يزخر برنامج الدورة 41 لجائزة الحسن الثاني و20 لكأس صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم للغولف، التي تستضيفها مسالك الغولف الملكي بأكادير ما بين 11 و16 مارس الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمواد متنوعة وذات مستوى عال ستفرز دون أدنى شك تنافسا كبيرا بين ألمع نجوم هذا النوع الرياضي العالمي.

وباتت هاتين المسابقتين المرموقتين اللتين تجتذبان أبرز الأسماء في عالم رياضة الغولف من بين الأحداث الرياضية الأكثر شهرة على المستوى الدولي، كما أصبح هذان الحدثان البارزان يدخلان ضمن منافسات الدوري الأوربي للذكور والإناث ويشكلان سابقة عالمية باعتبار أن المغرب يعد البلد الوحيد الذي يحتضن في الأسبوع ذاته وبنفس المدينة تظاهرتين هامتين من هذا الحجم.

وتشكل جائزة الحسن الثاني، التي أنشئت سنة 1971، هذه السنة منعطفا كبيرا في تاريخ الجائزة، التي أصبحت موعدا يترقبه جميع ممارسي هذا النوع الرياضي الذين يحذوهم أمل تجاوز إنجازات كل من النجوم بيلي كاسبير ولي تريفينو وسفيريانو باليستيروس وباين ستيوارت ونايك برايس وفيجاي سينغ وسام طورانس وكولين مونتغمري وبادريغ هارينغتون وإيرني إلس والإسباني سانياغو لونا والألماني مارسيل سيم .

وتعد جائزة الحسن الثاني بالإضافة إلى طابعها الرياضي، مناسبة للتعريف بغنى الموروث الطبيعي والثقافي للمملكة ووسيلة لتعزيز السمعة الطيبة التي يحظى بها المغرب على جميع المستويات. 

وقد ساهمت جائزة الحسن الثاني، التي انطلقت دورتها الأولى سنة 1971، وبفضل ما تحظى به من تغطية إعلامية واسعة من قبل أشهر القنوات التلفزية العالمية، في إعطاء نفس جديد للسياحة الوطنية، حيث اختار بعض المستثمرين إقامة مشاريع مرتبطة بسياحة الغولف، عوض الاقتصار على الاستثمار في القطاع السياحي بصفة عامة، كما هو الشأن بالنسبة لمدن الجديدة ومراكش وأكادير والصويرة والسعيدية. 

فقد باتت رياضة الغولف، التي تستقطب كل سنة العديد من الزوار من مختلف أنحاء المعمور، إلى جانب السياحة التي تعد أحد القطاعات الحيوية المساهمة في النهوض بالاقتصاد الوطني، قطاعان متلازمان .

فالمؤهلات الطبيعة المتنوعة والمناخ المعتدل وكرم الضيافة والقرب الجغرافي من أوروبا، كلها عوامل تجعل من المغرب الوجهة المفضلة لممارسي رياضة الغولف للمشاركة في جائزة الحسن الثاني، التي تعد من أرقى التظاهرات في هذا المجال.

ورغم أن تاريخ رياضة الغولف بالمغرب يرجع إلى أزيد من 90 سنة حيث ظهرت المسالك الأولى، فلم تكن توجد بالمملكة غداة الحرب العالمية الثانية سوى ثلاثة مسالك للغولف بمراكش وطنجة والمحمدية، ثم مسلكين جديدين بالدار البيضاء أنفا والقنيطرة أنشأهما مجموعة من الجنود الأمريكيين الذين كانوا متواجدين بالمغرب في عز الحرب. لكن رياضة الغولف لم تعرف نهضتها الحقيقية إلا في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني.

فبعد النجاح الذي شهدته الدورة الأولى لجائزة الحسن الثاني عرفت مسالك الغولف بالمحمدية ومراكش عدة إصلاحات وتم توسيع مسالك الغولف بطنجة التي أصبحت تتوفر على 18 حفرة، وظهرت مسالك جديدة وبالخصوص في المدن العتيقة كفاس ومكناس، وعرفت الدار البيضاء وأكادير وسطات وبنسليمان وغيرها من المدن المغربية ميلاد مسالك جديدة.

