كانت بداية الموسم الجديد من البطولة الانغولية لكرة القدم مأساوية، اذ لقي 17 شخصا حتفهم اثر تدافع داخل ملعب في شمال البلاد خلال مباراة المرحلة الاولى بين ريكرياتيفو دو ليبولو ومضيفه سانطا ريتا (1-صفر)، على ما اعلنت الشرطة امس الجمعة.
وتسبب الذعر والتدافع بين المشجعين في المباراة التي اقيمت الجمعة على ملعب سانطا ريتا دي كاسيا في مدينة اويجي، بهذه المأساة التي تسببت ايضا بعشرات الاصابات.
وقال المتحدث باسم الشرطة اورلندو برنردو لوكالة فرانس برس ان تدافعا حصل "عند مدخل ملعب 4 يناير، ما ادى الى مقتل 17 شصا، بينما جرح 56 اخرون ونقلوا الى المستشفى". واضاف ان العديد من الاطفال قضوا في هذه الحادثة.
واشارت الشرطة الى ان المئات من المشجعين حاولوا الدخول الى الملعب الذي كان يغص بالحشود ويتسع لـ12 الف شخص.
من جهته وصف فريق ريكرياتيفو دو ليبولو، الفائز بلقب البطولة المحلي اربع مرات من 2011 حتى 2015، ما حصل بأنه حادث "مأسوي".
وروى ريكرياتيفو على موقعه الالكتروني انه "في وقت كان اللاعبون في ارضية الملعب، حاول المشجعون الموجودون في الخارج دخول الملعب، وعلى الارجح ان البوابة (المؤدية الى الملعب) سقطت تحت ضغط المشجعين ما تسبب بسقوط العديد منهم ارضا وتم حرفيا الدوس عليهم من قبل الحشود".
وأضاف "هناك 17 قتيلا مؤكدا و59 جريحا على اقل تقدير (ارقام الشرطة تشير الى 56 جريحا)... انها مأساة غير مسبوقة في تاريخ كرة القدم الانغولية".
وأشار شهود عيان الى ان مشجعين كثيرين لم يكونوا من حملة التذاكر المخصصة لحضور المباراة، فيما لفت اخرون الى ان الجمهور الموجود في المدرجات لم يكن على علم بما يحصل خارج الملعب الا بعد انتهاء مأساة التدافع.
وافادت وكالة الانباء الانغولية الرسمية بأن وزارة الرياضة طلبت من الاتحاد الوطني لكرة القدم ومن المسؤولين المحليين اجراء تحقيق من اجل تحديد اسباب التدافع الدموي ودعتهم الى "اتخاذ الاجراءات المناسبة"
ونقلت الوكالة عن رئيس نادي سانتا ريتا دي كاسيا ان ما حصل كان "خطأ فادحا" قد تكون الشرطة ارتكبته "من خلال سماحها للحشود بالاقتراب من الملعب".
واضاف بدرو نزولونزي لوكالة "لوزا" ان "العديد منهم (الجمهور) ما كانوا يريدون ان يدفعوا (المال)، وان الذين كانت بحوزتهم التذاكر لم يتمكنوا من الدخول. وهنا بدأ الارتباك. هذا محزن".
واعتبر ان كل ما حدث "هو خطأ الشرطة. كان من السهل تفادي ذلك. كان مفترضا ببساطة توسيع الطوق الامني".
ومأساة ملعب "4 يناير"، ليست الاولى من نوعها بل عرف عالم كرة القدم احداثا مماثلة في اكثر من قارة وبلد، فبريطانيا اضطرت الى تجديد ملاعبها بعد ان لقي 56 شخصا حتفهم عام 1985 في حريق داخل ملعب مدرجاته مصنوعة من الخشب، وعام 1989 لقي 96 مشجعا لنادي ليفربول حتفهم بسبب حادث تدافع في مباراة ضد نوتنغهام فورست خلال نصف نهائي كأس انكلترا على ملعب "هيلزبره".
وفي عام 2009، شهدت ساحل العاج حادثا مماثلا ادى الى مقتل 19 شخصا في مباراة للمنتخب الوطني ضد مالاوي في تصفيات مونديال 2010.
