ما أكثر الأسئلة التي لاحقت الفريق الوطني وهو يحزم الحقائب ويتوجه إلى الغابون لمواجهة فهودها، بعد كثير من الإستضافات والمباريات التي جرت هنا بالديار، وما تعرض خلالها الأسود لوجع ومعاناة السفر صوب الأدغال.
ما يهمني تحديدا من الأسئلة الإستفهامية، تلك التي تساءلت عن قدرة الفريق الوطني على تصدير الإستعراض الكروي وترويض الظروف الخارجية للإبقاء على ذات التوهج الرقمي، وتساءلت أيضا عن نوعية الصمود الذي سيبديه لاعبون من أمثال ابراهيم دياز، إلياس بن الصغير عندما يواجهون وضعيات غريبة عليهم.
وبالطبع كان السؤال الأكبر، حول المساحة التي يفترض أن يكون الناخب الوطني وليد الركراكي قد حضرها للمناورة ولإظهار هامش التطور في منظومة اللعب.
وقد أشعرتنا الدقائق العشر الأولى من مواجهة الأسود للفهود على أرضية مبتلة بفعل التساقطات المطرية، كم كان مفيدا للغاية هذا السفر الإستكشافي للأدغال، بهدف فرض الشخصية لا الإنحناء أمام سيطرة المنافس، فقد نجح المنتخب الغابوني في نسج مدخل رهيب للمباراة، وهو يضع الأسود تحت الضغط، وكم كان موفقا في التسجيل من الدقيقة الرابعة، ليستنفر ذلك كله حواس بل وكبرياء الأسود ليس للرد فقط، ولكن لاحتواء هذا الغضب الساطع في وجوه فهود غابونية تحررت من ضغط البحث عن التأهل لكأس إفريقيا، ولكن كان بها تعطش كبير للإطاحة بمن هو اليوم أسياد إفريقيا.
وما سنشاهده من الفريق الوطني بداية من الدقيقة 15 إلى غاية آخر ثانية من عمر المباراة، أكد بالملموس أن وليد تقدم كثيرا في ورش الإشتغال على الخراسانات التكتيكية التي عليها تتأسس المنظومة وشخصية الفريق، فرغم قوة الإمتحان أعاد لنا خط الدفاع بأظهرته وعمقه أنه تحسن كثيرا دفاعيا وهجوميا، وأظهر لنا اللقاء كم كان محقا وليد في إصراره على وضع نصير مزراوي ظهيرا أيسر، برغم الكم الهائل من الإنتقادات.
وأظهرت المباراة حقيقة الإشتغال على الكرات الثابتة التي منها سجل الأسود أهدافهم الثلاثة الأولى، وأجابت ذات المباراة على سؤال الإكثار من التجريب الذي لاحق طويلا الناخب الوطني، والبدلاء الخمسة الذين حلوا بالمباراة منذ الدقيقة 64 يصادرون الرتابة ويحيون ما كان بها رميما، لنشهد هدفين من صناعة جماعية رائعة جسده هدف يوسف النصيري ومن إبداع فردي خرافي كرسه الفنان إسماعيل الصيباري.
قد لا يكون منتخب الغابون، برغم الفهود الذين يحتكم عليهم اليوم من أمثال إيمريك أوباميانغ وماريو ليمينا ودنيس بوانغا وأليفيناه، في مقاس المنتخبات الإفريقية الكبرى التي تصنف ضمن العشرة الأفضل إفريقيا، حتى نسعد كثيرا بالفوز عليه بعقر داره بخماسية بعد الفوز عليه ذهابا برباعية، إلا أن كل ما أفرزته المباراة من أرقام ومعطيات وإحصائيات ورسوم تكتيكية يقول أن الفريق الوطني ربح شوطا أول في مباراة إعادة التأسيس، عندما كان ضروريا تغيير منظومة اللعب، بإخراجها من الجلباب المونديالي وإلباسها الجلباب الإفريقي.
إضافة تعليق جديد