ولم تقتصر جائزة الحسن الثاني منذ إحداثها على مشاركة المحترفين الأجانب، بقدر ما تشهد حضورا متميزا لمحترفين مغاربة أمثال موسى الفاطمي، الذي تألق منذ سنة 1972 من خلال فوزه بعدة ألقاب وطنية، ومحمد مقرون المحترف منذ سنة 1982، وبعدهما محمد السايح ويونس الحساني وعبد الحق الصابي وفيصل السرغيني وغيرهم.

ولا يمكن إغفال حضور العنصر النسوي، الذي ولج عالم الغولف منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، في شخص اللاعبتين الهاويتين مليكة الدمناتي وزبيدة الهلالي اللتين أحرزتا على التوالي على البطولة الوطنية لهواة الدرجة الأولى بفئتيها سنة 1986، ومهدتا بذلك الطريق لظهور لاعبات ينافسن نظيراتهن من الممارسات الأجنبيات، ومن بينهن للا سمية الوزاني ومنية أمالو السايح والمحترفة حاليا مها الحديوي والواعدة نادية التباع. 

ويرجع الفضل في تألق الممارسين المغاربة في مختلف الاستحقاقات الأوربية والعربية على الخصوص إلى دعم "جمعية جائزة الحسن الثاني للغولف"، التي تم إحداثها سنة 2001 برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وكذا إلى سياسة تكوين الشباب التي تبنتها الجامعة.

فقد تم إحداث شعبة "غولف ودراسة" التي تجمع بين التداريب والتمدرس، لفائدة المستفيدين الذين ينحدرون في غالبيتهم من أوساط معوزة وتوفير تكوين في جميع المهن المرتبطة برياضة الغولف.

كما ساهمت الجمعية بشكل كبير في تطوير هذه الرياضة من خلال إطلاق الدوري المغربي للمحترفين وإنشاء الأكاديمية الملكية للغولف بمبادرة من النادي الملكي للغولف دار السلام.

واستطاعت الجمعية منذ إحداثها رفع العديد من التحديات، خاصة ما يتعلق بضمان استمرارية تنظيم هذا الموعد الرياضي والنهوض برياضة الغولف التي ما فتئت تكتسب إشعاعا أكبر وتتبوأ مكانة هامة على الصعيدين الوطني والعالمي.

وحرصا منها على تنظيم هذا الدوري في أجواء احترافية، عملت "جمعية جائزة الحسن الثاني" على إبرام العديد من الاتفاقيات مع مؤسسات وطنية وعالمية.

كما تبنت الجامعة الملكية المغربية للغولف في السنوات الأخيرة استراتيجية تروم النهوض برياضة الغولف بالمغرب من خلال الرفع من عدد الممارسين المرخصين وتكوين اللاعبين الشباب والمؤطرين بغية إعداد منتخب وطني قادر على المنافسة على الصعيد الأوروبي والدولي.

وعلى مستوى البنيات التحتية الرياضية، عرفت مختلف مسالك الغولف بالمغرب عدة إصلاحات وتم تأهيلها حتى تكون في مستوى التحديات، فضلا عن ظهور مسالك جديدة في إطار مخطط التنمية الجهوية الذي تم إطلاقه سنة 2005 حيث تم اعتماد المخطط الأزرق (أزور)، الذي يشمل تشييد مسالك بمدن السعيدية بإقليم بركان وخميس الساحل بإقليم العرائش والحوزية بإقليم الجديدة وموغادور بإقليم الصويرة وتاغازوت بأكادير والشاطئ الأبيض بكلميم.

وتتميز دورة هذه السنة بوجود مناسفة قوية بين المرشحين للفوز باللقب كالايرلندي بول ماك جينلي، عميد فريق "ريدر كاب 2014" والفائز بأربع مراحل من الدوري الأوروبي، والجنوب افريقي ريتشارد ستيرن (الفائز بست مراحل من الدوري الأوروبي) وجورج كوتزي (المصنف 8 في دوري دبي والفائز بإحدى مراحل الدوري الأوروبي).

