لو كانت إستقالتي ستحل المشكل لاستقلت
لحد تجريم الفعل ولحد تخوين الرجل، ذهب الكثيرون عند تعاطيهم مع حضور المغربي هشام العمراني رفقة وفد الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم الذي شكله عيسى حياتو بلوزان السويسرية لتمثيل «الكاف» عند ترافعها أمام المحكمة الرياضية الدولية بشأن الطعن الذي تقدمت به الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على العقوبات الرياضية والمالية التي صدرت في حق المغرب، بعد أن كرر طلب تأجيل النسخة الثلاثين لكأس إفريقيا للأمم بسبب وجود قوة قاهرة متمثلة في وباء إيبولا.
وإزاء الخطاب الذي تم الترويج له من سويسرا غداة انعقاد جلسة الإستماع الثلاثاء الماضي بمقر المحكمة الرياضية الدولية، والذي طعن في وطنية ومغربية هشام العمراني وهو من حضر جلسة الإستماع موكلا من قبل الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بوصفه كاتبا عاما للهيئة الإفريقية، كان لا بد من معرفة وجهة نظر هشام العمراني بخصوص التهم المنسوبة إليه.
- المنتخب: شكل حضورك رفقة وفد الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم خلال جلسة الإستماع التي عقدتها المحكمة الرياضية الدولية للنظر في الطعن الذي تقدم به المغرب بشأن عقوبات «الكاف»، تحديا سافرا بحسب البعض، فما قبل المغاربة أبدا أن يقف هشام العمراني المغربي في مواجهة بلده المغرب؟
العمراني: لا أجد ما أقوله إزاء هذا الذي جرى استهلاكه إعلاميا بتوجيه من البعض، سوى أنه مقاربة ضعيفة لحقيقة المشكل وجوهر الخلاف، فأبدا لم أكن في مواجهة بلدي وأبدا لا أقبل على نفسي أن أصيب بلدا أنا من أبنائه بأي أذى، ما عاد الله، هناك للأسف تحريف للحقائق وتزييف للوقائع، فهشام العمراني المعتز بمغربيته لم ولن يكون طرفا مباشرا في خلاف وقع بين مؤسستين، مؤسسة الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم التي أعمل أجيرا لها في منصب إداري محض ومؤسسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
وفد الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم إلى سويسرا لحضور جلسة الإستماع داخل المحكمة الرياضية الدولية ترأسه عضو من المكتب التنفيذي، وبالتالي فحضوري الذي أجبرت عليه لطبيعة عملي كان بوصفي كاتبا عاما ومسؤولا عن تنفيذ مقررات المكتب التنفيذي والجمعية العمومية، لذا لا أعتقد أبدا أنني رجل مؤثر في العملية، أنا أنفذ ولا أتخذ قرارات، وبالتالي لا أرى مجالا للحديث عن أي ضرر أتهم اليوم بأنني ألحقته ببلدي، ثم إن الخلاف هو بين الجامعة الملكية لكرة القدم وبين الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، أي أنه خلاف قائم بين مؤسستين، نتفق على أن لا أحد كان يتمنى أن يصل الخلاف إلى هذا الحد، كما أن لا أحد يتمنى أن يتطور الخلاف للأسوأ.
- المنتخب: إذا أنت لم تشعر بأي حرج ورئيس الكاف يكلفك بالوقوف أمام الجامعة في المحكمة الرياضية الدولية؟
العمراني: على العكس شعرت بحرج شديد، وبالنظر لاقتناعي الكامل أنه لن يكون لي أي دور مؤثر في الخلاف الحاصل والذي إستدعى اللجوء للمحكمة الرياضية الدولية، وبالنظر أيضا لطبيعة عملي كموظف لدى «الكاف» ومسؤول قانونا عن تنفيذ القرارات فقد دعيت من طرف الرئيس للحضور لتنفيذ ما تقتضيه المسطرة الإدارية التي أنا المسؤول الأول عنها، ليس إلا..
