حراسة في قمة العطاء وأظهرة تحلق في العلياء
الخلل في الدفاع والهجوم قليل الإقناع
26 لاعبا الذين إستدعاهم الناخب الوطني هيرفي رونار لمباراتي جزر القمر ضمن تصفيات كأس أمم إفريقيا 2019، يتمتع جلهم بتنافسية عالية وجاهزية مطلقة، مع بعض الإستثناءات التي تهم 3 أو 4 لاعبين.
من حراسة المرمى إلى قلب الهجوم يتراقص المحترفون والمحليون فوق حبال التألق والمعاناة وغياب الإقناع، مع تسجيل إرتفاع حدة التنافس بين عدة أسود على بعض المراكز، لكن على العموم فعرين الأسود بخير ولا يشكو من نقائص كثيرة قبل إختبارين في غاية السهولة.
حراسة في القمة
على غير العادة داخل عرين أسود الأطلس، أصبحت حراسة المرمى نقطة القوة والخط الأكثر تألقا وخطفا للأنظار من بقية الخطوط، ليصير الحراس في الواجهة ويتصدروا العناوين، بعدما كان الحديث طيلة السنوات الماضية عن الأزمة وفراغ الساحة من هؤلاء.
الحارسان منير المحمدي وياسين بونو في القمة ويتمتعان بجاهزية مطلقة وتنافسية عالية جدا هذا الموسم، إذ يعتبر الأول أحد أفضل لاعبي مالقا والمساهمين حاليا في تصدر ترتيب الدرجة الثانية، ويملك رصيدا يبلغ 7 مباريات كأساسي لم يستقبل فيها سوى 3 أهداف.
أما بونو فهو مفترس وباسل ومتألق في جل عروضه في الليغا مع جيرونا، وموسمه الجاري هو الأبرز على الإطلاق في مشواره الكروي لما يقدمه من لقاءات مثيرة وبطولية ضد أكبر وأصغر الأندية الإسبانية، الشيء الذي يجعله منافسا شرسا على الرسمية مع صديقه المحمدي.
ويشكل توهج حارسي الفريق الوطني معا وتنافسهما الحاد ورطة للناخب الوطني هيرفي رونار، الذي قد يعيد المحمدي لمركزه المعتاد أو قد يعزز بونو كأساسي بعد نزال مالاوي السابق، مع إحتمال أكبر لنهج أسلوب المداورة بينهما في مباراتي جزر القمر.
قلب الدفاع عليل
بعدما كان نقطة القوة في تصفيات كأس العالم أضحى قلب الدفاع يؤرق ويهيج الأوجاع، لسبب وحيد يتجلى في قلة التنافسية وغياب العميد المهدي بنعطية.
القيصر والقائد يواصل الإعتزال المؤقت تاركا مركزه للعميد الثاني مروان داكوسطا، والذي يبصم على مسار موفق بتنافسية عالية ورسمية ثابتة مع باشاكسهير التركي، ويلعب بشكل دائم كأساسي وسجل هدفين متوقعا في وصافة الترتيب وراء غلطة سراي وبلهندة.
ويشكل داكوسطا الإستثناء في قطب الدفاع العليل، فغانم سايس لا يلعب إلا نادرا ولا يملك غير دقائق معدودات مع وولفرهامبتون الإنجليزي، والوضع الأكثر سوءا بالنسبة لنايف أكرد الذي لا يجد موطئ قدم حتى في كرسي إحتياط ديجون، ويسقط في جل المباريات من اللوائح الرسمية، مع خوضه لتسعين دقيقة فقط في الليغ1 موقعا هدفا ضد نيس.
ثنائية الدفاع في قادم الإستحقاقات والمواعيد ستعرف بلا شك الإعتماد على سايس وداكوسطا رغم عدم تساويهما في ميزان الجاهزية والتنافسية، في إنتظار عودة القائد بنعطية التي قد تأتي قبيل بداية كأس إفريقيا 2019.
أجنحة تحلق في العالي
إشتعل وطيس المنافسة داخل الفريق الوطني على مركز الأظهرة، الذي يعرف غزارة في الإختيارات وكثرة اللاعبين الذين يمارسون على أعلى مستوى في أوروبا.
