أعلن الفرنسي زين الدين زيدان الخميس رحيله عن الإدارة التقنية لنادي ريال مدريد الاسباني في مفاجأة مدوية وغير متوقعة، بعد أيام من تدوين اسمه في السجل التاريخي لكرة القدم القارية، بإحرازه لقب عصبة أبطال أوروبا للمرة الثالثة تواليا.
وفي مؤتمر صحافي دعيت اليه على عجل وسائل الاعلام الاسبانية، كشف النجم الدولي السابق البالغ 45 عاما، انه قرر إنهاء مسيرته الزاخرة بالألقاب كمدرب للنادي الملكي، والتي بدأت في مطلع العام 2016.
وقال زيدان والى يمينه جانب رئيس النادي فلورنتينو بيريز "اتخذت قرارا بعدم البقاء في الموسم المقبل كمدرب لريال مدريد. بعد ثلاثة أعوام، أحتاج الى مسار مختلف، الى طريقة أخرى للعمل".
وأضاف زيدان الذي كان عقده مع النادي الملكي يمتد حتى 2020 "لا أرى نفسي أنني سأواصل الفوز في السنة المقبلة، وأنا شخص فائز ولا أحب أن أخسر (...) أعتقد انه الوقت (المناسب) بالنسبة للجميع، لي، للفريق".
وبدا زيدان متأثرا وهو يودع النادي الذي دافع عن ألوانه كلاعب بين 2001 و2006. وقال "على هذا الفريق ان يستمر بتحقيق الفوز. بعد 3 أعوام، هذا الفريق بحاجة الى خطاب آخر، وخطة عمل أخرى، يحتاج الى تغيير".
وشكل قرار زيدان مفاجأة في أوساط كرة القدم، لاسيما وانه يأتي بعد أيام قليلة من التتويج الأوروبي، وقبل نحو أسبوعين من انطلاق منافسات كأس العالم في روسيا (14 يونيو-15 يوليوز).
وكان بيريز من أبرز المفاجئين، اذ أكد ان قرار زيدان كان "غير متوقع".
أضاف "هذا يوم حزين (...) هذا المنزل سيبقى عائلته الى الأبد. لقد نجح هنا وفاز بكل شيء كما تعلمون. أشكره على التزامه، على شغفه. لا شك لدي بأنه سيعود".
وقاد زيدان المدرب ريال الى تسعة ألقاب منذ توليه الادارة الفنية للنادي خلفا للاسباني رافايل بينيتيز المقال في يناير 2016، علما ان الفرنسي كان في ذاك الوقت يتولى تدريب الفريق الرديف لريال، وسبق له العمل كمساعد لمدربه السابق الايطالي كارلو أنشيلوتي.
وتولى زيدان الاشراف على أحد أعرق أندية كرة القدم بعد 12 عاما من نهاية مسيرته كأحد أبرز من احترف اللعبة. وبينما انتهت مسيرة زيدان اللاعب بـ "نطحة" شهيرة بحق مدافع المنتخب الايطالي ماركو ماتيراتزي في نهائي مونديال 2006، ختم الفصل الأول من مسيرته التدريبية في القمة.
وأتى إعلان قراره الرحيل بعد خمسة أيام من تدوين اسمه كأول مدرب في تاريخ عصبة الأبطال يحرز اللقب ثلاث مرات تواليا. كما انه بات المدرب الثالث فقط في تاريخ المسابقة التي انطلقت عام 1956، يتوج بثلاثة ألقاب.
وأحرز ريال لقبه الثالث تواليا والثالث عشر في تاريخه في دوري الأبطال، بفوزه السبت على ليفربول الانكليزي 3-1 في المباراة النهائية في كييف.
وفي تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، شكر عميد الفريق المدافع سيرخيو راموس زيدان على فترة "مذهلة". أضاف "ارثك لن يمحى أبدا، أحد أكثر الفصول نجاحا في تاريخ نادينا المحبوب ريال مدريد".
