مدرب وطني في ثوب رحالة
هو كبير المتوجين بالمغرب وأكثر من صعد منصة البوديوم عبر تاريخ البطولة وحتى مسابقة كأس العرش، نجاحاته الكبيرة مع الأندية كان لا بد وأن تقوده لحيث أعلى الهرم «المنتخبات الوطنية» وهو ما تم في نهاية المطاف..
محمد فاخر أو «الإمبراطور» كما سمته «المنتخب» وهو يكتسح الأخضر واليابس خلال آخر عقد من الزمن، إختار هذه المرة رهانا وتحديا مختلفا في الشكل والمضمون عن باقي تجاربه السابقة.
المنتخب الرديف كما يحلو له تسميته، والمقبل على خوض مباراة فاصلة مؤدية به لـ «الشان» محورا للمحاصرة التالية من قراء «موقع المنتخب الإلكتروني»، حيث يضعون فاخر أمام رشاش الأسئلة ليقدم الربان كعادته إجابات شافية، ومعها تكتشفون أشياء مثيرة طبعت حياته الخاصة وبعضا من ملامحها.. تابعوا الحوار لتكتشفوها إذن..
- بعد مسار طويل وحافل بالألقاب والبطولات، إخترت الإشراف على تدريب المنتخب المحلي بعدما خضت تجربة قصيرة مع المنتخب الأول، ألا تعتقد السيد فاخر أنه كان يجدر بك قبل سنوات أن تشرف على المحليين لترتقي بعدها لقيادة الأسود؟
محمد فاخر: بداية أود أن أعبر عن سروري بحلولي ضيفا على المنبر وخاصة على قرائه المواكبين لمستجدات الرياضة.
بخصوص الإجابة على هذا السؤال فغنها تعيدني لأكثر من 9 سنوات وبالضبط للفترة التي توليت خلالها زمام الأمور على رأس المنتخب الأول، من واكب تلك الفترة يدرك الظروف التي تمت فيها ويعلم طبيعة التعيين وكيف تم، وبالتالي لم يكن ممكنا رفض المهمة.
أتمنى صادقا أن تتغير النظرة الحالية لهذا المنتخب، كنت مصرا في كل خرجاتي السابقة على منحه إسم «المنتخب الرديف» وذلك حتى يشعر لاعبو البطولة بقيمتهم الحقيقية وعلى أنهم عنصر أساسي وليسوا «رويضة سوكور».
إشرافي على المنتخب المحلي جاء بقرار من المسؤول الأول عن الجامعة السيد فوزي لقجع وجاء منسجما مع قناعة ورغبتي في التغيير وربح رهان جديدي في مساري التدريبي وهذا هو ملخص الحكاية والقبول بهذا المنصب الذي أتشرف به.
- تابعنا تنقلك في عدد كبير من الملاعب الوطنية، وتابعت من زاوية مغايرة أداء كثير من لاعبي البطولة، ما تقييمك بكل موضوعية لمستوى البطولة الإحترافية هذا الموسم؟
محمد فاخر: بكل موضوعية لمست أن هناك طفرة وتحسنا ملحوظا على مستوى إيقاع اللعب، وهو إيقاع يختلف بطبيعة الحال عن الإيقاع الذي مارسته لاعبا وحتى عن إيقاع المواسم الأخيرة وهذا أمر عادي جدا مرتبط بتطور مناهج التكتيك للعبة.
لا يمكن أن أكون متشائما في مواقفي وبالتالي أجزم على أن مستوى البطولة الإحترافية هذا الموسم تحسن نسبيا عن النسخة السابقة ولو مع تسجيلي لكثير من الملاحظات والمؤاخذات بخصوص عدد من الأمور المهمة.
بخصوص التنقلات فقد سجلت الفترة السابقة حضوري في جميع الملاعب المغربية من دون استثناء، مواكبة لكل الفرق واللاعبين ويمكنني التأكيد على أني قطعت في بعض المرات رفقة الطاقم المساعد مشكورا آلاف الكيلومترات كي يكون تقييمنا للاعبي البطولة والفرق موضوعيا و عادلا.
- ما هي المعايير التي تحكمت في اختيارك للطاقم المساعد الذي يشتغل بجانبك؟ هل هو عنصر التفاهم والثقة أم هي الكفاءة؟ ولماذا أدرت ظهرك لجعفر عاطيفي واخترت مكانه معدا بدنيا بلا خبرة دولية؟
محمد فاخر: الأمر بديهي ومنطقي في هذه الحالة، لأنه من غير المعقول أن أكون مدربا يبحث عن انسجام المنتخب المغربي وأنا أتعامل مع طاقم غير منسجم.