من حسن وسوء حظ رونار أنه يتوفر على 3 أظهرة رائعة ونشيطة وتوقع على مباريات ممتازة في الآونة الأخيرة، لكن واحد فقط هو من سيلعب على الأرجح وسيجلس البقية في كرسي البدلاء أو المدرجات.
أشرف حكيمي ثار على الذات وقبض على مكانته مع دورتموند وصار يمول الأهداف ويتناوب على تسجيلهما بكل رشاقة ومتعة في البوندسليغا، والشأن ذاته لنوصير المزراوي الذي يسمو مع أجاكس كل أسبوع في البطولة الهولندية كما بعصبة الأبطال الأوروبية، كما عثر حمزة منديل على مفتاح التنافسية والإبداع مع شالك لينصهر بسرعة ويصبح أحد نقاط قوة النادي الأزرق.
الثلاثي الشاب المتحمس والمتلألئ والمتمتع بأسمى صور الجاهزية والقتالية والفعالية يثير النقاش وعلامات الإستفهام إن كانوا سيحضرون في التشكيلتين الأساسية أو الإحتياطية لرونار ضد جزر القمر، أم أن درار العاطل والشارد بإسطنبول سيتشبت بمقعده، ولن يناقشه أحد في رسميته رغم عدم لمسه للكرة منذ شهر ونصف.
ميزان الوسط مختل
يتراقص ميزان وسط الميدان الإرتدادي بين من يلعب أسبوعيا ويتألق ويضع البصمات، وبين من يعاني في صمت ولا يركض في الملاعب إلا نادرا، مع تسجيل حالة خاصة للمايتسرو امبارك بوصوفة.
الأخير بدون فريق ولا مباراة في الرصيد منذ لقاء إسبانيا في المونديال، لكن معيار الجاهزية والتنافسية غير معتمد به مع هذا القائد الذي تتجاوز صلاحياته القيادية أرضية الملعب، ليكون المدرب الثاني والمربي والمؤطر النصوح والصارم مع بقية اللاعبين.
كريم الأحمدي وفيصل فجر يلعبان أسبوعيا مع الإتحاد السعودي وكون الفرنسي وحرثها للملاعب بتضحية وإيثار صفة تضعهما دائما في القمة، وتجعلهما الأولى بشغل خط وسط الميدان الإرتدادي والرابط في الظرفية الحالية.
أما سفيان أمرابط ويوسف أيت بناصر فيعانيان بشدة خصوصا الأول الذي لا يلعب مع كلوب بروج ويكتفي في أغلب المباريات بالمشاهدة من بنك الإحتياط أو المدرجات، بينما الثاني ذهب ضحية سوء نتائج موناكو، فتم تكسير إنطلاقته الموفقة دون سابق إنذار من المدرب ليوناردو جارديم، ليختل إيقاعه ويُدفع بهدوء نحو الرحيل عن الإمارة في الميركاطو الشتوي.
القادة أصحاب السيادة
لا خوف على صناع اللعب وقادة وسط الميدان الهجومي بالفريق الوطني، لأنهم لا يزيغون عن سكة التوهج واللمعان في كل مباراة مع أنديتهم الأوروبية والخليجية في المسابقات المحلية والإقليمية والقارية.
المايسترو حكيم زياش لا يفوت موعدا إلا ويضع فيه رحيقه مع أجاكس سواء بالتمرير أو التهديف، وتنافسيته العالية توازي بصماته المؤثرة لتكرسه نجم النجوم ورقم 1 بعرين الأسود على كافة الأصعدة، لكن إصابته ستحرمه من الحضور مع الأسود هذه المرة ليغيب المايسترو وترتبك حسابات رونار وخطته الهجومية.
نور الدين أمرابط أفضل المحترفين الأجانب بالبطولة السعودية هذا الموسم، لم يتغير فيه شيء ولم تنقص منه ذرة مما هو معهود عنه رغم تركه لأوروبا وذهابه إلى الخليج، وسلاحه واجب ولا مفر منه كجناح موزع ومصدر الخطر الحقيقي للخصوم عبر التوغلات والتمريرات والشراسة البدنية.
