سيكون جمهور ملعب "أليانز أرينا" في ميونيخ تحت المجهر الخميس عندما تلتقي ألمانيا وضيفتها فرنسا بطلة العالم في مستهل مشوارهما في النسخة الأولى من دوري الأمم الأوروبية، وذلك ترقبا لاحتمال أن يكون لاعب الوسط التركي الأصل إلكاي غوندوغان عرضة لصافرات الاستهجان مرة أخرى.
وقرر لاعب وسط مانشستر سيتي الإنكليزي، خلافاً لمسعود أوزيل، مواصلة مشواره مع المنتخب الألماني على رغم الجدل الذي تسببت به صورة اللاعبين التركيين الأصل، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكان موقف غوندوغان مخالفاً لقرار أوزيل لاعب وسط أرسنال الإنكليزي، والذي قرر اعتزال اللعب مع المنتخب على خلفية "العنصرية" والجدل التي أثارته الصورة مع الرئيس التركي في منتصف ماي الماضي.
وأثقلت هذه القضية كاهل المنتخب الألماني وتركت أثرها عليه خلال حملته في مونديال روسيا هذا الصيف حيث تنازل عن اللقب العالمي وودع البطولة من الدور الأول بعد فوز وهزيمتين.
وكتب غوندوغان على القميص الذي قدمه لأردوغان خلال لقائه في لندن "إلى رئيسي"، ما دفع الجمهور الألماني إلى توجيه صافرات الاستهجان له خلال المباراة التحضيرية الأخيرة لمونديال 2018 ضد السعودية (2-1) في ليفركوزن، وهو الأمر الذي أثر كثيراً على لاعب مانشستر سيتي الذي شُكِك بولائه لألمانيا، كما حال أوزيل، ما دفعه الى البكاء إثر اللقاء حيث قال وقتها: "هذه اللحظة التي لن أنساها أبدا، حتى نهاية حياتي".
لم يمر أوزيل بما اختبره غوندوغان في تلك الأمسية لأنه بقي على مقاعد البدلاء، فيما دخل لاعب سيتي في بداية الشوط الثاني بدلاً من ماركو رويس، إلا أن ما حصل وما تبعه من جدل وانتقادات لم يدفع لاعب دورتموند السابق إلى الرضوخ للضغوط والاعتزال دولياً، مؤكداً مراراً بأن تلك الصورة مع أردوغان ليس لديها أي أبعاد سياسية.
أما أوزيل، فالتزم الصمت لما بعد المونديال قبل أن يتخذ قراره بعد أن قال في بيانه: "بقلب مفعم بالأسى، وبعد الكثير من التفكير بسبب الأحداث الأخيرة، لن أعود لألعب على المستوى الدولي ما دمت أشعر بهذه العنصرية وعدم الاحترام تجاهي".
ورغم الجدل الذي تسببت به الصورة مع أردوغان، وما تلاها من أداء متواضع أدى إلى الخروج من الدور الأول للمونديال، قرر المدرب يواكيم لوف الاعتماد مجددا على غوندوغان في التشكيلة التي ستواجه فرنسا.
قلبان ينبضان في صدره
وبدا هذا الأسبوع أن هذه القضية أصبحت من الماضي نظراً للصور التي التقطها مع الجمهور والابتسامات التي وزعها يميناً وشمالاً خلال تجمع المنتخب استعداداً للقاء الخميس، لكن لحظة الحقيقة ستدق في ملعب "أليانز ارينا" عندما يحتشد قرابة 60 ألف متفرج لمتابعة المباراة الأول لمنتخب بلادهم بعد خيبة المونديال الروسي.
وأبدى مهاجم المنتخب وبايرن ميونيخ توماس مولر رغبته بتوجيه "إشارة قوية، أن نظهر بأننا جميعا متضامنون، ولهذا السبب علينا أن نظهر دعمنا لإلكاي غوندوغان أكثر من السابق".
ومن جانبه، دعا لوف "جميع المشجعين لتقديم دعمهم" للاعب الذي خاض 27 مباراة دولية. أما في حال لم يفعلوا ذلك؟ "لن أهرب، سأواجهه. سيكون بمثابة اختبار نضج بالنسبة لي. أنا أفتخر دائما باللعب لألمانيا"، بحسب ما أجاب غوندوغان مع تذكيره بـ "تجاوز حدود العنصرية في بعض الأحيان" في ذروة هذا الجدل.
على أرض الملعب، لم يكن غوندوغان أفضل من زملائه خلال المونديال الروسي، لكن المدرب ما زال يعتبره جزءاً رئيسياً من عملية إعادة البناء لأنه "على الصعيد الرياضي، استدعاؤه لم يشكل نقطة نقاش على الإطلاق بالنسبة لي" بحسب ما شدد لوف، مضيفا "أرى فيه لاعباً مهماً جداً بالنسبة لنا، سيتجاوز الآن الخطوة التالية له في المنتخب الوطني".
بالنسبة للاعب وسط مانشستر سيتي، الأمور واضحة ولا لبس بشأنها "هناك قلبان ينبضان في صدره"، واحد لألمانيا وآخر لتركيا، بحسب ما حاول أن يشرح لوف، مضيفا "لقد أكد ولاءه لقيم فريقنا، اتحادنا ولنا جميعا".
وحرصا منه على عدم تفاقم الأمور، أكد اللاعب بأنه لم يكن يوماً ضحية أي تمييز في المنتخب الوطني. ورداً على ما كشفته وسائل الاعلام من ألقاب متداولة في المنتخب، منها "الكاناك" للاعبين من أصل أجنبي (في إشارة إلى السكان الأصليين الميلانيزيين لكاليدونيا الجديدة)، و"البطاطا" للاعبين الألمان الأصيلين، قال غوندوغان "هذه مجرد نكات، لا علاقة لها على الإطلاق بالعنصرية".