كما كانت مصر في اوائل شباط/فبراير 2012 على موعد مع مأساة مماثلة حيث قتل 73 شخصا واصيب مئات اخرون في احداث شغب وقعت في ستاد مدينة بورسعيد (شمال) عقب مباراة الاهلي والمصري، لكن هذه الاحداث اتخذت بعدا سياسيا مع اتهام الاخوان المسلمين لبقايا نظام حسني مبارك بـ"تدبيرها".
واندلعت احداث الشغب فور قيام الحكم باطلاق صافرة انتهاء المباراة بفوز المصري على الاهلي 3-1، فنزلت جماهير الاول الى الملعب واتجهت نحو جمهور النادي الاهلي وهاجمته بالحجارة والزجاج والالعاب النارية.
وفي 2001، تسبب تدافع في ملعب "اكرا سبورتس ستاديوم" في غانا بمقتل 127 شخصا خلال مباراة بين الغريمين المحليين اكرا هارتس اوف اوك واسانتي كوتوكو.
وكان اسانتي كوتوكو حينها في طريقه للفوز بالمباراة الا ان المضيف اكرا هارتس اوف اوك سجل هدفين في الدقائق الاخيرة ليحسم النتيجة لمصلحته 2-1، ما اثار حفيظة الجمهور الزائر فرمى المقاعد الى ارضية الملعب وتسبب بشغب كبير ما دفع الشرطة الى استعمال الغاز المسيل للدموع، وهذا الامر ادى الى التدافع والنتيجة كانت اسوأ كارثة كروية في تاريخ الكرة الافريقية.
لكن هذه الكارثة ليست بحجم المأساة التي حصلت في ماي 1964 خلال مباراة في التصفيات المؤهلة الى اولمبياد طوكيو بين البيرو وضيفتها الارجنتين على ملعب ليما الوطني، اذ قتل 320 شخصا واصيب اكثر من الف اخرين.
وحصل التدافع واعمال الشغب عندما الغى الحكم الاوروغوياني انخيل ادواردو باتسوس هدف التعادل 1-1 للبلد المضيف قبل 6 دقائق على نهاية المباراة، ما اثار حفيظة الجمهور المحلي الذي اجتاح ارضية الملعب فاستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع، ما دفع الجمهور الى محاولة الخروج من الملعب لكن الابواب كانت موصدة، وهذا الامر ادى الى "سحق" الاشخاص الموجودين في الصفوف الامامية عند المداخل.
ومن المؤكد ان ما حصل في 29 ايار/مايو 1985 على ملعب "هيسل" في بروكسل لا يزال عالقا في الاذهان ايضا لان المأساة حصلت مباشرة على الهواء خلال نهائي اعرق مسابقة على صعيد الاندية.
وحصلت المأساة خلال نهائي كأس الاندية الاوروبية البطلة بين ليفربول الانكليزي ويوفنتوس الايطالي (صفر-1).
ولقي 39 مشجعا، غالبيتهم العظمى من الايطاليين، حتفهم بسبب الكارثة التي وقعت قبل ساعة على انطلاق المباراة النهائية نتيجة التدافع الذي تسبب به 200 من "مشاغبي" ليفربول الذين استفادوا من ثغرة في السياج الفاصل ليدخلوا الى القسم المخصص لمشجعي يوفنتوس ما تسبب بتدافع كبير ادى الى مقتل 34 ايطاليا وبلجيكيين وفرنسيين واصابة اكثر من 600 شخص.
وشاهد العالم بأجمعه هذه المأساة مباشرة عبر شاشات التلفزة لكن المعمعة التي حصلت جراء هذا التدافع لم تظهر الحجم الحقيقي للمأساة الا لاحقا.
وحكم في 1989 على 14 مشجعا من ليفربول بالسجن لمدة ثلاثة اعوام، وهي احكام خفضت بعضها بعد الاستئناف.
وحرمت الفرق الانكليزية من المشاركات الاوروبية لمدة خمسة اعوام بسبب هذه المأساة، مقابل ستة اعوام لليفربول.