أخيرا يعود الديربي البيضاوي لمعقله، وستتجه الأنظار مجددا يوم الأحد لمركب محمد الخامس، حيث سيكون الموعد مع هذه القمة الكروية بين الوداد متزعم الترتيب، وبين الرجاء المطارد المباشر، عشاق الكرة المستديرة في كل ربوع المملكة، وحتى خارج الحدود ينتظرون بشغف كبير هذا الصدام القوي بين قطبي الكرة البيضاوية، فنتيجة المباراة ستحدد بشكل كبير معالم سبورة الترتيب وكذا مصير اللقب، الفريق الأحمر يملك مصيره بين أرجل لاعبيه، في حين سيراهن الفريق الأخضر على تقليص الفارق الذي اتسع في الدورة السابقة عقب الهزيمة المفاجئة أمام فارس الفوسفاط، لكل فريق إذا حساباته الخاصة، وسنحاول التعرف عليها في هذا الموضوع، وعلى العموم فإن الديربي يبقى مباراة الموسم والمواجهة التي لا تخضع للمنطق، وكما جرت العادة فإن جزئيات بسيطة هي التي ستحسمها لفائدة هذا الطرف أو ذاك. 
ذهاب مغترب
مباراة الذهاب احتضنها الملعب الكبير بمدينة أكادير، وحضرها جمهور متوسط أغلبه من أنصار الرجاء بعد أن قرر جزء كبير من جمهور الوداد مقاطعة المباراة، ولم تقدم القمة ما كان منتظرا منها خاصة على المستطيل الأخضر، وعادت الأفضلية في الشوط الأول للنسور، لكن الشوط الثاني كان لصالح أصدقاء نقاش، شوط لكل فريق وانتهت المباراة بلا غالب ولا مغلوب، وبالتالي فإن المواجهة لم تبح بكل أسرارها، كما لم ينجح الوداد في رد الإعتبار والثأر من هزيمة الموسم الماضي بثلاثية، وحينها كان الويلزي طوشاك ربانا للفريق الأحمر، في حين قاد الطوسي نسور الرجاء.
ظروف المباراة
تختلف مباراة هذا الأحد عن نزال الذهاب، فالبطولة دخلت منعطفها الحاسم، وبعد الديربي لن يتبقى سوى خمس مباريات لإسدال الستار عن المنافسات المحلية، الوداد استغل بشكل جيد رحلته لمدينة تادلة وعاد بفوز غالي وثلاث نقط ثمينة سيكون لها وزن في حملة صراعه على اللقب، وفي الضفة الأخرى ضيع النسور فرصة استقبالهم داخل قلاعهم، حين تعرضوا لهزيمة مفاجئة أمام أولمبيك خريبكة، الفريق الأحمر بات في وضعية مريحة كمتصدر للترتيب بفارق خمس نقط من مطارديه المباشرين الدفاع الجديدي والرجاء، هذه الوضعية تضع الضغط الأكبر على لاعبي الفريق الأخضر المطالبين أكثر بتحقيق الفوز لتقليص هذا الفارق، وتعويض الخسارة في المباراة السابقة، وبالتالي فإن هذه الحسابات هي التي ستنعكس على فكر المدربين و خططهما، وكذا على أداء اللاعبين داخل رقعة الميدان.
التركيز على العامل النفسي
الديربيات السابقة أكدت عدم احترام المنطق، فليس الفريق الأقوى والأفضل على مستوى الترتيب هو الذي يفوز دائما، بل الفريق الذي يكون جاهزا خاصة من الناحية الذهنية هو من يتفوق، فالعامل النفسي يبقى من أهم العوامل التي يركز عليها المدربون قبل موعد القمة بين الغريمين، والتركيز مهم في مثل هذه المباريات الحاسمة، وحينما يحل الإستعصاء يفتح المجال أمام بعض الحلول الفردية، وكذا الكرات الثابتة التي قد يتم الإستنجاد بها كأحد الجزئيات التي سيراهن عليها لحسم نتيجة المباراة لهذا الطرف أو ذاك.
