عيارات للتجريب وبروفة للتوظيب

كان قرارا قديما للجامعة وزكاه هيرفي رونار بعد حلوله للإشراف على العارضة التقنية للمنتخب المغربي، قرار كسر الروتين بالمراهنة على خوض نزال ودي أمام منتخب أوروبي فور ضمان التأهل للكان.
إستقر الإختيار على منتخب ألبانيا والذي ما عاد قوة كروية يستهان بها بعد وجهه المشرق باليورو الأخير وارتقائه الصاروخي في تصنيف الفيفا.
ودية أراد لها رونار رجال قرار بهوية مختلفة وبرسالة موجهة للثوابت  عنوانها «من فضلكم أعيدوا حساباتكم».

فيما يضر الألبان؟
لو أن المنتخب المغربي لم يحسم تأهله للكان ما كان لهذا النزال الودي أن يكتب وما كان ليستقيم، لكنه طالما حسمت الأمور مبكرا بقهر القرش الأخضر، وحجز أول بطاقة بين باقي المنتخبات الإفريقية للتواجد مطلع السنة المقبلة بالغابون، فإن اختيار المنتخب الألباني أو غيره من المنتخبات وفي هذا التوقيت الذي يسبق النزال الشكلي أمام ساوطومي لا يضر في شيء، وإن لم يفد فإنه بكل تأكيد لن يعطل العمل.
ربح 90 دقيقة أخرى أمام أنظار الناخب الوطني وفرض محك مختلف في الشكل والمضمون أمام منتخب غير إفريقي، ومعه الخروج من النمطية المرتبطة بخوض المباريات الودية أمام المنتخبات الإفريقية كلما سمح تاريخ الفيفا بذلك، كلها عوامل اجتمعت وتوافقت لتهيء أمام رونار فرصة الحكم على الشكل والأداء وحتى الفرديات قبل التواريخ الأكثر أهمية والمقصود بها بطبيعة الحال، تواريخ التصفيات المونديالية والتي تفتح جبهات النار بوجه الأسود قريبا.
لذلك هو نزال مهم حتى وإن بدا للبعض غريبا على مستوى مطابقة الإختيار مع المنافس، إلا أن ما يهم الناخب الوطني ليس هوية من يقابل، بل شكل واستجابة عناصرنا الوطنية لما يريده أن ينزلونه فوق أرضية الملعب أيا كان من يواجههم وينتصب أمامهم.

عيارات للمستقبل
لن نخوض في القائمة ولن نلوم الناخب الوطني على إسم وجه له الدعوة أو آخر تجاهله، كما لا يحق لأي كان أن يتفلسف على مستوى التحاليل طالما أن مثل هذه المباريات الودية وجدت وتهيأت للإختبار والتجريب .
ولو أن سياق تجاهل اللاعب الرائع شفيق كان سببا في اندلاق الكثير من المداد لمعرفة دواعي الإقصاء التي لن نقول أنها غير مبررة بل بلطف في التعبير غير مفهومة بالمرة.
الحسنة التي تحسب للناخب الوطني تكمن في فتح المجال أمام لاعبين يرى فيهم المتتبعون مشروعا للمستقبل ونواة لبناء منتخب يجوم لفترة ومنتخبا بعيارات محترفة وتتنافس على واجهة عليا والمقصود بطبيعة الحال لاعب ريال مدريد أشرف حكيمي والذي يكفي تبرير سبب تواجده، كونه كان ضمن تشكيلة ريال مدريد الهلامية بمعسكري كندا والولايات المتحدة الأمريكية وربح مكانه على حساب لاعبين أفذاذ بالكاستيا المدريدية وربح ثقة مدرب رائع من طينة زيدان واستفاد من تحضيرات عالية الجودة بجانب أرمادة تحكمت في فرق أوروبا.
حكيمي ومعه لاعب الليغا الآخر الناصيري الذي أذهل خواندي راموس وباقي مسيري الفريق الأندلسي مالقا، والظهير الأيسر منديل بجانب الغراس لاعب هارت الأسكتلندي  وأيت بناصر المعار من موناكو لنانسي.
كل هؤلاء يمثلون بارقة أمل وواحدة من بنات أفكار رونار الذي يملك على كل حال جرأة الإختيار وطبيعة الرسالة الممررة.

