قبل ثلاثة أسابيع من المباراة العالمية الودية المرتقبة بين أسود الأطلس ومنتخب الأوروغواي فوق بساط ملعب أكادير الكبير (السبت 28 مارس 2015)، نعرض على مدى حلقات فصولا تحكي عن الضيف الحامل لقبعة بطل العالم السابق وأحد الأعمدة الأساسية لبيت كرة القدم الدولية، ونعرف به رغم عدم حاجته للتعريف لكن ثقل النزال ووزن الخصم يفرض النبش في صفحاته والوقوف عند بعض سطورها.
بلد صغير بوزن ثقيل
يعتبر الأوروغواي بلد صغير جدا بمساحة ضيئلة تطل على المحيط الأطلس وتنام بين أدرع البرازيل والأرجنتين والباراغواي، وبكثافة سكانية معدودة لا تفوق 3 مليون ونصف نسمة نصفها يتمركز في العاصمة مونتيفيديو.
يتحدث المواطنون مزيجا من اللغة المحلية كاستيلان وكذا اللغتين البرتغالية والإسبانية، ويتبع البلد في نظامه التعليمي نهجا متطورا مستمدا من إسبانيا ومتأثرا بالثقافة الأوروبية، وذلك منذ إستقلاله عن البرازيل عام 1830.
ما لا يعرفه الكثيرون عن الأوروغواي أن الأخير لا يدخل ضمن خانة الدول اللاتينية الفقيرة ولا يعاني من البؤس والتشرد كما يعانيه الكثير من قاطني هذه القارة المعطاء، بل يلقب البلد بسويسرا أمريكا اللاتينية وتعد العاصمة مونتيفيديو من بين أغلى 30 مدينة في العالم حيث تكلفة العيش باهضة جدا.
كرة القدم بوابة الشهرة
عرّفت الأورغواي بنفسها إلى العالم عبر بوابة الرياضة وتحديدا كرة القدم من خلال إكتساحها لمنصات التتويج الدولية رغم عدم تجاوز عدد سكانها أنذاك لمليوني نسمة، فمباشرة بعد تأسيس إتحادها المحلي للعبة عام 1902 شرعت في البحث عن الذات والتباري في مختلف الجبهات، إلى أن تمكنت من إبهار العالم بظفرها بميداليتين ذهبيتين أولمبيتين في نسختين متتاليتين سنتي 1924 و1928، وتحقيقها لستة كؤوس لبطولة كوبا أمريكا أعوام 1916، 1917، 1920، 1923، 1924، 1926 مما جعل الأوروغواي بطلا عملاقا منذ النشأة حرق المراحل بسرعة ولم يرض بغير التتويج رغم نعومة أظافره.
أبناء مونتيفيديو الذين رضعوا حليب الكرة من المهاجرين الإنجليز الذين عاشروهم أظهروا قتالية كبيرة وتقنيات عالية وهم يواجهون الخصوم، وكانوا يتفننون في دك شباك المنافسين من أمريكا اللاتينية بحصص عريضة إلى جانب إستعراضهم لعضلاتهم وجلدهم للأوروبيين من ألمان وطاليان وهولنديين بدون شفقة مع تركيز الملح على الحصة والأداء.
المونديال يرقص مع الشمس
بعدما حصد سلسلة من الألقاب اللاتينية والأولمبية الممكنة أنذاك جاء الدور على بطولة كأس العالم التي شرعت الفيفا في تنظيمها بدءا من عام 1930، واختيرت العاصمة مونتيفيديو موطنا لأول تظاهرة وعرس كروي عالمي بحضور 13 مدعوا من بينهم أربعة مشاركين أوروبيين هم فرنسا، بلجيكا، رومانيا، ويوغوسلافيا، فيما تعذر على البقية عبور المحيط الأطلسي لأسباب مالية ونزاعات داخلية.
ولأن منتخب الأوروغواي قوي جدا فقد قطع المسار من دون خطأ منذ البداية وحتى خط الوصول، فهزم بكل إمتاع وإقناع البيرو ورومانيا في دور المجموعات ثم أكرم وفادة يوغوسلافيا بسداسية في نصف النهاية، ليذل الأرجنتين في النهائي برباعية رافعا اللقب بين أنصاره وفاتحا سجل كأس العالم لأول مستضيف وأول بطل.
شمس المونديال غربت في مونتيفيديو وساد الظلام في أرجائها لقرابة عقدين من الزمن، بعدما قاطع الإتحاد الأورغوياني كأس العالم تعاطفا مع نظيره الأرجنتيني ورفض السفر إلى أوروبا في نسختين للدفاع عن لقبه، قبل أن تهدأ العاصفة ويأتي الصلح عام 1950 بعودة البطولة إلى أمريكا اللاتينية وتحديدا البرازيل.
ريادة وألقاب وعقدة للاتينيين
حط السيلستي الرحال بكل ثقله في الجار البرازيل وقص شريط المنافسة بقوة بسحق بوليفيا بثمانية أهداف نظيفة، واستمر في إسقاط ضحايا خصوصا منهم الأوروبيين قبل الوقوف عند اللقاء النهائي بالمضيفة البرازيل في مسرح الماراكانا أمام أنظار 180 ألف متفرج في المدرجات.
لم يتأثر رجال المدرب فونتانا باللعب خارج القواعد ولم يكترثوا للصيحات وإستفزازات راقصي الصامبا، فخاضوا المباراة بكل واقعية وحزم وعزفوا على أوتار المفاجأة ليطيحوا بالبرازيل 1-2 ويرفعوا اللقب العالمي الثاني في سجلهم، تاركين البرازيل بأكملها في حِداد تبكي جبروت الجار الصغير الذي خنقهم حتى الموت وسلبهم الكأس التي حلموا برفعها في الماراكانا، فصارت الأورغواي منذئذ غريما تقليديا وعدوا لذوذا يشكل عقدة أبدية لأصحاب العلوم الكروية.
تساوت الأوروغواي بلقبين عالميين مع إيطاليا ووقفت عند هذا الحد إلى غاية اليوم، بعدما فشلت رغم تاريخها وعراقتها وطينة منتخبها في وضع القلادة المونديالية الثالثة على صدرها، لتكتفي بدور التنشيط وبلوغ المربع الذهبي تارة والخروج المبكر تارة أخرى، فاسحة بساط التتويج لقوى البرازيل والأرجنتين وألمانيا.
وفي المسابقات القارية فالأزرق السماوي يهيمن هيمنة مطلقة ويحتل الريادة في عدد الألقاب، إذ يعتبر ملك كوبا أمريكا بـ 15 لقبا متبوعا بالأرجنتين فالبرازيل.

إعداد: المهدي الحداد

ADVERTISEMENTS


بطاقة عملاق
الأوروغواي
القارة: أمريكا اللاتينية
تاريخ التأسيس: 1902
اللقب: الأزرق السماوي
الشعار: الشمس
الترتيب الحالي في الفيفا: 9
المدرب: أوسكار تاباريز
أكثر لاعب مشاركة: دييغو فورلان (111 مباراة)
الهداف التاريخي: لويس سواريز (44 هدفا)
عدد المشاركات في كأس العالم: 12
عدد المشاركات في كوبا أمريكا: 41 
عدد المشاركات في الألعاب الأولمبية: 3 
عدد المشاركات في كأس القارات: مرتان
الألقاب: بطل كأس العالم (1930، 1950) ـ بطل كوبا أمريكا (1916، 1917، 1920، 1923، 1924، 1926، 1935، 1942، 1956، 1959، 1967، 1983، 1987، 1995، 2011) ـ بطل أولمبي (1924، 1928).