إن كنا نحن، قد ضقنا ذرعا بكل هذه الشائعات التي تلاحق عميد الفريق الوطني المهدي بنعطية ولا تتركه أمينا في بيته مركزا على عمله، شائعات تستهدف ثارة محيطه العائلي الصغير والضيق وثارة أخرى حقيقة إرتباطه بالقميص الوطني الذي فضله على القميص الفرنسي وحتى الجزائري، إن كنا نحن قد ضجرنا بالضوضاء التي تحدث من حول قائد أسود الأطلس، فما بالك بالمهدي بنعطية نفسه؟ فالرجل يمضي للأسف الكثير من وقته في تكذيب ما يرمى به من تهم وما يقذف به من شائعات، كثير منها مصطنع وزائف.
إن إستأذن المهدي بنعطية في مغادرة معسكر الفريق الوطني لأسباب قاهرة بترخيص من مدربه، قيل أنه مستهتر أو أنه على خلاف مع مدربه هيرفي رونار، وإن أصيب مثل عباد الله إدعى البعض أن تلك الإصابات مصطنعة، وذهب المتحاملون على المهدي إلى أبعد من ذلك، فجزموا بأن المهدي لا يفيد الفريق الوطني في شيء، وأن كل المباريات الحاسمة للفريق الوطني يشاهدها من المدرجات أو من بيته إما مصابا أو معفيا لوجود قوة قاهرة.
في النهاية يثير هذا الذي يستهدف تحديدا بنعطية الشكوك، من أن هناك إعلاميين مندسين أو قوى شر مسخرة على مستوى مواقع التواصل الإجتماعي لا شغل لها إلا الترويج لأخبار مغلوطة وزائفة والنفخ السلبي في بعض المواقف والركوب على خصوصيات عائلية لبنعطية لتشويه صورة العميد ولدفعه كل مرة لتكذيب ما يروج عنه وعن محيطه العائلي الصغير، بل إنني بدأت أعتبر هذا الذي يفعل ببنعطية ويستهدفه بلا هوادة، حملة بغيضة ومقيتة ممنهجة ومبرمجة عن بعد عقابا له على أنه إختار اللعب للفريق الوطني واستمع لنداء القلب ورجما له بالأكاذيب بسبب أنه أدار ظهره للمنتخبين الفرنسي والجزائري.
منذ أيام وجدت هاتفي يرن ويطلبني رجل أدركت من نبرات صوته أنني لا أعرفه ولم ألتقه في أي مرة، على عكس الرجل، فقد بدا وكأنه يعرفني جيدا بالإسم والصفة، بدليل أنه دخل في الموضوع رأسا ومن دون مقدمات، كان الرجل الذي يقف على الجانب الآخر من الخط الهاتفي هو والد المهدي بنعطية، وقد شرع فورا في تبرئة نفسه من التهم المنسوبة إليه ويجزم بأنه لم يسجن كما إدعت ذلك الصحف، ومنها جريدتنا الإلكترونية، وتغلغل في سرد تفاصيل حول خلافات موجودة داخل المحيط الأسري لبنعطية عميد الفريق الوطني، فما كان مني إلا أن إستوقفته على الفور لأبلغه عن أمرين..
أولهما أن ما نشرته الصحافة المغربية عن شخصه كان منقولا عن الإعلام الفرنسي الذي نقل معلومات دقيقة عن وجود مخالفات قانونية أدت إلى التوقيف ولربما إلى الحبس الإحتياطي، وبالتالي فإن من يجب أن يتابع بتهمة التغليط إن وجدت، هو الإعلام الفرنسي.
أما ثاني الأمرين هو أننا في المنتخب نحترم الخصوصيات العائلية للمهدي بنعطية وما يجب أن يحاط حولها من سياج السرية، وفي ذلك لا نريد الخوض في الأعراض وبخاصة إذا تعلق الأمر بعميد فريقنا الوطني المهدي بنعطية.
وانتهيت إلى أنني أبديت كل الإستعداد لنشر تكذيب منه شخصيا لكل الذي تم ترويجه عنه شخصيا.
هذه عينة صغيرة مما يواجهه العميد المهدي بنعطية من متاعب يحاول إزاءها أن يكون هادئا وموضوعيا وحريصا على عدم خدش صورته في أعين كل المغاربة وفي أعين من يجعلون منه قدوتهم في عالم كرة القدم، وحتما إن رأى المهدي بنعطية أن يسرد للناس قصته الحقيقية إنسانا ولاعبا لكرة القدم وشخصية عامة، فإنه سيفعل ذلك ليجلي ما كان من غمام وليكشف ما جرى تدبيره من مؤامرات حوله.