- المنتخب: ولكن هناك من إعتبر قبولك بالحضور مع وفد الكاف بلوزان خيانة؟
العمراني: شيء مؤسف ومحزن للغاية أن نبلغ هذا المستوى الرديء في تصدير الأحكام والإنطباعات، أنا مغربي معتز ببلده وبملكه وقد أبديت على الدوام كامل الإستعداد لخدمة البلد مثل كل المغاربة كبر أو صغر شأنهم، ومن يصفني بالخائن يرتكب جرما كبيرا، إن من يسعون لذلك إنما يريدون أن يرموا فشلهم في معالجة الخلاف مع الكاف على ظهري، ولا أظنهم سيفلحون في ذلك أبدا.
أنا أسأل، إذا لم يكن هشام العمراني موجودا في جلسة الإستماع موكلا من طرف مؤسسته، هل كان سيكون لذلك تأثير على الهيئة التي تم الإحتكام إليها؟
بالقطع لا.. من يتوهمون أن وصفي بالخائن هو ما سيحل الإشكال فهم خاطئون، هناك من قال كان علي أن أستقيل يوم كلفت من منطلق وظيفتي بتمثيل «الكاف» في جلسة الإستماع، وأنا أسأل هل إستقالتي هي التي ستحل المشكل؟
أريد التأكيد على شيء مهم هو أننا جميعا كنا ماضين في اتجاه تنظيم دورة ممتازة بالمغرب، وكنت موقنا من أن المغرب سيرفع من شأن كأس إفريقيا للأمم في صورتها الجديدة لما عاينته شخصيا من استعدادات ومن إمكانات كانت مرصودة لتنظيم الحدث، يؤسفني حقيقة ما حدث.
- المنتخب: هل ما يؤسفك أن يكون المغرب قد طلب تأجيل الدورة ولم يقبل طلبه؟ أم يؤسفك أن يكون «الكاف» قد أنزل عقوبات بالمغرب توصف بالثقيلة؟ أو يؤسفك أن المغرب لجأ لخيار المحكمة الرياضية الدولية؟
العمراني: يؤسفني أن يكون الخلاف بين «الكاف» والجامعة قد جرى تدبيره على هذا النحو، أعتقد أنه كان بالإمكان تجنب هذه العقوبات وتجنب اللجوء للمحكمة الرياضية الدولية للطعن في العقوبات وتجنب السقوط في كل التأويلات الخاطئة التي نسمع بها اليوم ومنها ما يريد تقديمي ككبش فداء ولو على حساب أعز ما أملك، مغربيتي التي ليس لأي أحد الحق في التقليل أو النيل منها.
- المنتخب: وما قصة التسجيل الصوتي الذي قدمته للمحكمة الرياضية عن جلسة عقدها رئيس الجامعة لقجع مع حياتو وبعض أعضاء المكتب التنفيذي والتي قيل أنها كانت مطبوعة بالسرية؟
العمراني: هنا أيضا جرى تحريف الوقائع بشكل ممنهج..
- المنتخب: كيف ذلك؟
العمراني: كل الإجتماعات التي يعقدها المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم يجري تسجيلها بهدف التوثيق وبهدف العودة إليها عند تحرير محاضر الإجتماعات، حيث تقتضي الأمانة نقل بعض الأشياء بحذافيرها دون زيادة أو نقصان، وعلى غرار ما تفعله إدارة الكاف في كل إجتماعات مكتبها التنفيذي، جرى تسجيل ما دار في لقاء رئيس الجامعة والسيد عيسى حياتو وبعض أعضاء المكتب التنفيذي للكاف صوتيا وليس بالصورة، بهدف العودة إليه عند تهيئ محضر الإجتماع.