طوال مسيرتي ومشواري التدريبي أبني اختياراتي على مناهج عقلانية يتحكم فيها المنطق أول وعنصر الثقة ثانيا والتفاهم ثالثا.
هذه المعايير إجتمعت ولله الحمد في الطاقم المساعد، وبالمناسبة أتقدم بخالص الشكر له على تضحياته والليونة التي يتعاملون بها مع التعليمات خاصة على مستوى التنقلات والظروف المحيطة بها.
بالنسبة لعبد الصادق والشادلي، لا أعتقد أن هناك من هما أحق منهما بالمهمة لأنهما عملا معي داخل الرجاء وكانا أكثر من هذا لاعبين بصفوف فرق دربتها، كما يعتبران أكثر من توجا بالألقاب بالمغرب وعلى كافة الجبهات والمستويات.
بخصوص المعد البدني ثقتي كبيرة في أدائه، وداخل المنتخب الرديف لا نحتاج لتهييء قوي على المستوى البدني، بقدر ما يكون الدور محددا في إرجاع الطراوة البدنية للاعب وفق برنامج يجيده عبد العالي على نحو ممتاز.
- تم تقديمك أنت والسيد الزاكي بادو يوم تعيين الأطقم التقنية بعد تنصيب الجامعة دفعة واحدة، وسمعنا خلال ندوة التقديم مصطلحات مثل (التعاون المشترك والإتصال الدائم)، بعدها واكبنا ضجة أثيرت بينكما وخلافات كبيرة، سؤالي كيف هي علاقتكما اليوم؟
محمد فاخر: أشكر هذا السائل لأنه سيتيح فرصة كبيرة أمامي للتوضيح وأتمنى على ضوئها أن يتم غلق هذا الموضوع نهائيا، لأن علاقتي بالزاكي مبنية على الإحترام والتقدير المتبادل ولا أشك للحظة واحدة في هذا الأمر.
في فترة سابقة أثير سجال وبوليميك كبير بخصوص خلافات عميقة وقوية، والأمر لم يكن كذلك بقدر ما كان سوء فهم وغياب تنسيق فرضته الظرفية يومها وهي ظرفية تهييء المنتخب الأول لـ «الكان» وكانت له الأولوية على كافة الجبهات والمستويات.
علاقتي بالزاكي عادية ولا يوجد ما يفسدها، وكان لنا لقاء بحضور رئيس الودادية السيد ماندوزا وتم الإتفاق على تطوير سبل التواصل بشكل أفضل، ومؤخرا إتصل بي مشكورا وأخبرني بلائحة المنتخب الذي سيواجه الأوروغواي وديا لمعرفة عدد لاعبي البطولة الذين سيوضعون بالقائمة وهذا أمر يشكر عليه في كل الأحوال.
- قلت قبل كأس إفريقيا التي لم تلعب بالمغرب في كثير من تصريحاتك، أن الأولوية دائما هي للمنتخب الأول، نود أن تخبرنا بمنتهى الصراحة، هل يخبرك الزاكي بأسماء اللاعبين الذين يضعهم بقائمته الموسعة قبل إعلانها بوسائل الإعلام؟
محمد فاخر: أجبت عن هذا السؤال وقلت أن السيد الزاكي مشكورا إتصل بي مؤخرا حتى قبل أن يكشف للرأي العام لائحة لاعبي ودية الأوروغواي.
في هذه الحالة فإنه يتيح أمامي إمكانية اللجوء لخيارات بديلة ولخيارات أخرى في حال إحتفظ بعناصر موضوعة ضمن خانة اهتماماتي.
مسألة أخرى يجب توضيحها ترتبط بمبدإ الأولوية، أنا قلت هذا في فترة كان المنتخب المغربي مقبل على خوض كأس إفريقيا للأمم والتي لم تجر للأسف بالمغرب.
قلت يومها أن المنتخب المغربي يجب أن يحظى بالدعم الكامل من جميع الفعاليات والأطياف بما فيها أنا شخصيا، كنت أرى أنه كلما وضعنا لاعبين أو ثلاثة رهن تصرف الزاكي على مستوى عالي من الجاهزية نكون قد حققنا مكسبا كبيرا.
اليوم المنتخب المحلي ولغاية اللحظة هو المعني بالبقاء في دائرة التنافس وبالتالي يجب أن يحظى في الفترة القادمة بدوره بما يستحق من مساندة ودعم.