وفي انتظار ذلك، فإن مسؤولية الصحافة الوطنية هي أن تتحد حول شيء واحد، هو أن تحمي عميد أسود الأطلس من نفسه ومن محيطه وعلى الخصوص من قوى الشر التي تتربص به وتريد تحطيمه.
كيف ذلك؟ بأن تقف عند خط الدفاع الأول للرد على كل الغارات ونسف كل المؤمرات، فالفريق الوطني بحاجة لعميده ولكل نجومه لكي يربح رهانه المونديالي ولكي ينجح إستحقاقه القاري بالغابون مطلع العام القادم.
-------------------------
محملا بكثير من الأفكار الثورية يأتي جياني إينفانتينو للفيفا، فالرجل الذي لم يكن يرى حلم قيادة المؤسسة الرياضية الأقوى والأغنى قريبا، وهو الذي كان بصدد الصعود تدريجيا في سلالم الإتحاد الأوروبي لكرة القدم، لا يحصر ثورته المعلنة في تنظيف بيت الفيفا من كل فضائح الفساد التي هزت عرش الداهية بلاتير وفي إضفاء الشفافية بتعريفاتها الجديدة، ولكن يتعدى ذلك إلى جعل كأس العالم حلما مشاعا بين كل الدول الصغيرة كما الكبيرة.
كيف لإينفانتينو أن يكسب ما يبدو له حلما كونيا؟ وبأي طريقة سيفتح كأس العالم ليصبح ملكا لكل دول العالم؟
من يرصد تاريخ المونديال قديمه قبل حديثه يذكر جيدا أن المرور من 16 منتخبا إلى 24 منتخبا ومنه إلى 32 منتخبا في النهائيات، تطلب سنوات من التفكير والأجرأة، مع ما رافق ذلك من صراعات طاحنة بين الإتحادات القارية بهدف ضمان توزيع عادل للمقاعد سواء الأصلية أو المضافة، لذلك عندما يدعو إنفانتينو مجلس الفيفا إلى دراسة مشروع القفز بالمنتخبات المتبارية في نهائيات كأس العالم لسنة 2026 إلى 40 أو 48 منتخبا، فإنه يذهب في ذلك إلى تفعيل رؤية جرى الحديث عنها داخل الفيفا منذ سنوات، رؤية من بعدين، البعد الأول هو منح كثير من المنتخبات العالمية الصغيرة التي تجد صعوبة بالغة في تجاوز المتاريس الموضوعة داخل القارات ولا تسمح بالمرور للنهائيات إلا للكبار من ذوي السوابق والتقاليد الراسخة، والبعد الثاني هو إضفاء لمسة كونية جديدة على كأس العالم، بإجراء النسخة الواحدة في أكثر من بلد أو أكثر من قارة.
وإذا كان مجلس الفيفا الموسع قد أرجأ الكشف عن النظام الجديد الذي سيعمل به في كأس العالم لسنة 2026 إلى غاية شهر يناير القادم، فإنه مع توقعنا أن تصب الزيادة النوعية في مصلحة المنتخبات الصغيرة وحتى القارات المستضعفة والمظلومة، لا بد وأن ننتظر ارتفاع الأصوات الرافضة بالمطلق أو المتحفظة على هذه الزيادة النوعية والتي تتذرع لإشهار الرفض أو التحفظ، بكون المونديال سيتحول إلى «كرميس بلا روح وبلا جذوة»، وترى في الخطوة «نوعا من الترضية للمستشهرين والزبونية المجملة التي تضرب في العمق مبدأ الإستحقاق والنخبوية».
ليس بالضرورة أن نكون على نفس الخط من التفكير، فتاريخ الإنسانية وتاريخ كرة القدم تحديدا يحكى عن قوى المعارضة وجيوب المقاومة التي تنشأ مع مولد الأفكار الثورية التي غير الكثير منها وجه العالم، صحيح أن التواجد بالمونديال يجب أن يستحق، ولكن ما من شيء يقول بأن هذا المونديال وحده من يجب أن يبقى خارج العولمة أو أن يعاكس مجرى التاريخ.