- المنتخب: ولماذا كشفتم عن هذا التسجيل الصوتي لدى المحكمة الرياضية الدولية؟
العمراني: لم يكن في نيتنا أن نعرض هذا التسجيل الصوتي برغم أننا أرفقناه معنا إلى لوزان، ما إضطرنا لذلك هو أن محامي الجامعة طعن في نزاهة وصدقية محضر الإجتماع الذي انعقد يوم 22 دجنبر الماضي بالقاهرة، وكنا مجبرين على تقديم التسجيل الصوتي للمحكمة لتتأكد من صدقية المحضر، هذا كل شيء.
- المنتخب: لو سلمنا بأنك لم تكن مؤثرا في جلسة الإستماع التي إنعقدت بمقر المحكمة الرياضية الدولية لوزان، لماذا لم تسع إلى رأب الصدع والتقريب بين وجهات النظر؟ لماذا كنت في نظر البعض مؤججا للخلاف؟
العمراني: أعود لأؤكد على شيء قلته سابقا بعبارة أخرى، أنا كنت بين نارين، وصدقا ما تمنيت أن أكون في هذا الموقف، لأن المغرب بلدي ولا أستطيع أن أقايضه بأي شيء آخر، ولأن كرة القدم المغربية لها داخل «الكاف» كل الإحترام بالنظر لمرجعيتها ولتاريخها البطولي وبالنظر للفلسفة الرائعة التي أبدعها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في بناء العمق الإفريقي للمغرب.
لقد سعيت برغم حساسية موقعي على إيجاد الحل وشجعت على أن تكون المقاربة مختلفة للخلاف بين الجامعة وبين «الكاف»، وسيأتي يوم تظهر فيه الحقيقة للجميع، لقد كنت مع كثير من الزملاء نجتهد بحسب إمكانياتنا لكي لا يتعمق الخلاف، لأنه ليس في مصلحة أي كان أن تتوثر العلاقة بين الجامعة وبين الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وأعود لأقول بأنني رجل إدارة منفذ بالدرجة الأولى لما يصدر لي من أوامر من مشغلي، ولا أملك القدرة على اتخاذ القرارات.
- المنتخب: طيب ما قراءتك لما سيأتي، هل تتوقع أن تؤيد المحكمة الرياضية الدولية عقوبات «الكاف»، أم أنها ستطعن فيها؟
العمراني: لا يحق لي إطلاقا أن أضع نفسي مكان من يتكفلون بمهمة الفصل بين المتقاضين، لذلك لا أستطيع التكهن بطبيعة الأحكام التي ستصدر عن «الكاف»، ما أنا مقتنع به أيا كانت قرارات «الطاس»، هو أن نلجأ لخيار لا محيد عنه، هو المصالحة، فلا يجب أن تظل الجامعة في حرب مع «الكاف»، العقل وتدبير المصالح بطريقة حكيمة لا يقبل بهكذا تصرف.
لا بد من عقد جلسة مصالحة ووفاق بين الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لرأب هذا الصدع وتجاوز حالة الإحتقان واستحضار المصالح المشتركة بين المؤسستين بعيدا عن المزايدات والتلفيقات والكذب على المغاربة الذين أقدر ما يشعرون به وأنا معهم من غبن جراء هذه العقوبات الرياضية التي تعيق مسيرة الفريق الوطني.
في اعتقادي أن الحكمة هي ما سيحضر في نهاية الأمر لتذويب الخلاف.
- المنتخب: وهل تعتبر ما حدث بينك وبين البوشحاتي نائب رئيس الجامعة، أمرا شخصيا؟
العمراني: لقد خونني وأهانني بل وهددني، وهذا أمر معيب ولا يجب أن يصدر عن رجل هو في موقع المسؤولية، أنا حزين لكل ما جرى وحزين أكثر أن يذهب الرجل إلى تجريدي من مغربيتي والكل يعرف ما مدى اعتزازي بانتمائي لهذا الوطن الرائع.
لا أريد أن أشخص الخلاف وأتركه لضميره.
حاوره: بدرالدين الإدريسي