- تم التعاقد معك من طرف الجامعة لمهمة واحدة بهدف واحد هو التأهل للشان القادم، ألا تعتقد أن هذا يتناقض مع ما تقوله دائما من أنك تشتغل على مشروع متوسط الأمد؟ وماذا سيكون مصيرك ومصير عملك لو أقصينا بالمباراة الفاصلة؟
محمد فاخر: لا يوجد تناقض في الأمر، أنتم تعرفونني وتاريخي يشهد على هذا، فأنا لست من النوع الذي يفضل الإشتغال ولا العمل وفق مناهج تطبعها العشوائية والإرتجال.
صحيح أننا مقبلون شهر يونيو القادم على مباراة فاصلة مؤهلة لـ «الشان» وما بنيته طوال الفترة السابقة قد يضيع في مباراة واحدة تتكم فيها بعض التفاصيل الصغيرة والجزئيات البسيطة من تحكيم أو أشياء أخرى أو خطأ غير مقصود، لكن لا أعتقد أن الجامعة ستفرط في المشروع ولا قيمة العمل الذي أنجز لغاية اللحظة.
خلال تعاقدي مع هذا المنتخب كان لي حديث مع رئيس الجامعة السيد فوزي لقجع وقال لي بالحرف أن الغاية من وضع برنامج بهذا الشكل للمنتخب الرديف غاية واحدة، وهي رفع المنتوج المحلي وإعادة الإعتبار لمنتوج البطولة وهو أمر سرني كثيرا.
- ألا تعتقد أنه كان من المفروض عليك أن لا تقبل بالمهمة الحالية لأن مستقبلك مرهون بمباراة واحدة؟ وسؤالي الثاني وأنت تتحدث عن المستقبل نلمس أنك تناقض اختياراتك للاعبين يتجاوز أغلبهم 30 سنة في أغلب الفترات؟
محمد فاخر: أجبت سابقا وقلت أن برنامج عملي يعتمد على مشروع وعلى مواكبة للمنتوج وعلى إجراء تقييم مرحلي باستغلال التواريخ المتاحة أمامنا لمواجهة أكبر عدد من المنتخبات وهذا أمر لن يتأثر بمباراة إقصائية واحدة، ولو أني لو فشلت لا قدر الله ولم أوفق في العبور لن أفرض نفسي على أحد.
أنا مدرب تحديات ومدرب ألقاب وإنجازات وبالتالي حلولي مدربا للمنتخب الرديف تتصدر أولوية كبيرة وهي ضرورة التأهل للشان.
بخصوص الإختيارات ومعدل الأعمار أنا أختلف مع هذا الموقف، لأني وقعت عقدا مرتبط بهدف وهو التأهل للشان، وثانيا لا يمكن أن أستدعي لاعبين بمعدل أعمار صغير لأن هذا اختصاص مدرب المنتخب الأولمبي وبالتالي لا يعقل أن يكون لنا منتخبان أولمبيان في نفس الوقت، وثالثا بعد إجراء تقييم موضوعي لأداء اللاعبين العناصر التي يفوق معدل عمرها 30 سنة هي الأفضل، وأسأل بدوري عن كان هناك لاعب بالبطولة يشغل مركز الظهير الأيسر يقطع المسافات التي يقطعها مثلا عادل كروشي ويقوم بأدوار على مستوى افتكاك الكرة مثل النقاش وكل اللاعبين الذين بلغوا النضج بالبطولة كان هذا بعد الثلاثين.
- غيرت من اختياراتك البشرية في كثير من المناسبات وبهذا الشكل لن تصل للمنتخب المحلي القوي الذي تريده، الآن وقبل الإقتراب من المباراة الفاصلة، ألا ترى أنه ينبغي أن تكون النواة الخاصة بهذا المنتخب واضحة عندك؟
محمد فاخر: صاحب هذا السؤال أكيد أنه مواكب للمنتخب الرديف لكنه أيضا مواكب للبطولة الإحترافية ويلمس أن هناك تفاوتا في المستويات من دورة لأخرى.
صحيح قلت أن هناك تحسنا نسبيا على مستوى الإيقاع والأداء، لكن بعد إجراء تقييمات نهاية كل أسبوع نلمس تفاوتا في المردود وتباينا كبيرا على مستوى الأداء وهو ما يكون له دوره على مستوى تغيير اللائحة كل مرة.