الأول للمدرب عموتا
أغلب العناصر التي تشكل الفريقين سبق لها أن خاضت مباريات الديربي، ولها من التجربة ما يكفي للتعامل مع هذه المباراة بدون أي مركب نقص، وإذا كان المدرب امحمد فاخر قد خاض الكثير من الديربيات سواء كلاعب أو كمدرب، وله من التجربة ما يكفي لإعداد فريقه وقيادته لتحقيق نتيجة إيجابية، بالمقابل فإن الديربي الحالي سيكون الأول من نوعه في مسار المدرب الحسين عموتا سواء كلاعب أو كمدرب، مع العلم أنه سبق له ان واجه الرجاء و كذا الوداد لكن كربان لأندية أخرى، وهذه التجربة ستنضاف لباقي تجاربه السابقة، وقد تكون مقياسا لمدى قدرته على التعامل مع مباريات تطبعها الحساسية، وبالتالي جدارته بقيادة فريق كبير من حجم الوداد، خاصة أن الديربيات غالبا ما كانت سببا مباشرا في إقالة مجموعة من المدربين. 
موازين القوى
الديربي الحالي هو 122 في تاريخ الفريقين على مستوى البطولة، وما زال الإمتياز من حيث الإنتصارات يرجح كفة النسور، لكن هذه الأرقام لا تعتبر مقياسا، فالملعب والأهداف واستغلال الفرص هي الأشياء التي يعول عليها لحسم المباراة.
الرجاء سيدخل المباراة بتشكيلته الأساسية بعد استعادة الثلاثي الذي غاب أمام أولمبيك خريبكة بسبب جمع أربعة إنذارات، وفي مقدمة العائدين العميد عصام الراقي وينتظر أن يعتمد المدرب فاخر على نفس النهج التكتيكي الذي اعتمد عليه في كل المباريات السابقة أي شاكلة (4ـ3ـ3)، وبالنسبة للوداد فقد فضل المدرب عموتا إراحة بعض العناصر في المباراة السابقة على غرار الهداف جبور وكذا بنشرقي والمدافع رابح، إضافة لنوصير الذي غاب لجمعه أربعة إنذارات، ويبقى من الصعب التعرف على التشكيلة الرسمية التي سيدفع بها عموتا  في ظل غنى التركيبة البشرية التي يتوفر عليها، لكن غالبا ما سيعتمد على أهم ركائز الفريق، كما يحتمل أن يراهن على نفس النهج التكتيكي الذي اعتمده أمام الدفاع الحسني الجديدي، وتعزيز خطي الدفاع والوسط مع الإعتماد على الهجومات المضادة السريعة لمباغثة الدفاع الرجاوي، خاصة أن نقطة أمام منافسه المباشر ستكون أفضل بكثير من لا شيء لأنها ستحافظ على فارق الخمس نقط، في حين أن الفوز سيمكنه من توسيع الفارق لثماني نقط كاملة، الديربي سيعرف أيضا مواجهة بين أقوى دفاع للرجاء وأقوى هجوم للوداد.
الدور على الجمهور
بعودة الديربي لمعقله بمركب محمد الخامس سيستعيد قيمته ومكانته التي ظل يحظى بها لعدة سنوات والتي جعلت منه أحد أهم الديربيات على الصعيد العالمي، وبهذه الحلة الجديدة التي اكتستها مدرجات المركب، ينتظر أن تشكل القمة عرسا للكرة المغربية، ومن دون شك فإن اللجنة المنظمة ستوفر كل الظروف الملائمة من أجل إنجاح هذا العرس بتنسيق تام مع السلطات الأمنية.
ويبقى الدور على جماهير الفريقين للمساهمة في إعادة الإعتبار للديربي البيضاوي من خلال حضورها الوازن للملعب وتحليها بالروح الرياضية بعيدا عن كل تشنجات وتعصب، فعشاق كرة القدم في ربوع المملكة يتشوقون للإستمتاع بالفرجة ليس على المستطيل الأخضر فحسب، وإنما أيضا بالمدرجات، فمن دون شك سيكون الملعب ممتلئا عن آخره، وكيفما كانت نتيجة المباراة، فإنها لن تكون نهاية العالم، والفوز وكذا الهزيمة لن يغيرا من الواقع شيئا، وعلى الجماهير التي ستحضر القمة أن تقدم صورة حضارية عن الجمهور المغربي وتعيدنا للزمن الجميل حين كان جمهور الوداد يجلس في مكان واحد مع جمهور الرجاء.
فكفى من الشغب وتخريب الممتلكات، والأكيد أن الإصلاحات التي خضع لها المركب وتجهيزه بالكاميرات سيمكن جهاز الأمن من ضبط أي انفلات، ومن خرج عن القانون لن يتم التساهل معه.