أكاديميات وملتقيات لبلوغ المستوى العالي
وبالنظر لما للأكاديميات والملتقيات الرياضية الكبرى من أهمية في التعريف بثروات المغرب الطبيعية والمناخية والإجتماعية، فإن جلالة الملك سيطلق إسمه الكريم على أكاديميات تهدف إلى التكوين الرياضي من المستوى العالي بوضع اللبنات الأولى لمنظومة دراسة ورياضة، كما سيدفع الكثير من الجوائز التقليدية والمستحدثة إلى تسلق الدرجات على المستوى العالمي، كما هو حال جائزة الحسن الثاني وجائزة للا مريم للغولف وجائزة الحسن الثاني الكبرى للتنس وجائزة محمد السادس للاعبي التنس المحترفين وكأس محمد السادس للكاراتي وجائزة محمد السادس للملاكمة، وبخاصة ملتقى محمد السادس لألعاب القوى الذي نجح في أن يكون ضمن محطات العصبة الماسية لألعاب القوى العالمية.
وكتتويج لهذا الإنفتاح على العالم، سيدعم صاحب الجلالة الملك محمد السادس إستضافة المغرب لنسختي كأس العالم للأندية سنتي 2013 و2014، وقد شكل ترؤسه لنهائي نسخة 2013 الذي بلغه نادي الرجاء البيضاوي إلى جانب نادي بايرن ميونيخ الألماني حدثا تداولته كل وسائل الإعلام لما أضفاه جلالة الملك على الحدث من لمسة ملكية وإنسانية معبرة بالفعل عن الشخصية الفذة لقائد المغرب.
وأبدا لم يفوت صاحب الجلالة الفرصة ليشمل بكريم عنايته رموز الرياضة الوطنية، بخاصة أبطالها الذين يرفعون راية المغرب خفاقة في التظاهرات الرياضية الكبرى، ومثلما أنه يوجه وزارة الشباب والرياضة واللجنة الوطنية الأولمبية والجامعات إلى رصد كل الإمكانيات المادية والفنية لكي ينجح الأبطال المغاربة في إختباراتهم العالمية، فإنه يسارع إلى تكريمهم سواء عندما ينجزون للمغرب، ما يخلد إسمه في سجل البطولات العالمية وما يملأ المغاربة فخرا، أو عندما يستحقون من جلالته لفتة إنسانية تكافئهم على مسيراتهم البطولية.
الرياضة تفتح الشرفات على إفريقيا
وتماشيا مع المقاربة التي أبدعها جلالة الملك في انفتاح المغرب على قارته الإفريقية، المقاربة القائمة على التشاركية في بناء الإقتصاد الإفريقي بسواعد إفريقية، ما استحق عليه الشكر والعرفان من إخوانه رؤساء الدول الإفريقية والثناء من كل دول العالم، فإن الرياضة المغربية ستفتح الشرفات على القارة الإفريقية، بهدف بناء الشراكات القائمة على المنفعة المتبادلة، وكانت جامعة كرة القدم بالنظر لجماهيرية اللعبة وتجدرها الكبير في وجدان الأفارقة، المبادرة الأولى لترجمة فلسفة جلالة الملك على أرض الواقع في ما يتعلق بسياسة جنوب جنوب، إذ إشتغلت على محورين، أولهما التوقيع بأحرف عملية على شراكات مع ما لا يقل عن أربعين جامعة وطنية إفريقية، جرى تفعيلها سريعا بمبادرات عملية رفعت قدر المغرب ورسخت وفاءه بكل تعهداته، وثانيهما إعادة المغرب لمراكز القرار داخل الكونفدرالية الإفريقة لكرة القدم مع انتخاب السيد فوزي لقجع عضوا بالمكتب التنفيذي لهذه الهيئة، قبل أن يجرى تعيينه في ما بعد نائبا للرئيس عطفا على مبادراته الخلاقة لإخراج المنظمة الكروية الإفريقية من نمطيتها وجمودها.
