عن جدارة وإستحقاق يتربع كريم الأحمدي على عرش أفضل المحترفين المغاربة لهذه السنة، بعدما قطع مشوار 12 شهرا بالكثير من التميز والتوهج داخل أوروبا وخارجها، محققا ألقابا جماعية وفردية ومساهما في رجوع فاينورد إلى الواجهة المحلية والقارية.
الولاء لزعيم فاينورد
يرتبط كريم الأحمدي بعلاقة حب وطيدة مع فاينورد، نسجها منذ سنة 2008 وتتواصل إلى غاية اللحظة، مع فراق قصير لثلاث سنوات في إتجاه برمنغهام ودبي حيث عاش قصتين سريعتين رفقة أسطون فيلا والأهلي.
الموسم الحالي هو الثامن لكريم في قلعة روتردام التي بات يتسيدها، ويوليها بكامل إهتمامه ووفائه بعدما وجد فيها راحته وطمأنينته داخل الأراضي المنخفضة.
وسبق للاعب أن بدأ مساره الكروي قبل 14 عاما بتفينتي حيث رأى النور ومشى أولى خطواته، لكن الشهرة والمجد عانقهما بين أدرع فاينورد لسنوات طويلة.
العمادة والقيادة بإقتدار
بعد إعتزال العميد الهولندي السابق كويت نهاية الموسم الماضي، تولى كريم رسميا مهام عمادة الفريق وتدبير شؤونه داخل وخارج الملعب، ليصبح القائد الموجه واللاعب المثالي، والأخ النصوح والمدرب الثاني.
العمادة جلباب مسؤولية تحملها الأحمدي عن جدارة وإقتدار، وأفلح في إيصال رسائله وفرض شخصيته، رغم أنه لطالما عُرف عنه الخجل والهروب من فوهات النيران والوقوف في الصفوف الأمامية.
ويعتبر مدرب فاينورد فان بروكخوست الأحمدي لاعبا مثاليا ومنضطبا وقدوة لجميع لاعبي فريقه، ويزنه بالذهب في وسط ميدانه الذين يتيه ويفقد البوصلة كلما غاب العميد لأسباب صحية.
ملك الإيرديفيزي الأول
ربح الأحمدي وفاينورد لقب كأس هولندا سنة 2016، وكان بمثابة إعلان مصالحة النادي مع الألقاب ومنصات التتويج المحلية عقب سنوات من الإحباط والفشل واليأس.
وعلى نفس المنوال وبطموح أقوى ورغبة شديدة، أفلح رفاق العميد الرزين في التتويج ببطولة الإيرديفيزي لسنة 2017 عن جدارة وإستحقاق، ليعيد البسمة إلى الجماهير التي لم تفرح بتربع الفريق على عرش مملكة الكرة الهولندية منذ عام 1999.
وجاء نشوة رفع الدرع بطعم مغربي فريد وأساسي في وصفة التتويج، حينما فرض كريم نفسه وكان من المساهمين البارزين في الظفر باللقب، بأرقام وإحصائيات عالية وتنافسية شديدة لوّنها بعطاء سخي ورائع.
أفضل لاعب ورياضي
نظرا لمساهمته الكبيرة في إعتلاء فاينورد عرش الإيرديفيزي والمصالحة مع اللقب الهارب منذ زهاء عقدين، فقد جاءت المكافآت من كل حذب وصوب لتجازي الأحمدي على ما قدمه طيلة موسم كامل من الجد والإجتهاد.
جل المنابر الإعلامية الهولندية من قنوات وصحف ومواقع أجمعت على أن كريم هو أفضل لاعب في الموسم، ليتم تتويجه رسميا كأحسن لاعب في الإيريديفيزي ويخلف بالتالي مواطنه حكيم زياش، كما حصل على أحذية ذهبية وجوائز فردية رمزية من أنصار النادي ومجلات محلية كعربون شكر وإعتراف.
وجاءت آخر جوائز الأحمدي لسنة 2017 من بلدية مدينة روتردام التي إختارته بداية شهر دجنبر الجاري كأفضل رياضي في المدينة وشخصية العام، ليتجاوز نطاق الكرة ويصبح رمزا من رموز البلاد الرياضية ومعها العاصمة المعمارية لهولندا.
ميزان الأسود الذهبي
التغريد والتألق بهولندا واكبه الأحمدي بتميز وتوهج آخر في القارة السمراء، حينما حضر حدثين بارزين هذه السنة مع الفريق الوطني.
الأحمدي لعب في مستهل العام كأس أمم إفريقيا وتجاوز مع الأسود دور المجموعات لأول مرة في مشواره الدولي، وأسدل الستار بأحلى فرحة وأجمل إحساس على الإطلاق والمتمثل في الظفر بتأشيرة التأهل لكأس العالم بروسيا 2018.
صحيح أن الأحمدي من أقدم اللاعبين بالعرين وسبق وأن لعب عدة تظاهرات قارية ودولية، لكن ما عاشه خلال هذه السنة فاق التوقعات وبقليل من الحظ كان سيجني أول لقب له مع الأسود.
هذا وشكل صاحب 32 سنة علامة الجودة الممتازة بوسط الميدان، والمقاتل الرائع الذي بلغ مرحلة النضج ليصبح أيقونة الأسود وميزانهم الذهبي وضابط إيقاعهم الماهر.
عام تاريخي وناجح
الفوز ببطولة هولندا والمشاركة في عصبة الأبطال الأوروبية مع فاينورد، والتألق في كأس أمم إفريقيا بالغابون ثم التحليق بعبور مونديالي تاريخي بعد 20 سنة من الغياب، أهم الإنجازات الجماعية التي حققها الأحمدي في أفضل سنوات مشواره الكروي القريب من نهايته.
وفرديا جمع إبن القصر الكبير المجد والجوائز والمكافآت من الهولنديين من صغيرهم إلى كبيرهم، وزاد من منسوب الحب والإحترام لدى المغاربة الذين يعتبرونه العمود الفقري للفريق الوطني، ويصفونه بالجلاد الصامت والمحراث الذهبي.
عصارة السنين وإجتهاد عقد ونيف أثمر أخيرا فواكه طرية في حقل الأحمدي، والغلة ما زالت تتساقط بسخاء مع أمل في حصد مسك الختام ببلاد الدببة الصيف القادم.