عندما أنفق باريس سان جرمان الفرنسي أكثر من 400 مليون اورو الصيف الماضي من أجل تعزيز صفوفه بلاعبين مثل البرازيلي نيمار وكيليان مبابي، لم يكن هدفه من ذلك استعادة لقب البطولة المحلية من موناكو أو الفوز مجددا بالكأس الفرنسية وكأس العصبة الفرنسية.
الهدف كان جليا بالنسبة للجميع وهو أن يدخل سان جرمان نادي كبار القارة العجوز من خلال احراز لقب عصبة أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، وبدا، أقله على الورق، قادرا على تكرار انجاز مرسيليا الذي كان ولا يزال الفريق الفرنسي الوحيد الفائز باللقب المرموق (1993).
إن ضم نيمار ومبابي اللذين كلفاه 222 و180 مليون اورو على التوالي للحصول عليهما من برشلونة الإسباني وموناكو، الى الأوروغوياني ادينسون كافاني والأرجنتينيين أنخل دي ماريا وخافيير باستوري والإيطالي ماركو فيراتي أو ادريان رابيو، جعلا من النادي الباريسي المرشح الأقوى لمحاولة ازاحة ريال مدريد عن عرش القارة.
لكن الحلم تحول الى كابوس في أمسية باريسية للنسيان لأن سان جرمان عجز عن تعويض خسارته ذهابا أمام ريال 1-3، وسقط مجددا أمام بطل الموسمين الماضيين بنتيجة 1-2 في غياب نيمار الذي خضع لعملية جراحية السبت في بيلو هوريزونطي لمعالجة كسر في القدم تعرض له في البطولة المحلية في 25 فبراير، وسيبتعد لفترة قد تمتد ثلاثة أشهر.
وما يزيد من حسرة النادي الباريسي وادارته القطرية، أن ريال جدد الفوز على سان جرمان رغم أن فريق المدرب الفرنسي زين الدين زيدان ليس في أفضل حالاته وأبرز دليل خروجه من مسابقة الكأس المحلية وتخلفه في البطولة الإسبانية بفارق 15 نقطة عن غريمه برشلونة المتصدر.
وانتهى مشوار سان جرمان للموسم الثاني على التوالي في الدور ثمن النهائي وعلى يد فريق اسباني آخر، بعد خروجه الموسم الماضي أمام برشلونة الذي حقق انجازا تاريخيا بعدما عوض خسارته ذهابا في باريس صفر-4 وتأهل الى ربع النهائي بحسم الاياب 6-1.
وسيشكل الخروج من عصبة الأبطال بهذه الطريقة رغم الأموال الطائلة التي أنفقت، على الأرجح نهاية مشوار المدرب الإسباني اوناي ايمري، في العاصمة الفرنسية لا سيما أن عقده الحالي ينتهي الصيف المقبل.
ويتضمن بند التجديد التلقائي لعقد ايمري شرطا بأن يصل سان جرمان الى الدور نصف النهائي على أقل تقدير، وهو أمر لم يحققه الفريق سوى مرة واحدة في تاريخه كانت عام 1995 حين خسر أمام ميلان الإيطالي.
وبدا المدرب الباسكي متفائلا بحديثه عن المستقبل حين قال "صحيح اننا نريد ان (ننمو) بسرعة... لكن مع الصبر نريد بناء فريق يفوز في المستقبل"، مضيفا "عندما جئت الى هنا قلت لنفسي +أنا متأكد من ان هذا الفريق سيحرز لقب عصبة الابطال+. لكنها عملية مرتبطة بالوقت. هذه السنة انتهى الامر. لكن قد يحصل ذلك العام المقبل".
وبالنسبة لنيمار الذي انتقل الى سان جرمان من أجل الخروج من ظل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، فكل ما بإمكانه فعله هو الاستعانة بتويتر للقول "أنا حزين للخسارة، وحزين أكثر لأني لم أكن على أرضية الملعب من أجل مساعدة زملائي!! ما يجعلني أشعر بالفخر، هو رؤيتي المجهود الذي بذله كل واحد. تهانينا +أيها الشبان والى الأمام باريس+ (بالفرنسية)".
لكن الاكتفاء بمنافسة فرق مثل متز وانجيه وغانغان واميان لما تبقى من الموسم، ليس من الأهداف التي وضعها نيمار لنفسه عندما قرر الانضمام الى سان جرمان، وهذا الأمر يدفع الى التساؤل عن إمكانية رحيله عن "بارك دو برانس".
وفي الاجابة عن هذا السؤال، بدا قائد سان جرمان البرازيلي الآخر تياغو سيلفا غير جازم في هذا الموضوع، بالقول "أعتقد بأنه سيبقى. لقد تحدث (عن البقاء) ووالده ايضا. سنرى ما سيحصل من الآن وحتى نهاية الموسم، بعد كأس العالم" المقررة الصيف المقبل في روسيا.
وذهبت ادراج الرياح كل الجهود التشجيعية التي شارك فيها قبل المباراة لاعبون سابقون في سان جرمان، مثل انطوان كومبواري، برنار لاما ودانيال برافو، والأجواء الحماسية للجمهور الموجود في المدرجات والذي كان غير قادر حتى على لجم اندفاعه خلال الوقوف دقيقة صمت تكريما للمدافع الايطالي دافيدي استوري الذي فارق الحياة ليل السبت الاحد اثر ازمة قلبية.
على جمهور النادي الباريسي الاكتفاء الآن بفرحة احراز لقب البطولة المحلية الذي يتصدره بفارق 14 نقطة عن موناكو قبل 10 مراحل على نهاية الموسم، والاحتفاظ بلقبي الكأس (وصل الى نصف النهائي) وكأس العصبة (وصل الى النهائي)، دون أن ينسى ايضا مشكلة النادي مع اللعب المالي النظيف المطبق من قبل الاتحاد القاري للعبة، بعد الانفاق الخيالي الذي قام به بحثا عن اللقب القاري المرموق.