للمرة الثالثة تواليا، أخرج المغرب حفل جوائز الكاف في أجمل وأبهى حلة، ليمنحه بذلك قوة تسويقية رهيبة، وقد أظهر هذا الحفل على الأقل بعض الأناقة المفتقدة في كل ما تقدمه الكاف، بخاصة على مستوى منافساتها الخاصة بالأندية وبالمنتخبات، حيث يبرز الإرتجال والفوضى وسوء الإخراج.
في قارة تعبث فيها البرمجة، عندما تحكم على مباريات لعصبة الأبطال وكأس الكاف وحتى المنتخبات الصغرى، بتصدير صور سيئة عن إفريقيا للعالم، استطاع حفل الجوائز الذي استقر بالمغرب ما بين الرباط ومراكش للسنوات الثلاث الأخيرة، أن يقدم وجها مختلفا تماما، حيث تميز الحفل بطابع ساحر ضاهى في ذلك حفلات الأوسكارات للقارات الأخرى وحتى للفيفا.
إلا أن ما بين العرض والمحتوى، كان هناك ما يصيب بالفعل بالصدمة، ويؤكد أن أشياء كثيرة يجب أن تتغير داخل دهاليز الكاف التي لم تتخلص حتى الآن من جيوب الفساد.
ولم تكن جائزة أفضل لاعب في العام التي منحت للنيجيري أديمولا لقمان، وقد كان من المنطقي أن تعود للدولي المغربي أشرف حكيمي، وحدها الناطقة بهذا الفساد المعلن، بل كانت جوائز أخرى مثيرة فعلا للجدل، كحال جائزة أفضل لاعب في القارة التي ذهبت لحارس ماميلودي صن داونز رونوين ويليامز، إضافة للخلط البشع في تعيين أفضل تشكيلة للعام ذكورا وإناثا.
إن كل ما التزم به المغرب مع الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، للإرتقاء بها لمستويات تردم الهوة التي بينها وبين الكونفدراليات القارية الأخرى، فعَّله بشكل لا يجادل فيه إثنان، حتى أن النجاحات المحسوبة للكاف في سنواتها العشر الأخيرة، تحققت بفضل دعم لوجيستيكي غير مسبوق للمغرب، وبفضل استضافة بلادنا للعديد من المسابقات والفعاليات والتناظرات، بما فيها النسخ الثلاث الأخيرة لحفل الجوائز.
وأبدا لن يتوقف المغرب عن خدمة شباب إفريقيا من خلال الرياضة وكل ما يتعلق به هذا الشباب، إذ سيكون المغرب في العام المقبل مسرحا لثلاث مسابقات قارية، كأس إفريقيا الأمم سيدات، كأس إفريقيا الأمم رجال وكأس إفريقيا للأمم لمنتخبات أقل من 17 سنة، بل إنه غدا من اليوم المقر الدائم للإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بإفريقيا.
لكن حيال كل هذه الجهود المضنية التي يبذلها المغرب، من وحي التزاماته اتجاه قارته، المتضمنة في سياسة اليد الممدودة والعمق الإفريقي، وجب أن تتحرك النخب الرياضية الإفريقية لتنظيف بيت الكونفدرالية وإسقاط كل لوبيات الفساد، بخاصة تلك التي تحشر السياسة في الرياضة وتعيد الزمن البائد للتمييز بكل أشكاله.
إن مفهوم العائلة الذي يتحدث عنه باتريس موتسيبي رئيس الكاف، في كل المناسبات والخرجات الصحفية، لا يمكن إطلاقا أن يسمح باستمرار هذا العبث، الذي رأينا في حفل الجوائز صورا منه.
إضافة تعليق جديد