مباراة تختلف في الشكل والمضمون عن باقي السياقات الأخرى كما عهدناها في التصفيات، حين واجه الفريق الوطني خصومه هنا بيننا داخل الديار.
هذه المرة فهود الغابون يجرون أسود وليد لهذه المبارزة خارج الحدود، ولن يكون هذا وحده وجه الإختلاف الموجود عن باقي المباريات السابقة، بل حتى الشكل الذي ستلبسه المباراة محمول على اختلاف كبير.
هنا في فرانس فيل لن يمارس الفريق الوطني ضغطه العالي مثلما ألفه بيننا في أكادير ووجدة، في الغابون سيكون على الركراكي إبراز شكله المونديالي حين ناورنا بالمرتدات وليس بالإستحواذ، تابعوا قراءة تقنية في المباراة..
• لا تغرنكم معزوفة أكادير
تلك المعزوفة التي كانت على وقع رباعية مع الرأفة بعدما فتح فهود الغابون صدرهم بشكل ساذج وخرجوا للعب الكرة بإيعاز من مدربهم تيري مويوما، الذي قال يومها أنه حضر لربح المنتخب المونديالي على أرضه، وأنه قرأ الفريق جيدا، وخلص إلى أن دفاعه يتسم بالبطء، وهو ما سيحاول أصدقاء السهمين ليمانا وأوباميانغ المخضرمين استغلاله كما ينبغي.
ومع ذلك فتلك الحصة العريضة لم تكن لتعكس ضحالة وتهاوي هذا المنتخب، إذ أنه فعلا بلغ معترك بونو مرارا وكانت تلك المباراة أكثر مواجهة صد فيها حارس الفريق الوطني مرات وانفرادات صريحة لمنتخب منافس، بلغت 6 كرات مع إهدار ضربة جزاء، ولو استغلت واحدة منها لكان الحديث عن نتيجة غير التي انتهت إليها المباراة، لذلك كان لزاما استحضار هذا المعطى وهو أن الفريق الوطني سيواجه الإختبار الأقوى على الإطلاق منذ الكان.
• البلوك ليس عاليا
ولأن المنافس هو المعني بنقاط المباراة، والباحث عن النصر أمام الأنصار، دفاعا عن السمعة وبحثا عن شرف الإطاحة بمنتخب هو من يقبض على صدارة منتخبات القارة، بخاصة وأن خسارة إفريقيا الوسطى أمام لوسوطو حررت الفهود وهي تؤهلهم للمونديال الإفريقي، من دون حاجة لانتظار ما ستؤول إليه مباراتيهم أمام المغرب وإف يقيا الوسطى.
لن نلعب بذات البلوك المتقدم والمرتفع، لن نتصور محاصرة الغابون في الثلث الثالث من منطقتهم، ولن يكون هنالك مجال لاعتقاد أن الغابون التي جازفت وضغطت هنا في أكادير ستلعب سلاح المرتدات على أرضها.
هذا السيناريو وحده يغرينا بتتبع هذا النزال، وقراءة ردة فعل الركراكي إزاء هذا التصور الخططي لمنافسه وكيف سيتم توظيف ما لديه من عناصر لتنسجم مع المهمة الجديدة.
• العودة لوصفة المونديال؟
نعلم يقين العلم أن هذه المباراة لا تمثل مرجعا لا لنا ولا للناخب الوطني ولا للاعبين، لما سيكون عليه الوضع في الكان، لأن المنطق يقول أنه في الكان سنلعب بذات الترنيمة والشكل الذي واجهنا به كل من قابلهم الفريق الوطني بين الوديات والمباريات الرسمية، التي أعقبت الكان «أنغولا وموريتانيا، ثم الكونغو وزامبيا، ثم لوسوطو وإفريقيا الوسطى والغابون»، أي سنلاقي بمشيئة الله تعالى منافسين يتكتلون في الخلف بنظام الحافلة.
وبما أن الغابون وعطفا على تصريحات مدربيها هي من ستقود قصة الإستحواذ والضغط العالي هنا، فهذا يحيلنا لاستحضار ما يمثل نقطة قوة الركراكي وما هو من صميم اختصاصه وبطبيعة الحال تعرفتم على القصد، وهو أنه سيعود لاستحضار سلاح ووصفات المونديال التي بها قهرنا بلجيكا وكرواتيا، ثم إسبانيا والبرتغال، وأحرجنا بها فرنسا ولاحقا البرازيل وديا.
لن يحتاج الركراكي ليفتش كثيرا في مذكرته لأن نواة المونديال ما تزال حاضرة هنا وفاهمة للدرس.
• الفهود والمحك المحمود
دون شك هو محك محمود سيضعنا في الصورة، قد يمثل الإنتصار أمام منتخب يلعب بين أنصاره وفي ملعب صعب تحديا كبيرا ودفعة معنوية هائلة لطالما فتش عنها الناخب الوطني، مثلما قد يكون استمرار اقتطاع النقاط والعلامة الكاملة من مؤشرات التعافي بعد الكان، لكن مقابلها حتى وإن كان الأسود مؤهلين للكان فالخسارة قد تساهم في قلب الكثير من المواجع، لذلك جهز الركراكي "الكومندو" على مقاس الجدية اللازمة في التعاطي مع النزال وسيلعب بتشكيله المثالي وقوته الضاربة.
وفي غياب زياش سيكون هنالك ترقب لمعرفة من سيتولى دوره في التمويل والبناء والكرات الطويلة، ومن سيتقلد دور رحيمي وإن كان الكعبي احتكاما لمنطق الأرقام يقول أنه يسبق النصيري في التصنيف، على أن محور القلق هو في مركزي الرواق الأيسر الذي سيلبسه مزراوي، وهذا لا يحتمل نقاشا، ومتوسط الدفاع المرافق لنايف أكرد، وربما ماسينا الأقرب لهذا التوظيف بحكم الخبرة ومعطيات مباراة الذهاب التي عرت عبقار، لذلك هو المحك الأقوى والأكثر واقعية وجدية لوضع فكر الركراكي ومدى مرونته في التجاوب مع هذا المنافس بخطة مقنعة.
إضافة تعليق جديد