إلا أن اللحظة القوية التي ستبرز في الزمن المغربي الإفريقي الجديد، هي دعم جلالة الملك لاحتضان المغرب لمناظرة كرة القدم الإفريقية المنعقدة يومي 18 و19 يوليوز، ليس هذا فقط بل إن صاحب الجلالة سيضفي رعايته السامية على هذا التناظر الإفريقي الأول من جنسه ونوعه لتدارس واقع كرة القدم الإفريقية، ما جعل المناظرة التي جمعت قرابة 400 شخصية تمثل كل أطياف عائلة كرة القدم الإفريقية، تحقق نجاحا منقطع النظير على كافة المستويات، لتبادر المنظمات الكروية العالمية من إتحاد دولي إلى كونفدرالية إفريقية إلى توجيه عميق الشكر والإمتنان لصاحب الجلالة الذي رعى هذا التناظر التاريخي.
الملك يحدد علل الكرة الإفريقية
وعلى غرار الصدقية والبراغماتية والمعرفة الدقيقة والموضوعية التي ميزت الرسالة الملكية السامية الموجهة للمناظرة الوطنية حول الرياضة المنعقدة سنة 2008 بالصخيرات، فإن صاحب الجلالة سيخص مناظرة كرة القدم الإفريقية المنعقدة مؤخرا بالصخيرات، برسالة ملكية إعتبرها كل الخبراء والمتناظرين بمثابة تشريح دقيق لواقع كرة القدم الإفريقية وترسيخا للأدوار التي بات المغرب يضطلع بها في مسلسل تنمية القارة.
وقد إفتتح جلالته رسالته إلى المناظرة بالتأكيد على المغزى من إضفاء رعايته عليها بالقول:
«وقد أبينا إلا أن نضفي رعايتنا السامية على هذا الملتقى الإفريقي الكبير، ليس فقط اعتبارا للمكانة التي تحتلها إفريقيا في قلوبنا، ولعلاقات الأخوة والتضامن والتعاون التي تربطنا بشعوبها، وإنما أيضا لإيماننا الراسخ بأن مستقبل إفريقيا يبقى رهينا بتأهيل شبابها، وفتح الآفاق أمامه لإبراز مؤهلاته، وبمدى القدرة على إدماجه.
إذا كانت إفريقيا غنية بثرواتها الطبيعية، فهي غنية قبل كل شيء بشبابها، الذي يمثل ثلثي ساكنة القارة، والذي نثق في قدرته على المساهمة الفاعلة، في تحقيق الإقلاع الذي نتطلع إليه جميعا، إذا ما وفرنا له الظروف المواتية للتعبير عن مواهبه وصقلها.
ومن هذا المنطلق، فإن تطوير الممارسة الرياضية بكل أشكالها وكرة القدم بالخصوص، يمثل إحدى الركائز الأساسية لتنمية الشباب  وإدماجهم في محيطه الإجتماعي والاقتصادي، ولتقوية مناعتهم ضد كل أشكال الإنحراف والتطرف، والمغامرة بأرواحهم وبمستقبلهم عبر اللجوء إلى الهجرة غير الشرعية.
إن كرة القدم هي قيم ومبادئ، قبل أن تكون مجرد رياضة تهدف إلى تحقيق الألقاب فقط، فهي تقوم على إذكاء الروح الرياضية، والعمل الجماعي، والتنافس الشريف، وتساهم في تعزيز الإنفتاح والتفاهم والتقارب بين الشعوب».
هذه أهم تحديات كرة القدم الإفريقية
وانتهى جلالة الملك إلى التذكير بأهم التحديات التي تواجه كرة القدم الإفريقية والتي يتوجب على المناظرة أن تضع في صورة رؤية يجب نزيلها تدريجيا وبشكل شمولي، وقال:
«إن كرة القدم الإفريقية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، برفع تحديات التحديث والعصرنة، ومواكبة التطورات المتسارعة التي تعرفها الرياضة العالمية.
