ودعت كأس العالم في يوم واحد أبرز موهبتين عرفتهما ملاعب كرة القدم خلال العقد الماضي، بخروج الأرجنتيني ليونيل ميسي وغريمه البرتغالي كريستيانو رونالدو من الدور ثمن النهائي لمونديال روسيا 2018.
في مسيرتهما الزاخرة بالألقاب على صعيد الأندية، تشارك نجما برشلونة وريال مدريد الإسبانيين في الكثير من الأمور: الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم خمس مرات، ألقاب من طينة البطولة الاسبانية وعصبة أبطال أوروبا... حتى في مونديال روسيا، تشارك خيبة اضاعة ضربة جزاء (ميسي ضد ايسلندا، ورونالدو ضد إيران في الدور الأول)، وصولا الى خيبة الخروج من ثمن النهائي: ميسي على يد كيليان مبابي وفرنسا 3-4، ورونالدو على يد ادينسون كافاني والأوروغواي 1-2.
وبعد انتهاء حلم احراز اللقب العالمي عند عتبة ثمن النهائي، يطرح السؤال بشأن مستقبليهما مع منتخبي بلديهما. وقد تكون النسخة الـ21 من النهائيات العالمية المشاركة الأخيرة للنجمين، اذ يبلغ رونالدو من العمر 33 عاما، وميسي احتفل خلال المونديال بعيده الحادي والثلاثين.
بعد خسارة نهائي كوبا أميركا 2016 للعام الثاني على التوالي على يد تشيلي، قرر ميسي ان يضع حدا لمسيرته الدولية مؤكدا أن "المنتخب انتهى بالنسبة لي" بعد خسارته مباراة نهائية للمرة الرابعة (نهائي مونديال 2014،ـ وكوبا أميركا 2007 و2015 و2016). الا انه عاد بعد أسابيع عن قراره بعدما "فكرت جديا بالاعتزال، ولكن حبي لوطني وهذا القميص عظيم جدا".
لعب "البعوضة" دورا أساسيا في قيادة بلاده الى نهائيات روسيا 2018 بعدما سجل ثلاثية الفوز على الاكوادور (3-1) في الجولة الأخيرة من تصفيات أميركا الجنوبية، مانحا نفسه فرصة تعويض ما فاته في المشاركة الدولية السابقة على أمل قيادة بلاده الى لقبها الأول منذ 1986.
لكن المكتوب قرئ من عنوانه ومنذ المباراة الأولى، لأن مشوار ميسي في المونديال الروسي كان شاقا: فرط بفرصة منح بلاده الفوز في مباراتها الأول ضد ايسلندا (1-1) باهداره ضربة جزاء، ثم مني ورفاقه بهزيمة ساحقة أمام كرواتيا صفر-3 في أسوأ خسارة لبلاده في الدور الأول منذ 1958 حين سقطت أمام تشيكوسلوكيا 1-6.
وسخرت وسائل الاعلام من ميسي ورفاقه بعد هذه الهزيمة وتحدثت التقارير عن شرخ بين اللاعبين ومدربهم خورخي سامباولي، لكن "البيسيليستي" أنقذ نفسه في المباراة الثالثة وتجنب الخروج من الدور الأول للمرة الأولى منذ 2002 بفوزه الصعب على نيجيريا 2-1 بفضل هدف ماركوس روخو في الدقيقة 86، بعدما افتتح ميسي التسجيل.
أمل الأرجنتينيون في ان تكون المباراة بمثابة خروج المارد من القمقم، لكن مبابي ورفاقه أعادوهم الى أرض الواقع وحلم اللقب الأول منذ 1986.
ومن المرجح أن تكون نتيجة الأرجنتين في النهائيات حاسمة في تحديد المستقبل الدولي لنجم برشلونة، استنادا الى ما قاله في مقابلة مع صحيفة "سبورت" الإسبانية "يرتبط الأمر بما سنحققه والى أين نصل، أين سننتهي".
وتابع "خسرنا في النهائي خلال ثلاث مشاركات متتالية"، مضيفا "هذا الأمر جعلنا نعيش لحظات صعبة للغاية مع وسائل الاعلام، لاسيما الأرجنتينية لأنه كانت هناك اختلافات في الرأي حول ما يعنيه الوصول الى المباريات النهائية الثلاث".
وبدأ مسلسل الاعتزالات مباشرة بعد مباراة ضد فرنسا، حيث أعلن لاعبا الوسط خافيير ماسكيرانو ولوكاس بيليا انهاء مشوارهما مع "البيسيليستي".
وبعدما اكتفى بثلاثة أهداف في مشاركاته الثلاث السابقة في كأس العالم، ضرب رونالدو بقوة في مستهل مشواره الروسي بتسجيله أربعة أهداف في المباراتين الأوليين ضد إسبانيا (3-3) ثم المغرب (1-صفر)، وكان الحاضر الغائب في لقاء الجولة الثالثة ضد ايران (1-1).
بسبب هذه النتيجة، خسرت البرتغال صدارة المجموعة لصالح إسبانيا، وأجبرت على مواجهة الأوروغواي التي فازت بمبارياتها الثلاث في دور المجموعات، عوضا عن روسيا المضيفة التي سقطت أمام سواريز ورفاقه بثلاثية نظيفة.
ودفع رونالدو ورفاقه ثمن ما حصل ضد ايران وضربة الجزاء الضائعة، وانتهى حلمهم بتكرار سيناريو صيف 2016 حين توجت البرتغال بلقب كأس أوروبا للمرة الأولى في تاريخها.
وما يشغل رونالدو الآن يتجاوز حدود المنتخب ومشاركته الأخيرة المحتملة في كأس العالم كونه سيكون في السابعة والثلاثين من عمره خلال مونديال قطر 2022، بل أن مستقبله مع فريقه ريال مدريد على المحك ايضا.
وبدأت التخمينات بشأن مستقبل صاحب الكرة الذهبية خمس مرات بسبب ما أدلى به مباشرة بعد فوز ريال بلقب عصبة أبطال أوروبا للموسم الثالث على التوالي بفوزه في النهائي على ليفربول الإنكليزي 3-1، حين قال "كان من الجيد اللعب مع هذا النادي"، مستخدما صيغة الماضي.
عاد رونالدو وأخمد الحريق الى حد ما خلال الاحتفالات باللقب القاري في مدريد حين قال لجماهير النادي الملكي "موعدنا الموسم المقبل"، لكن صحيفة "ريكورد" البرتغالية أكدت أن مواطنها سيترك ريال مدريد لا محالة.
وما يزيد من غموض مستقبل "سي آر 7" في مدريد أن المدرب الفرنسي زين الدين زيدان اتخذ قرارا مفاجئا بالرحيل عن القلعة البيضاء رغم الفوز بلقب عصبة الأبطال ثلاث مرات في ثلاثة مواسم له كمدرب لريال.
وحدها الساعات والأيام القليلة المقبلة ستكشف الحقائق وما سيكون قرار رونالدو مع المنتخب وريال على حد سواء، وميسي مع المنتخب الوطني.