونا وتقييمها من الناحية المالية والتقنية، ولم يعبأ الوداديون كثيرا برحيل اللاعب إيفونا في ظل وجود خيارات بديلة لتحل مكانه.
في حين لامت فئة ثانية رئيس الوداد على تسريح لاعب مهم سيما وكون الوداد مقبل الموسم القادم على خوض عصبة أبطال إفريقيا وبحاجة لهداف من طينة إيفونا.
كسر رقم حمد الله واقترب من كاماتشو
هو الرقم الثاني الأعلى لتسريح لاعب مهاجم من البطولة المغربية باتجاه الإحتراف، إذ يحتفظ عبد الجليل هدا الشهير بـ «كاماتشو» بالرقم القياسي لصفقة إنتقاله الشهير من النادي المكناسي لسبورتينغ خيخون الإسباني بمبلغ ناهز 3 مليار سنتيم وظل اللاعب المغربي الأغلى الذي يتم تصديره من البطولة، وتلاه الحضريوي المنتقل لبنفكيا من فريق الجيش الملكي بمليار سنتيم.
وتوفق أولمبيك آسفي قبل 3 مواسم من بيع لاعبه حمد الله لأليسوند النرويجي بأكثر من مليار سنتيم وهو الحاجز الذي تخطاه الوداد من خلال استفادته من مليارين ونصف مليار سنتيم ببيع إيفونا للأهلي المصري.
هكذا ستسدد الصفقة
علمنا من مصادر موثوق منها في ظل التكتم الشديد المرافق لعملية الكشف عن الأرقام المالية وصفقات من هذا النوع داخل الفرق الوطنية، أن طريقة تسديد قيمتها وإيداعها بحساب الوداد سيكون عبر الشكل التالي:
يتوصل الوداد بمليون دولار فور توقيع العقد بين الطرفين.
ويتوصل شهر دجنبر القادم بالمبلغ المتبقي وقيمته مليون و600 ألف دولار.
على أن الوداد بإمكانه الإستفادة من 20 بالمائة من حصة بيع اللاعب لاحقا طوال المواسم الثلاث القادمة.
ولن يؤدي الوداد أي نسبة لفريق مونانا (0 بالمائة) وتحمل الأهلي فاتورة وكلاء أعمال اللاعب الغابوني بالكامل.
بطاقة خروج إيفونا تساوي 700 مليون سنتيم
فرض الوداد البيضاوي شروطه على الأهلي المصري في صفقة الهداف الغابوني ماليك إيفونا، وحسب الإتفاق بين الطرفين فإن قيمة الصفقة سيتم تقسيمها على ثلاث دفعات، الدفعة الأولى مباشرة بعد توقيع العقد، ولن يتوصل الفريق المصري ببطاقة الخروج الدولية التي تخص اللاعب إلا بعد أن يضخ الفريق المصري حوالي 700 مليون سنتيم في الحساب البنكي لفريق الوداد، ومن جهة أخرى سيتوصل الفريق البيضاوي بالدفعتين الثانية والثالثة على التوالي شهري أكتوبر ويناير المقبلين.
وحسب مصادر ودادية فإن الفريق الأحمر خرج رابحا من هذه الصفقة وذلك بفعل تعامل الرئيس سعيد الناصري بذكاء معها، إذ كان المهاجم الغابوني مرشحا لمغادرة القلعة الحمراء باتفاق مع المدرب توشاك وذلك بالنظر لتوفره على عروض من عدة أندية وأيضا لرغبة الفريق الأحمر في الإستفادة من العائدات المادية لهذه الصفقة، لكن إدارة الفريق أظهرت عدم استعدادها التخلي عن خدماته، وذلك للرفع من قيمة الصفقة، وكان أيضا لدخول الغريمين المصريين الزمالك والأهلي في المفاوضات دور إيجابي خدم مصالح الوداد بالدرجة الأولى، حيث دفعت هذه المنافسة الرئيس سعيد الناصري للرفع من مطالبه المالية خاصة حين أكد في تصريحاته بأن إيفونا ليس للبيع، وأن القرار ليس بيده وإنما بيد المدرب توشاك، وبعد أن أنهى الفريق كل الإجراءات وأصبح إفونا أهلاويا، كشف الفريق الأحمر عبر موقعه الرسمي عن وثيقة تخص تقريرا موقعا من طرف المدرب توشاك والمدير الرياضي سولير، حددا من خلاله لائحة المغادرين بتاريخ 27 مايو الماضي وتضمنت هذه اللائحة إسم الهداف الغابوني ماليك إيفونا.
ومعلوم أن أي مدرب لا يمكنه أن يفرط في هدافه بكل سهولة دون أن يكون هناك اتفاق مسبق مع إدارة الفريق وضمانات بجلب لاعبين آخرين في نفس المركز وفي مراكز أخرى، ومن خلال الإنتدابات التي أقدم عليها فريق الوداد لحد الساعة يتبين تعامله بذكاء كبير مع الخصاص الذي يعاني منه بعد جلب المهاجم المالي مختار سيسي لتعويض رحيل إيفونا ثم صفقة لاعب الوسط جمال بن يدر، في انتظار التوقيع كذلك للمدافع التونسي محمود بن صالح، إضافة للمهاجم محمد أوناجم والحارس لعروبي.
ويظهر بأن انتدابات الموسم الحالي ستكون أفضل بالمقارنة مع الموسم الماضي، حيث ركزت على الكيف وليس الكم، ما يؤكد بأن هناك بصمة احترافية لمدرب كبير ولمدير رياضي خبير، ورئيس عرف كيف يتعامل مع المرحلة بذكاء وبسرية.
إ.بولفضايل