 ولن يتأتى لنا ذلك، إلا بترسيخ الحكامة الجيدة للهياكل التسييرية، وتحسين جودة التكوين، وتطوير البنيات التحتية، وتوفير متطلبات ولوج عالم الإحتراف، وتعزيز آليات تسويق المنتوج الكروي الإفريقي، وإيجاد التوازن بين تطوير كرة النخبة والكرة الجماهيرية».
وشدد صاحب الجلالة على أن المغرب سيلعب دوره كاملا في مساندة المنظمات الكروية الأهلية والإفريقية للإضطلاع بمسؤولية تطوير كرة القدم الإفريقية بقوله:
«لقد عملنا على رجوع المغرب إلى مكانه الطبيعي داخل المؤسسات الإفريقية، وعلى رأسها الإتحاد الإفريقي، واللجنة التنفيذية للإتحاد الإفريقي لكرة القدم، إيمانا منا بضرورة العمل المشترك مع أشقائنا داخل هذه المؤسسات، من أجل خدمة قضايا القارة والدفاع عن مصالحها.
فالمغرب يتقاسم مع أشقائه الأفارقة نفس التحديات، ونفس الطموح، من أجل تطوير وتوسيع نطاق الممارسة الرياضية بشكل عام، والإرتقاء بكرة القدم بالخصوص، إيمانا منه بالدور الهام الذي تلعبه في تحقيق التنمية البشرية، وتقوية الإندماج والتلاحم الإجتماعي، وتعزيز الإشعاع الجهوي والقاري والدولي.
وتجسيدا لسياستنا التضامنية مع دول القارة، وإيمانا منا بأهمية التعاون الإفريقي البيني، فإن المغرب حريص على وضع التجربة التي راكمها في المجال الرياضي، رهن إشارة أشقائه الأفارقة.
وفي هذا الإطار، وقعت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أكثر من 34 اتفاقية، همت العديد من المجالات كالتكوين والبنية التحتية، والطب الرياضي، وتبادل الخبرات التقنية، فضلا عن استقبال التربصات الإعدادية للفرق الوطنية لمجموعة من الدول الإفريقية الشقيقة بمختلف فئاتها.
وإن المغرب يتطلع لانبثاق قارة إفريقية قوية، متعاونة ومتضامنة، تتبوأ المكانة التي تستحقها في مختلف المؤسسات والمحافل الدولية، سواء على مستوى صناعة القرار، أو على مستوى المشاركة، أو بخصوص الدفاع عن حقها المشروع في تنظيم التظاهرات الكروية العالمية، وفي مقدمتها احتضان نهائيات كأس العالم».
هذا ما يريده الملك من العائلة الرياضية
إن المغازي والدلالات التي يحفل بها الإحتفاء بعيد العرش المجيد، تلزمنا من باب العرفان كعائلة رياضية أن نخص بعظيم الشكر والإمتنان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على كل المبادرات التي خص بها قطاع الرياضة والرياضيين، وعلى أنه لم يفوت أي فرصة لكي يحيط الرياضة الوطنية بسابغ عطفه، والذي حاولت هذه المقالة الإحاطة ببعض وليس بكل جوانبه، كما أن مبادلة الوفاء بالوفاء مصداقا لميثاق البيعة، تلزم عائلة الرياضة الوطنية، مؤسسات وهيئات ونواد وجمعيات بالتحلى بروح المواطنة والمضي قدما في مسلسل التصحيح والتقويم لإحلال الحكامة الجيدة ودمقرطة العمل الرياضي وبذل كل الجهود من أجل ان يتبوأ الرياضيون المغاربة أرفع الدرجات لتحقيق ما يصبو إليه ملك البلاد وما يتطلع إليه المغاربة، إذ تشكل الإنجازات الرياضية الكبرى مناسبة لتقوية التلاحم ورفع منسوب الإنتماء للوطن، إلى جانب التداعيات الإيجابية لأي رياضة مهيكلة ومققننة على المشروع التنموي الوطني.
هنيئا لك يا مولاي العيد الذي أنت عيده، دمت ذخرا وملاذا وفخرا لنا كمغاربة ودمت للرياضة الوطنية راعيا وملهما وحاضنا.