الثعلب يرسخ فلسفته
إختيار ألبانيا لا يجب أن نفهم منه على أننا الأقوى كما ترسخ الإعتقاد الخاطئ على الدوام كوننا الأفضل في التاريخ والأسماء على الورق.
صحيح أنه لدينا لاعب باليوفي وآخر بأولمبياكوس والثالث بريال مدريد ورابع بمالقا وخامس وسادس بفرنسا وإيطاليا، لكن قوة الألبان في لحمة الجماعة وصرامة الفكر ووحدة الصف.
مدربهم الإيطالي جياني ديباسي شكل فريقا محاربا يلعب بنمط واحد، ويدافع ويهاجم ككتلة وهم بشهادة «ليكيب» الفرنسية و«فرانس فوتبول» وحوش جائعة، أو هكذا صورتهم وهم يسيلون العرق البارد لمنتخب التريكولو باليورو.
أرماندو ساديكو والعميد المخضرم لوريك سات وميخن باشا وإيرجيس كاسي لاعب سالونيك اليوناني وغيرهم ممن سنتعرف عليهم يوم المباراة، هم الجدار الذي يريد رونار اختراقه وهذه المرة بغير الكرات الثابتة التي جاءت بالحل أمام الرأس الأخضر وليبيا والكونغو.
رونار يراهن على ترسيخ فلسفة أداء تأتي بالحلول عبر البناء وعبر الكرات الملعوبة وعبر أوتوماتيزمات يحاول كل مرة بلوغها باستغلال موعد ودي أو مباراة شكلية لتعزيز التواصل مع لاعبيه.

بأي هجوم يلعب؟
باستدعاء أمسيف الذي لم يلعب ولو مباراة بالبطولة، فهمنا أن رونار كان على خط الإستشارة على مستوى تفعيل الخطوة الخاصة بهذا الحارس، لمراهنته على خبرته وكي يكون حاضرا بالكان المقبل إن شاء الله.
وفهمنا أيضا أن رونار يريد أن يشعل المنافسة مع المحمدي الذي يدرك أنه في منأى عن أي تهديد بالعرين، فاستقدم له حارس مجربا قد يظهر أمام الألبان كما ظهر الخروبي أمام الكونغو.
بدرار أو حكيمي أو بمنديل وحتى الهراس أو لزعر، يجهل من سيعتمدهم رونار في الأروقة، لكن رونار لن يغامر كما لن يقامر بتغيير شامل على مستوى المراكز بكل تأكيد.
بنعطية وداكوسطا صماما أمان لا محيد عنهما بالتشكيل والأحمدي مع أيت بناصر في ظل خروج عوبادي الطارئ للإصابة وأمامهما سنكون بصدد اكتشاف فكر رونار.
غيابات بوفال وقادوري وبوصوفة ستتيح الفرصة لاكتشاف عمق الحلول عند الناخب الوطني لإيجاد رجال قرار قادرين على سد الخصاص دون أن يتخلخل البناء والهيكل.
زياش الرائع وطنان متعدد المواهب والإختصاص ولربما المناورة ببوحدوز الذي أمامه فرصة العمر وحتى الناصيري لاعب مالقا قد تمثل الخيارات المثالية لرونار في مباراة سنراقب هجومها أكثر من دفاعنا.
يهمنا معرفة الحلول ومصدرها طالما أننا نعرف جميعنا من يكون بنعطية وداكوسطا، وطالما أن هاجسنا الأكبر هو الهجوم الذي يتأثر لغياب أو غيابين؟ فهل يفعلها

رونار ويلعب بالأسلوب البرشلوني؟

البرنامج
الأربعاء 31 غشت 2016
مباراة ودية
بشوكدير: ملعب لورو بوريتشي: س19و30د: المنتخب الألباني ـ المنتخب المغربي