وبدرجة أقل من زياش وأمرابط يأتي يونس بلهندة الذي غاب لثلاثة أسابيع عن غلطة سراي بالبطولة التركية بسبب الإيقاف، لكنه تواجد كأساسي في لقاءات عصبة الأبطال الأوروبية وبدا بكامل الرشاقة والحيوية، ورجوعه مؤخرا للتباري محليا يعزز تمتعه بكامل اللياقة والجاهزية والتنافسية، ليأخذ دور زياش.
مهاجمون بخلاء
رباعي الهجوم الصريح وأصحاب الإختصاص بتسجيل الأهداف لا يستقرون على حال، ومستواهم متباين بين من يسجل ويختفي، ومن يصوم لشهور ويفقد البوصلة.
خالد بوطيب رقم 1 والمهاجم الأساسي متواضع هذا الموسم ومتذبذب، وعداده سجل هدفا واحدا في 8 مباريات، علما أنه صام عن هز الشباك لمدة فاقت 3 أشهر.
أما بديله يوسف النصيري نجم لقاء مالاوي السابق بتسجيله ثنائية، فرصيده فارغ مع ليغانيس وتنافسيته لا تتجاوز 240 دقيقة، بعد حضوره في مباراتين كأساسي وخمسة كإحتياطي بالليغا دون بصمات ولا تأثير.
هذا ولا يقنع المهاجم يوسف الكعبي في الصين مع هيبي فورتين، إذ إكتفى بالوصال مع المرمى لثلاث مرات في ظرف شهرين، وهو معدل تهديفي ضعيف لقناصٍ صُرفت عليه الملايين دون أن يجد بعد مفتاح التسجيل الثابت والمستقر في المباريات المتتالية.
وحتى العائد وليد أزارو الذي إنتُقذ رونار بسبب إسقاطه سابقا لا يطرب المصريين كثيرا هذا الموسم، إذ تراجع مستواه ولم يعد فعالا كما كان الموسم الفارط، والدليل تسجيله لهدف وحيد في البطولة يعود إلى مطلع شهر غشت الماضي، علما أن آخر مرة مارس فيها دوره كهداف تعود إلى مواجهة كامبالا سيتي بعصبة الأبطال الإفريقية حينما سجل ثنائية.
المحليون بكامل الحيوية
إرتفعت كوطة اللاعب المحلي مجددا داخل الفريق الوطني بعدما تراجعت لشهور خصوصا في المونديال، فآثر الناخب الوطني العودة للمنتوج الوطني وإستدعاء 4 أسماء من الغريمين الرجاء والوداد.
ورغم الجدل وغياب الإجماع عن أحقيتهم بالتواجد ضد جزر القمر وإن كانوا سيلعبون أم سيجلسون في المدرجات، فإن واقع التنافسية والجاهزية يؤكدان أنهم في كامل قوتهم التقنية والبدنية، وبعضهم يمر بأفضل أيامه كالحارس التكناوتي الذي إنقض على الرسمية مع الوداد وقاده ببراعة للتأهل لدور الثمن بكأس زايد للأندية العربية ونصف نهائي كأس العرش، وعبد الإله الحافيظي قائد أوكسترا الرجاء الذي يعود له الفضل في الصحوة والثورة الأخيرة للنسور على الواجهتين المحلية والقارية، لكن من سوء حظه أنه أصيب وسيغيب عن العرين.
وإلى جانبهما يحضر ضابط إيقاع الوداد صلاح الدين السعيدي الذي إختمر تجارب السنين وأكد أن العطاء والسخاء يزداد بعد تجاوز سن الثلاثين، فيما يتمايل إسماعيل الحداد فوق حبل الإقناع مع القلعة الحمراء، فيرعب في مباراة ويختفي في مباريات، لكن حضوره ليس بغريب عن تربصات العرين.
وآخر الملتحقين المدافع أشرف داري الذي عوض زياش المصاب ونال أجمل هدية من رونار، لتكون التمثيلية المحلية برباعية ودادية.