• وجدة تنتظر عرس الإمتاع الأخير 
يضع المنتخب الوطني اليوم الإثنين خاتمة لمشواره في تصفيات كأس إفريقيا للأمم بمواجهة منتخب لوسوطو في موقعة تتبيث المرجعيات المشتغل عليها في مباراة الغابون وإنهاء دور المجموعات بالعلامة الكاملة، أخذا بالإعتبار، أن تماسيح لوسوطو أكثر منتخب عانى أمامه الأسود، وهم يفوزون عليه بهدف وحيد.

• مرجعية الفوز بالغابون
حتما هذا هو الإمتاع والإشباع والإقناع الذي أراده الجمهور المغربي لتكذيب نوايا أعداء النجاح الذين شككوا في قدرات الأسود على التألق خارج الديار، ووضعوا حواجز غياب مناعة الأسود في الأدغال الافريقية ومدى صعوبة اكتشاف بعض المحترفين لنوايا الرحلات الإفريقية، والحال أن الأسود ووليد الركراكي كانوا فوق المقاس والميزان الذي يؤشر به المنتقدون سمات سيطرة الأسود داخل ميدانهم لما يقارب أربعة أعوام من دون أن يتوجهوا إلى الأدغال الإفريقية، وأعتقد أن الخماسية التي ترجمها الأسود عبرت عن كل شيء حتى ولو قيل أيضا أن الأسود واجهوا منتخبا عاديا، بينما تاريخ الغابون يؤسس لنا طابع الندية الشرسة، والفوز عليهم هناك وبقوة نجومهم بهذه الحصة أسكتت الحناجر الحاقدة، ومرجعية الفوز على الغابون يعطي الإنطباع على أن الركراكي واثق من اختياراته وشخصيته، ويؤمن بالإنتقاد الوجيه، ويقف حجر عثرة في من يريدون إقالته.  

• مرجعية الإشتغال الذي أدى إلى الفوز الساحق 
المرجعية الثانية في استقرائنا لفوز الأسود، جاءت من هوية التنافسية شبه المطلقة لأبرز الوجوه التي شاركت في الخماسية، ونتأكد جديا من أن الخط التصاعدي لتنافسية الأسود تدريجيا كل شهر أعطت أكلها في ترجمة الإشتغال على أدوات وأسلحة وليد الركراكي الفتاكة أولا وقراءة الخصوم  ثانيا، وتصحيح ما أخطأ فيه الأسود سابقا، وتطبيق ردة الفعل لأي هدف مسبق وكيفية التعامل معه بالشراسة واللارحمة في الوصول الى شباك الخصم ، أي اننا شاهدنا منتخبا يضغط ويريد الفوز باكثر الاهداف لا الاكتفاء بهدفين أو ثلاثة، وهذه طبعا ثقافة كروية جديرة بالإهتمام لأن الرجل في مسار الإقصائيات سطر أقوى حصة على منتخب كبير في المجموعة وبعقر داره، وهذه الخاصية هي التي نريدها في صناعة الفرص أكثر وأكثر، وكل ذلك يأتي من قناعة التنافسية الكاملة أو شبه ذلك مما وضعه البدلاء أيضا في ترجمة النتيجة من بلال الخنوس وصيباري والنصيري وأبوخلال وأزنو.

ADVERTISEMENTS

• الركراكي لن يكون ساذجا 
هذا ما عبر عنه وليد الركراكي في ندواته السابقة من أنه ارتكب خطأ كبيرا عندما غير قوام التشكيل الرسمي في مباراة لوسوطو السابقة بنسبة 90 في المائة، ما اجتر عليه ويلات حيثيات المباراة المعقدة أمام تماسيح لوسوطو والتي حسمها بهدف قاتل لابراهيم دياز، والحال أنه أراد من المباراة اختبار أسطول آخر كان فيه آدم أزنو هو سيد المباراة، ووضع نموذجا بشريا من الإحتياطيين بنسبة عالية كان مؤداها صعوبة إيجاد الحل الهجومي بعد أن راكم منتخب لوسوطو نفسه أمام ستارين دفاعيين وممارسة المضاد وقت الضرورة لذلك، وشاهدنا كيف تعذب المنتخب في إيجاد الحلول ولو أن بعضا من الفرص أهدرت عنوة، لكن مفتاح التغييرات التي أحدثها بداية من الدقيقة 56 بإشراك الزلزولي وزياش وابراهيم دياز والنصيري ورحيمي، غيرت معطى المباراة، ولم يفك معها المنتخب حل الوصول إلى المرمى الا بجهد جديد، وعلى هذا الأساس، لن يعلن الركراكي تشكيلا مغايرا على الذي استوحى به فوزه التاريخي بالغابون، بل سيثبت الخيارات والقناعات إلا بعد أن يصل إلى أهدافه وفوزه السخي مقابل إحداث التغييرات المتاحة في زمنها المحدد لذلك، أي أنه يريد الفوز أولا، ويريد ذلك بالطريقة والأداء ونسخ الإيقاع المرتفع وكل الأدوات التي يشتغل عليها. 

