لا يمكن الحديث عن حارسات المرمى في العالم دون التوقف عند الأمريكية هوب سولو، التي تعتبر بدون شك من أفضل السيدات في تخصصها، والتي تمكنت من خلال مشوار كروي حافل، من أن تحفر اسمها بماء من ذهب في تاريخ هذه اللعبة، لتصبح أول حارسة مرمى في التاريخ تشارك في 200 مباراة دولية.
وتمكنت هذه الحارسة المتمرسة (35 سنة)، التي تتميز بردة فعلها السريعة والرشيقة وتصدياتها الرائعة، من البصم على مسيرة كروية دولية باهرة، توجت خلالها بالميدالية الذهبية الأولمبية ثلاث مرات على التوالي (أثينا 2004، وبكين 2008، ولندن 2012)، إضافة إلى لقب كأس العالم للسيدات 2015 بكندا.
مسابقة كأس العالم بكندا كانت مثالية بامتياز بالنسبة لهوب سولو، التي غادرت الملعب بعد انتهاء المباراة النهائية وحول عنقها ميدالية من المعدن النفيس وفي يدها القفاز الذهبي، كأحسن حارسة مرمى في المسابقة.
فلم تستقبل شباك حارسة مرمى بنات العم سام سوى ثلاثة أهداف طوال البطولة: هدف في المباراة الأولى ضد أستراليا، وهدفان في المباراة النهائية ضد اليابان، لتظل شباكها نظيفة بين المباراتين لمدة 540 دقيقة، وهذا ثاني أفضل رقم في تاريخ المسابقة.
لكن بالنسبة لهذه الحارسة المتمرسة، أن تكون رياضيا كبيرا أو لاعب كرة قدم أسطوري، فإن الأمر لا ينحصر أبدا في الفوز بالميداليات والكؤوس وإنما ينبغي أن يكون المرء راضيا عن أدائه راغبا باستمرار في مواصلة التطور ودفع الزملاء إلى التحسن والفوز بالمزيد من الألقاب.
بدايات سولو تعود إلى سنة 1999، عندما قضت أول معسكر تدريبي لها مع المنتخب الأمريكي، الذي كان يضم آنذاك جيلا من اللاعبات على غرار بريانا سكوري، وميا هام، وبراندي شاستاين.
وتتذكر سولو، في إحدى حواراتها الصحفية، أولى مبارياتها التدريبية مع المنتخب الأمريكي عندما أخذت الكرة وأرسلتها عاليا إلى الأمام نحو ميا هام، أحد أبرز المهاجمات الأمريكيات، لتجد ردا قاسيا من هام بأنها لا تقبل مثل هذه الكرات العالية، داعية إياها إلى تعلم تنفيذ الكرة الساقطة، أي ركل الكرة بعد أن تلامس الأرض وترتفع.
وتقول سولو .. تساءلت حينها ما هي الكرة الساقطة؟ لكنني ممتنة لميا هام لأنها صرخت في وجهي وفزعت كثيرا حينها، وأنا أعتبر اليوم من أفضل الحارسات في العالم اللاتي تجدن تنفيذ الكرة الساقطة، والتي أطلقت بها العديد من الهجمات المرتدة.
كرة القدم، تقول سولو، وإن كانت تعتمد على الموهبة الرياضية بشكل كبير، لكن المستوى الذهني والصبر والثقة بالنفس، أمور ضرورية لصناعة لاعب بمواصفات عالية قادر على كتابة التاريخ.
مسيرة هوب سولو الكروية لم تكن كلها أفراح وألقاب، فقد تعرضت حارسة عرين المنتخب الأمريكي للإيقاف من قبل الاتحاد الأمريكي لكرة القدم لمدة 6 أشهر وحرمانها من المشاركة مع المنتخب، بعد وصفها ب"مجموعة من الجبانات" للاعبات السويد، اللاتي تمكن من هزم الأمريكيات بضربات الترجيح في دور الثمانية في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، ليحرمن بذلك الولايات المتحدة من مواصلة الطريق نحو الميدالية الذهبية الرابعة على التوالي.
وأصدر الاتحاد الأمريكي حينها بيانا أكد فيه أن "تصريحات هوب سولو بعد المباراة خلال أولمبياد 2016 غير مقبولة، ولا تلائم التصرفات المطلوبة من الجميع في فريقنا الوطني".
سلوكات سولو المشاكسة، لم تقف عند هذا الحد، فقد هاجمت هذه الحارسة المتميزة، إلى جانب أربع لاعبات أخريات من المنتخب الأمريكي الفائز بكأس العالم الأخيرة لكرة القدم، وهن كارلي لويد وبيكي ساوبران وأليكس مورغان وميغان رابينو، اتحاد اللعبة أمام القضاء المدني، بسبب التمييز في الأجور، ونددن بالفارق الكبير في الرواتب مع لاعبي منتخب الرجال.
وعلى الرغم من كل هذا، تعترف سولو أنها اكتسبت تجربة خاصة على مستوى حراسة المرمى بفضل تضحياتها ومساعدة زميلاتها ونصائح المدربين والأطر الذين أشرفوا على تدريبها طيلة مسارها الرياضي، مؤكدة أن حراسة المرمى تحتاج إلى الخبرة والقوة الذهنية للتمكن من قراءة اللعب وتأويله ومعرفة لحظات القوة والضعف وتنظيم الفريق ووضع المدافعات في المراكز الصحيحة.
وهكذا، تكون هوب سولو، قد نحتت اسمها في قائمة صانعي أمجاد المنتخب الأمريكي النسوي لكرة القدم، بفضل تضحياتها وأدائها المقنع، الذي مكنها من جذب انتباه وسائل الإعلام وعالم كرة القدم، والاصطفاف إلى جانب كبار الحراس العالميين، أمثال الدولي الإسباني، إيكر كاسياس، الذي يتربع على عرش الحراس الحائزين على أكبر عدد من المشاركات الدولية.