ورد في مقدمة كتاب البورد «قانون كرة القدم 19/2018».... ص 13:
«قوانين كرة القدم يسيرة نسبيا مقارنة بالرياضات الجماعية الأخرى، ولكن حيث أن عديد من المواقف شخصية والحكام ما هم إلا بشر (وبالتالي يرتكبون بعض الأخطاء) بالتالي بعض القرارات حتما ستؤدي إلى جدل ومناقشات بالنسبة لبعض الأشخاص، هذا الجدل جزء من الإستمتاع باللعبة، ولكن سواء كانت القرارات صحيحة أو خاطئة، تتطلب روح اللعبة احترام قرارات الحكام دائما «ص 13».
إن المتأمل في العبارات المسطر عليها، سيجد بأن المجلس التشريعي البورد، يقر بحق الحكام في الخطأ لأنهم بشر، ويعترف بأن الجدل الذي تخلقه بعض القرارات التحكيمية هو جزء من الإستمتاع باللعبة، وينتهي إلى التأكيد على أن روح اللعبة تتطلب احترام قرارات الحكام دائما.
فلماذا إذن تم إدخال "الفار" لتصحيح هفوات الحكام التقديرية؟ ولماذا تم تجريدهم من حقهم في الخطأ باعتبارهم بشرا؟
ألا يخطئ اللاعب في التسديد أمام مرمى فارغة؟ ألا يخطئ الحارس في التصدي لكرات سهلة؟ ألا يخطئ المدرب في تغييراته وتكتيكاته؟
... لقد كان الحكم في السابق سيد كل القرارات التحكيمية، الصحيحة منها والخاطئة، رغم تواجد حكمي «الشرط» آنذاك، فتغير اسمهما إلى حكمين مساعدين، حيث اتسعت مهامهما لتشمل الأعلان عن الاخطاء والمخالفات القريبة من منطقتهما، بما في ذلك الاعلان عن ضربة جزاء إذا ارتكبت المخالفة بالقرب من مكانهما، وكانا في وضعية أحسن من الحكم (وهي الصلاحيات التي ستسحب منهما بعد إقرار تقنية الفار)، ثم أضيف إلى «المساعدة»، حكمان مساعدان إضافيان يتواجدان على خطي المرمى، كانت مهامهما، مساعدة الحكم على التأكد من تجاوز الكرة بكاملها خط المرمى بما في ذلك متى تم إحراز هدف، وأي الفريقين يستحق الحصول على زاوية أو ضربة مرمى، بل وكانت لهما الصلاحية في مساعدة الحكم على رصد المخالفات التي تقع داخل منطقة الجزاء إذا كانت زاوية الرؤية لديهما أكثر وضوحا من الحكم (وهي الصلاحية التي ستسحب منهما بعد إدخال تقنية الفيديو)، إذن: حكم + حكمان مساعدان + حكمان مساعدان إضافيان + حكم رابع + مساعد الحكم الاحتياط (مهمته تعويض أحد المساعدين أو الحكم الرابع) والكل يتواصل بوسائل إلكترونية جد متطورة، ورغم ذلك بقيت الهفوات والأخطاء واردة، وهي - جزء من الإستمتاع باللعبة - كما ورد في الكتاب، لكن هل بإدخال تقنية "الفار"، يمكن القول أننا لا زلنا نستمتع باللعبة؟ وأن الأخطاء والهفوات لن تقع؟
لا أعتقد ذلك، فحتى "الفار" يشغله بشر «حكام الفيديو»، ورغم أن التكنولوجيا قد وفرت لهم كل إمكانيات إعادة اللقطة من زوايا مختلفة وبسرعة بطيئة، إلا أنهم يخطئون أيضا – والحالات التحكيمية في مبارتي المغرب والبرتغال والمغرب واسبانيا – خير دليل على ذلك، أضف إلى ذلك تكسير وتيرة استئناف اللعب، وجعل الفرحة والمتعة موقوفة التنفيذ حتى وقت آخر تكون الفرحة آنذاك قد خمدت وانطفأ لهيبها.
إن إدخال تقنية الفيديو إلى لعبة كرة القدم، إنما هو أمر وراءه الربح الإقتصادي فقط ، وإثراء الشركات الكبرى المحتكرة للتكنولوجيا الحديثة في زمن العولمة والصورة، أما تعابير: «الإستمتاع باللعبة» و«احترام قرارات الحكام» و«الحكام ما هم إلا بشر وبالتالي يرتكبون الأخطاء» فهي تعابير لا وجود لها في قواميس التكنولوجيا الحديثة التي لا يهمها إلا تسويق آلياتها وأدواتها لتربح من ورائها شركاتها الشيء الكثير.