• أي فريق وطني سيواجه لوسوطو؟ 
نهاية مشوار التصفيات، لن يريدها وليد ختاما بدون أهداف، لأنه يريد أولا الفوز الذي يثبت سيطرته على المجموعة بالعلامة الكاملة، ويريد إيقاف زحف دفاع لوسوطو بالحلول المفترضة، مثلما يشتغل على كل الحلول المعقدة عندما يتعلق الأمر بالمنتخبات الصارمة دفاعيا، ويريد ثالثا نسخ التشكيل الذي واجه الغابون مع إحداث تغييرات طفيفة قد يراها في الدفاع أولا بين حضور ماسينا لاكتشاف نوايا المثلث الدفاعي، أو معاينة ثنائية ماسينا وأكرد رغم أنهما يلعبان بالرجل اليسرى، مع مرور مزراوي للجهة اليمنى بفعل غياب العميد حكيمي، فيما سيستقر الوسط على نفس قناعات أمرابط وأوناحي (الذي بدا متوسطا في الأداء) وبن صغير، ووضع ابراهيم دياز في مكانه الأيمن والزلزولي يسارا، وربما النصيري أو رحيمي من البداية، قبل أن يحدث في الشوط الثاني تغييرات جوهرية مثلما صاغ ذلك في مباراة الغابون، وقد يكون لبلحيان وترغالين موقعا مع صيباري والخنوس وأبوخلال، ووجوه أخرى لمنح الأكثرية تنافسيتها الدولية، لكن فوق ذلك سيكون الركراكي مرنا في التعامل مع الخصم بقوة الشخصية والقراءة التي اجتهد عليها في التداريب الخاصة بالضربات الثابتة وغيرها من الميكانيزمات الهجومية والمهارية لاصطياد الجزاء، وكلها عوامل سنراها بالملموس في موقعة لوسوطو.

هل سيعيد مدرب لوسوطو نفس النهج؟
تتذكرون ماذا قال مدرب لوسوطو قبل مواجهته السابقة أمام المغرب، قال بالضبط «سيكون المغرب هو الحلقة الأصعب، إنهم يمتلكون بعضًا من أفضل اللاعبين في أفريقيا وسيكون الأمر صعبًا للغاية، لطالما كان الغابون فريقًا تنافسيًا وقويا وكذلك منتخب إفريقيا الوسطى، ويتعين علينا أن نتعامل مع المباريات بكل احترام الذي تستحقه، لكننا نؤمن بأنفسنا ونثق في قدرتنا على تقديم شيء لإظهار التحسن في فريقنا، وسنبذل قصارى جهدنا للعب بكامل قوتنا، وستكون مباراة مختلفة عن جمهورية أفريقيا الوسطى، أريد أن أعتبر هذه المباراة الأكثر أهمية».
وقتها كان الكلام مختصرا والأداء بارزا بصرامة تكتيكية ولو أنه يملك عيارات عادية، لكنها تملك شخصية المقاومة والغدر المضاد، وشاهدنا كيف استقوى على الأسود وعذبهم إلى غاية الوقت بدل الضائع التي كان فيها ابراهيم دياز قاتل لحظات المباراة،  ما يعني أن مدرب لوسوطو قرأ المنتخب المغربي جيدا حتى ولو لم يكن هو المنتخب الأساسي كليا، لكن السؤال المطروح هل سيعيد مدرب لوسوطو نفس النهج أمام منتخب مغربي متكامل الأبنية مقارنة مع مباراة الذهاب؟ هذا ما سنراه على أرض الواقع لأنه ليس لديه ما يخسره لكونه خارج السباق ويريد ختم المشوار بأفضل إنجاز.