ومن بين الأسماء التي ستتبارى أيضا من أجل نيل لقب هذه السنة هناك كل من الاسبانيين خوسيه ماريا أولازابيل، الفائز ب 22 مرحلة من الدوري الأوروبي، ورافائيل كابريرا - بيلو (الفائز بمرحلتين من الدوري الأوروبي)، وبابلو ارازابال (المصنف 12 في دوري دبي و الفائز بثلاث جولات من الدوري الأوربي).

كما يوجد من بين الأبطال الذين يرغبون في تدوين اسمهم بمداد من الفخر في سجل الفائزين بلقب هذه الجائزة، الألماني مارسيل سييم، حامل اللقب والفائز بثلاث جولات من الدوري الاوروبي، الذي سيسعى للحفاظ على لقبه، لكن مهمته لن تكون سهلة لأنه سيواجه منافسة شرسة من طرف لاعبين متمرسين من أمثال ديفيد هاول، الذي حقق خمسة انتصارات في الدوري الأوروبي، والفرنسيين رافاييل جاكلين (صاحب المركز 45 في دوري دبي و الفائز أربع مرات بالدوري الأوروبي)، وغريغوري بوردي، الفائز أيضا بأربع مرات بالدوري الأوروبي، والفنلندي ميكو ليونين (المصنف 14 في دوري دبي والفائز بثلاث مراحل من الدوري الأوروبي).

كما ستعرف جائزة الحسن الثاني للغولف، البالغة قيمتها 5ر1 مليون أورو، هذه السنة مشاركة ثلاثة لاعبين محترفين مغاربة هم أمين جودار وفيصل السرغيني ويونس الحساني، إضافة إلى اللاعب أيوب لغيراتي، الذي تألق بشكل ملفت العام الماضي.

أما كأس صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، التي ستقام بمسالك غولف المحيط، فستعرف مشاركة أفضل لاعبات الدوري الأوروبي وفي مقدمتهن حاملة اللقب التايلاندية أريا جوتانوغارن، إلى جانب أسماء كبيرة من المنافسات الأوروبيات كالانجليزيات لورا ديفيس، المصنفة 33 على الصعيد الأوروبي والفائزة ب45 دوريا من بينهم 4 من المستوى العالي، وهولي كليبورن، المصنفة سابعة على الصعيد الأوروبي، وتريش جونسون، الفائزة ب21 دوريا أوربيا، ولاعبة جنوب افريقيا لي آن بيس، المصنفة خامسة على الصعيد الأوروبي سنة 2012.

ونظرا للقيمة الكبيرة التي أضحت تحتلها كأس للامريم فقد ارتفعت قيمة جوائزها هذه السنة ب15 في المائة لتصل إلى 450 ألف أورو بعدما كانت 325 ألف أورو السنة الماضية، تسجل مشاركة اللاعبة المغربية مها الحديوي، التي تمكنت خلال الدوري المدرسي للا عائشة للغولف الذي نظم في إطار الدوري الأوروبي للغولف سيدات في الفترة مابين 6 و17 دجنبر 2012 بمدينة مراكش، من حجز تأشيرة دخول عالم الاحتراف كأول لاعبة مغربية وعربية وإفريقية، والمتوجة أحسن لاعبة وشخصية رياضية لسنة 2013.

وستجرى على هامش التظاهرتين الرئيسيتين، مسابقات (برو آم)، التي ستخصص للمشاركين ومرافقيهم، هؤلاء الذين سيكون بإمكانهم المشاركة أيضا في دوري كأس الصداقة الذي سيسبق منافسات جائزة الحسن الثاني.

وستتمكن اللاعبات المحتلات للمراكز العشرة الأولى من المشاركة طيلة السنة في الدوري الأوروبي للإناث، فيما ستحجز الخمس الأوليات تذاكر المشاركة في دوري بريطانيا المفتوح للإناث.

وأصبحت جائزة الحسن الثاني وكأس صاحبة السمو الملكي للا مريم مكانا لاجتذاب سياح سواء منهم ممارسي أو هواة هذا النوع الرياضي وتساهمان في الترويج للمغرب كوجهة سياحية نظرا للتغطية الواسعة لوسائل الإعلام، حوالي مائة قناة تلفزية عالمية ستعمل على تغطية هذا الحدث لأكثر من 386 مليون أسرة في كأس الحسن الثاني ستبث حوالي 1500 ساعة منها 730 ساعة بث مباشر.