في مقابل النجاح القاري، فقد النادي هذا الموسم لقب الدوري الاسباني لصالح غريمه برشلونة. لكن الفرنسي الذي شكك مراقبون في إمكانية نجاحه كمدرب لناد عريق كريال، قاد النادي الملكي في أقل من ثلاثة أعوام الى كل الالقاب الممكنة باستثناء كأس اسبانيا.
ففضلا عن الليغا في 2017، لم يخسر ريال أي مباراة نهائية بقيادة زيدان: عصبة الأبطال 2016 و2017 و2018، الكأس السوبر الاوروبية 2016 و2017، مونديال الأندية 2016 و2017، والسوبر الاسبانية 2017.
ولم يقدم إجابة وافية حول مستقبله، اذ أكد انه لا يبحث "عن فريق آخر".
وقال انه حاليا "لا أبحث عن تدريب فريق آخر. عرفنا فترات صعبة في الموسم الحالي وذلك يجعلك تفكر واعتقد انه حان الوقت لكي أستقيل. ربما اللاعبون يحتاجون الى تغيير وأريد ان اتوجه بالشكر اليهم لانهم هم من يقاتلون في ارضية الملعب وقد تشرفت بتقاسم هذه السنوات الثلاث معهم".
وأردف قائلا "لست متعبا او مرهقا من التدريب. عندما تصل الى مرحلة معينة وتعيش تلك الفترة الصعبة ففي وقت ما يجب ان تعرف متى تتوقف، من اجل ومن صالح هذا الفريق لكي يواصل الفوز (...) أريد ان أنهي هذه المرحلة بأفضل طريقة ممكنة مثلما فعلت عندما كنت لاعبا".
أضاف زيدان، وهو أحد المدربين القلائل الذين قرروا بمحض ارادتهم ترك "الميرينغي" المعروف بأنه لا يرحم مع مدربيه "يجب ان تكون ذكيا لمعرفة الوقت الذي تتوقف فيه (...) لدي شعور جيد، لا يجب أن أحزن، حتى نكون صريحين فهذا اليوم ليس جيدا بالنسبة لي، هي فترة أو لحظة صعبة ان تفصح عن قرارك بالرحيل ولكنه ليس وداعا ولكن الى اللقاء".
وسريعا، بدأت الترجيحات حول احتمال ان يكون تدريب منتخب فرنسا الوجهة المقبلة لزيدان، في حال رحيل مدربه الحالي ديديي ديشان بعد المونديال.
وقال غي لاكومب، مدربه الذي كان سببا في تألقه في بداية مسيرته الكروية مع كان، لوكالة فرانس برس "الآن، بعد ريال مدريد، ما هو النادي الذي يمكن ان يدربه؟ (...) أعتقد أنه في يوم من الأيام سيرغب في تدريب المنتخب الفرنسي. هذا واضح، لم يخف ذلك أبدا. يجب أن يتم لك في ظروف جيدة، في الوقت المناسب، وهذا، لأنه صبور، لن تكون هناك مشكلة".
وأعرب المدرب الحالي للمنتخب وزميل زيدان السابق في تشكيلة المنتخب المتوج بلقب مونديال 1998 ديديي ديشان، عن دعمه لتولي زيدان المنصب، بقوله الخميس "سيصبح مدرب فرنسا يوما ما".
أضاف ديشان المرتبط بعقد حتى 2020 "حاليا يريد الحصول على بعض الراحة وتمضية وقت مع عائلته (...) يوما ما سيصبح مدرب المنتخب الوطني. لا يمكنني ان أقول متى، لكن بالنسبة إلي الأمر منطقي".
وعلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خطوة زيدان بقوله "ان خيار الرحيل بعد ثلاثة ألقاب كبيرة هو أحد أشكال الحكمة والذكاء. آمل في ان يتمكن من أداء دور للبلاد لأنه شخص يلهم جيلنا الشاب".