ظهر الثلاثاء نشرت صحيفة "ماركا" الإسبانية الواسعة الانتشار تقريرا على موقعها الالكتروني بعنوان "إسبانيا لا تزال تنتظر تألق أسنسيو". جاء الرد سريعا من الجناح الشاب فسجل "تقريبا" هدفين رائعين ولعب ثلاث تمريرات حاسمة خلال فوز بلاده الساحق على كرواتيا 6-صفر ضمن عصبة الأمم الأوروبية في كرة القدم.
اعتبر التقرير أنه "من العادل القول أن أسنسيو مع منتخب إسبانيا ليس هو نفسه الذي يشارك مع ريال مدريد في كل أسبوع"، عطفا على بحثه المستمر عن هز الشباك مع منتخب "لا روخا" في 16 مباراة دولية، منذ استدعائه لأول مرة من قبل المدرب السابق فيسنتي دل بوسكي.
لكن ماركو أسنسيو كان دون شك النجم الأول في مباراة اكتسحت فيها إسبانيا وصيفة بطلة العالم الثلاثاء في مدينة التشي القريبة من أليكانتي المتوسطية. هناك أطلق إبن الثانية والعشرين تسديدة جميلة بيسراه من خارج المنطقة هزت شباك منتخب مودريتش ورفاقه، موقعا هدفه الدولي الأول، ثم ما لبث أن أطلق ثانية أروع ارتدت من العارضة إلى ظهر الحارس لوفري كالينيتش فاحتسب الهدف باسم الأخير.
أسنسيو لم يكتف بجوهرتيه، فلعب دور الممرر في الشوط الثاني وقدم كرات حاسمة لرودريغو مورينو وسيرخيو راموس وإيسكو، ليصبح ثاني لاعب منذ الهداف السابق راوول غونزاليس في 1999 يسجل هدفا ويمرر 3 كرات حاسمة في مباراة واحدة مع المنتخب الأيبيري.
كان أسنسيو قريبا من ارتداء قميص بلاده في كأس أوروبا 2016، لكن اسمه تواجد بعدها ضمن لائحة المدرب جولن لوبيتيغي الذي أقصي عشية المونديال بسبب إعلان تعاقده مع ريال مدريد.
مشوار أسنسيو في السنوات الأخيرة عابته التناقضات. فبرغم تألقه لفترات متقطعة مع ريال خصوصا في عصبة أبطال أوروبا 2017 وتسجيله في ربع النهائي ضد بايرن ميونيخ الألماني والنهائي أمام يوفنتوس الإيطالي، عاد خطوة دولية إلى الوراء فاستدعي إلى منتخب تحت 21 عاما حيث سجل 7 أهداف في 18 مباراة.
في مونديال روسيا، عول عليه المدرب "الموقت" فرناندو هييرو لمنح فريقه مزيدا من العمق، لكنه لم يترك أثرا كبيرا في المباراة الوداعية ضد روسيا في ثمن النهائي.
لكن في عهد المدرب الجديد لويس أنريكي، نزل في الشوط الثاني خلال الفوز على انكلترا 2-1 ضمن المستوى الأول من عصبة الأمم الأوروبية. برع بعدها في مواجهة كرواتيا، لتحقق إسبانيا بداية مميزة في رحلة التعافي بعد الخروج المونديالي المبكر، مع لاعب يتعين على أنريكي الاستفادة تماما من موهبته.
ختم موقع الصحيفة المدريدية برسالة تلقفها اللاعب الأعسر سريعا "ليس من مسؤوليته تغيير (منتخب) إسبانيا، لكن حان وقت التألق لأسنسيو".
كمعظم نجوم الكرة، عرف أسنسيو فترات حزينة في مسيرته. ولد في جزر الباليار فأطلقت عليه والدته الهولندية اسم ماركو، تيمنا بالهداف التاريخي لهولندا ماركو فان باستن.
عانى نقصا في هورمونات النمو في طفولته وآلاما كبيرة في مفاصل ساقيه وكاحليه، لدرجة لم يكن قادرا على المشي بعد المباريات. لكن الضربة القاسية التي تعرض لها تمثلت بوفاة والدته بعد معاناة مع السرطان وهو لا يزال في الخامسة عشرة.
روى رئيس النادي الملكي فلورنتينو بيريز في المؤتمر الصحافي خلال تقديمه أن والديه قابلاه في مايوركا عندما كان طفلهما بعمر التاسعة وقالا له "هذا ابننا ماركو وسيلعب يوما في ريال مدريد".
عندما أصبح بعمر الثامنة عشرة، اتصل بيريز بنجم كرة المضرب رافايل نادال، أحد المشجعين العلنيين لريال والمتحدر أيضا من مايوركا، طالبا منه حث عمه ميغل أنخل، المدير الرياضي في مايوركا، للمساعدة على التعاقد مع أسنسيو، بحسب ما قال رئيس الفريق الملكي في حديث إذاعي مع "أوندا سيرو".
انتقل إلى ريال من مايوركا مطلع 2015 مقابل نحو 4 ملايين اورو فقط، بعد محاولة جدية من برشلونة لضمه، علما بأنه كان مشجعا لريال في طفولته.
مطبات موجعة جعلته صاحب شخصية قوية على أرض الملعب، وسرت تكهنات أخيرا حول انتقاله إلى ليفربول الإنكليزي للحلول بدلا من البرازيلي فيليبي كوتينيو المنتقل إلى برشلونة. حتى أن وكيل أعماله أوراسيو غاجولي قال ان ريال رفض عرضين وصلا "إلى 150 مليون اورو" للتخلي عن أسنسيو، خصوصا بعد فشله بحجز موقع أساسي مع المدرب السابق زين الدين زيدان، والذي كان الطفل ماركو يعلق صورته في غرفة نومه.
استهل 30 مباراة أساسيا في البطولة خلال موسمين، أي أقل من عدد المباريات التي خاضها في موسم واحد مع اسبانيول عندما كان معارا من فريق العاصمة.
عزز أسنسيو التكهنات الشهر الماضي باحتمال رحيله، بتصريحه لمجلة "جي كيو": "خياري الأول كان دوما التتويج مع ريال مدريد. بعد ذلك لا نعلم ماذا قد يحصل".
لكن بعد سمفونيته ضد كرواتيا، أكد أسنسيو نيته البقاء مع الفريق الملكي "لم تكن لدي النية أبدا بالذهاب إلى مكان آخر"، علما بأن اللاعب مدد عقده السنة الماضية لستة أعوام ببند جزائي يناهز 500 مليون اورو.
ومع رحيل المدرب زيدان والنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى يوفنتوس، استهل أسنسيو في إشراف مدرب ريال الجديد لوبيتيغي المباريات الثلاث في البطولة المحلية مع بطل أوروبا في السنوات الثلاث الأخيرة.
عن دوره مع المدرب الجديد، أوضح اللاعب الذي سجل 21 هدفا و15 تمريرة حاسمة في 95 مباراة مع ريال وأحرز معه ثمانية ألقاب، "هذا الموسم الثالث لي وأعتقد انه لدي استمرارية وإمكانية البروز أكثر".