ومع ذلك أعتقد أن التصور الموجود عندي أنا والطاقم التقني محسوم فيه بخصوص النواة التي تشكل هذه المنتخبات، ولو قمنا بإغلاق اللإختيارات لن نترك للاعبين مجال للإجتهاد كما لن يكون هناك حافز للاعبي الفرق لتقديم الأفضل، لذلك نترك الباب مفتوحا كل مرة لإجراء بعض التعزيزات التي يكون لها دور على مستوى رفع التنافس.
- ما قيمة المباراتين القادمتين أمام منتخبي الكونغو وبوركينافاصو، هناك من يقول أنك تعمدت اختيار منتخبات أقوى من التي واجهت المنتخب الأول لتؤكد علو كعبك وعلى أن لاعب البطولة هو الأصلح حاليا؟
محمد فاخر: إنتقد البعض إختيارنا لمنتخب موريتانيا وتشاد وحتى رواندا، على الرغم من أن تصنيف الفيفا لم يعد يتحدث حاليا عن فوارق كبيرة بيننا وبين هذه المنتخبات، وعلى ما يجري مثل هذه التحاليل أن يحكم المنطق وينظر للأمور نظرة عقلانية.
الآن نحن مقبلون الأسبوع القادم على خوض مباراتين من عيار ثقيل جدا ولا أحد يمكنه أن يشكك في قدرات منتخبي الكونغو وبوركينافاصو اللذين كانا متواجدين بآخر كأس إفريقيا للأمم.
الغاية من هذا المحكين ليست كما يرى السائل لأننا لا نوضع في مقارنات مع أحد، والمنتخب المغربي الأول دائما كما قلت له أولوية وسبق ، لكن مواجهة منتخبي الكونغو وبوركينافاصو ستمكنني من وضع منتوج البطولة أمام المرآة الحقيقية وفي الإختبار الصحيح.
- لماذا تتجاهل استدعاء لاعبي الوداد أصباحي والكرتي، اللاعبان أفضل بكثير من عناصر تنادي عليها لتشغل نفس المركز وأنت تابعتهما في كثير من المباريات، هل للأمر علاقة باتفاق بينك وبين بنعبيشة؟
محمد فاخر: بالفعل الأمر كذلك لأني على اتصال دائم بالمدرب بنعبيشة وبناصر لارغيت، ولو أني قمت باستدعاء عدد من اللاعبين المتألقين وهم يحملون السن الأولمبية سأكون قد قلصت اختيارات بنعبيشة ووضعته في ورطة.
بالنسبة لي أن هامش الإختيار واسع عندي للاعبين من القسمين الأول والثاني بخلاف بنعبيشة المقبل بدوره على تصفيات مهمة مؤهلة للألعاب الأولمبية، وبالتالي عليه أن يستفيد من لاعبين حضروا معه معسكرات كثيرة وبانتظام، والكرتي وأصباحي يمثلان هذه الفئة ولا وجود لكلمة تجاهل على مستوى الإختيار.
- لم نلاحظ في أي من المباريات حضورا لرئيس الجامعة ولا حتى لرئيس لجنة المنتخبات في معسكرات المحليين، ألا تعتقد السي محمد أن هذه إشارة على أن هذا المنتخب لا يحظى باهتمام الجهاز المشرف على اللعبة؟
محمد فاخر: شخصيا لا أفهم الأمر كذلك لأني على اطلاع بالجهود القيمة التي تبذلها الجامعة مشكورة في شخص رئيسها وحتى السيد نور الدين البوشحاتي لمساعدة هذا المنتخب والنهوض به.
في الفترة السابقة قلت أن التركيز كان منصبا على المنتخب الأول والكان وحتى كأس العالم للأندية، وبالتالي لم يكن هناك من مجال للمطالبة بأفضل مما كان.
مؤخرا كان لي لقاء برئيس الجامعة وأكد لي بالحرف أنه سيحرص على الحضور في المعسكر القادم للمنتخب الرديف وسيلتقي باللاعبين وسيدعمهم من الناحية المعنوية بالشكل اللائق.
حين تصر الجامعة على احترام برنامج المنتخب المحلي وتضع أمامه كافة التسهيلات لمواجهة منتخبات إفريقية وبشكل غير مسبوق عن الفترة السابقة، فهذا وحده يلخص أن هذا المنتخب له مكانته ضمن خانة الإهتمام.
صاغ المونطاج: بدر الدين الإدريسي ـ منعم بلمقدم ـ جلول التويجر ـ عدسة: بلمكي