في إفريقيا نلعب بالروح القتالية وبأوروبا نعمل بالتكتيك والفرديات
من لا يكافح ويهاب الإلتحامات والثنائيات مكانه غير موجود معي
زياش فنان مهاري لا يصلح للأدغال والمباريات البدنية العنيفة
ظهرت لمسته بشكل واضح في أول مباراة يقود فيها الفريق الوطني، وبدا التغيير جليا في طريقة لعب الأسود والروح القتالية لديهم وشخصية الفريق القوية والمحاربة.
هيرفي رونار كان هادئا وحكيما وهو يجيب «المنتخب» على عدد من الأسئلة بعيد نهاية مباراة برايا بفوز فيلقه المفاجئ على الرأس الأخضر، وتحدث بكلمات دقيقة ومختارة من قاموسه الماكر على العديد من الأمور التي تخص صحة الفريق الوطني ونزال الذهاب وإختياراته وكذا موقعة الإياب بمراكش.
- حققت أروع بداية ممكنة، كيف تنظر إلى نصرك الأول مع الأسود في أول إطلالة حارقة ببرايا؟
«بالفعل هي إنطلاقة رائعة وجميلة لي في أول مباراة أقود فيها الفريق الوطني، تحقق السيناريو المثالي بالعودة بالنقاط الثلاث من برايا، حرصت طيلة الأسبوع على التقرب من اللاعبين ومخاطبة كل واحد منهم وإخباره بما أريده منه، كان دوري نفسيا أكثر منه تقني فعملت على تحفيز اللاعبين وإستفزازهم حتى يثوروا على أنفسهم، ويسترجعوا الثقة في النفس ومعها قدرتهم على إستعادة نغمة الإنتصارات».
- هل توقعت سيناريو المباراة ضد المنتخب رقم 1 في إفريقيا؟
«اللعب في إفريقيا لا يكون أبدا سهلا حتى لو توفرت كل الظروف القبلية والإعداد المسبق، فالعوامل المناخية تبقى أكبر المعيقات ومعها أرضية الملاعب، وهو الشيء الذي واجهناه نحن في برايا، فأرضية الملعب الإصطناعية كانت صلبة وصعبة لصناعة اللعب بسلاسة، والرياح أزعجتنا جدا وعذبتنا خاصة في الشوط الثاني من المباراة، إلى جانب قوة الخصم المعروف في السنوات الأخيرة على الصعيد القاري، والذي يتوفر على لاعبين سريعين ينهجون أسلوبا هجوميا لاتينيا يعتمد على التقنيات والمراوغات والإختراقات، كلها عوامل جعلتني أتوقع مباراة صعبة ومعقدة، كما فتحت لي باب التفاؤل والثقة بإمكانية تحقيق نتيجة إيجابية من قلب الرأس الأخضر».
- ما هي التوابل التي طبختها للمجموعة حتى رأيناها بهذه الروح القتالية؟
«من خلال مسيرتي التدريبية في العديد من الدول الإفريقية والأوروبية والأسيوية تعلمت دروسا عديدة، أبرزها أن طقوس الكرة في القارة السمراء مغايرة تماما لنظيرتها الأوروبية، فيكفي في إفريقيا الحماس والقتالية وروح الفريق لتحقيق الإنتصارات أمام أكبر الخصوم حتى لو كنت بزاد بشري محدود تقنيا، فما بالك بمنتخب خرافي من ناحية التقنيات والفرديات ولا تنقصه إلا القتالية، قلت هذا للاعبين وسألتهم إن كان أحد المنتخبات القارية أفضل منهم مهارة وموهبة، سألتهم لماذا لا ينجحون ولا يتألقون في إفريقيا وما هي الأسباب التي ترميهم للمراتب المتأخرة؟ قلت لهم العديد من الأشياء، فتبين لي أن مشكلهم الأول هو إنعدام الثقة وغياب التحفيز المعنوي، فأنا هنا لأصلح الأعطاب وأخرج منهم اللاعب المحارب والمقاتل، طلبت منهم القتال من صافرة البداية حتى نهايتها والفوز بالنزالات الثنائية والإنتحار في الإلتحامات البدنية، كمدرب للمنتخب المغربي المعروف بأسمائه وتقنيات لاعبيه لن أضيف الكثير له على الصعيد التقني والتكتيكي، وكل ما في الأمر هو طريقة التواصل وكيفية تمرير الرسائل ودفعهم لدخول المعركة بحب وشجاعة، عليهم أن يعلموا أنه في إفريقيا نربح بالروح والقلب عكس أوروبا، حيث تُربح المباريات بالتقنيات والتكتيك».
- ماذا كان خطابك للاعبين في المستودع ما بين الشوطين؟
«هنأتهم على الشوط الأول المثالي وأثنيت على الحارس المحمدي الذي أنقذنا من هدف، وقلت لهم بأن الشوط الثاني سيكون معقدا وسنعاني فيه كثيرا خصوصا وأن الرياح كانت تلعب لفائدة الخصم، أمرتهم باليقظة ومواصلة الإلتحامات وحسم النزالات البدنية والبقاء على التماسك بين الخطوط والإتحاد بين اللاعبين».
- أكان بمقدورنا مشاهدة أداء أحسن بوجود العناصر المصابة والمستبعدة؟
«لائحتي تضم 25 لاعبا بمستوى عالٍ ولهم الأهلية دون إستثناء للاعب بشكل رسمي، لا أميز بين هذا وذاك ولا أنظر للأسماء قط، في حال إصابة أحدهم هناك البديل في نفس مستواه، وإن تبين لي بأن أحدهم غير صالح للمباراة لا أجامله وأخرجه من حسابات تلك المواجهة، أتأسف لإصابة عميدنا بنعطية فحضوره كان سيعطي الإضافة ويشد من أزرنا».
- لماذا أسقطت حكيم زياش صانع ألعاب الأسود الأول من اللائحة وأرسلته للجلوس في المدرجات؟
«أعرف كما تعرفون مهارة زياش والمؤهلات التقنية الخرافية التي يتوفر عليها وتميزه عن العديد من اللاعبين ليس إفريقيا فقط وإنما أوروبيا أيضا، لكنني أعرف جيدا كيف تُجرى المباريات في الأدغال وفي الأجواء والظروف الصعبة، وزياش ليس مؤهلا لخوضها بعد، فبدنيا ليس بمقدوره الدخول في نزالات ثنائية وإلتحامات بدنية، ولقاء الذهاب في برايا كان بحاجة لمحارب فاخترت بوصوفة مكانه وقد شاهد الجميع المستوى الذي ظهر به امبارك والقتالية العالية التي لعب بها طيلة 90 دقيقة».
- ألا تخشى من تأثره نفسانيا وعدم تقبله للأمر خاصة إذا عرفنا أنه لاعب بكاريزما قوية ومزاج حاد؟
«أتمنى أولا أن يكون قد إستفاد من الدروس حينما تابع المباراة ووقف على صعوبتها في الشق البدني، ثانيا عليه أن لا يغضب فمكانته موجودة بيننا ومقعده لا يناقش، لكن لكل مباراة رجالاتها، وقد تركته لمباريات أخرى أقل خشونة، فبإمكاننا مشاهدته في نزال الإياب بمراكش».
- كيف تقرأ لقاء العودة بمراكش؟
«أعلم عقلية اللاعب المغربي الذي يصاب بالغرور وينتشي لأيام وربما أسابيع بعد الفوز، فينسى الأهم ويدخل المباريات الموالية بأقدام تحلق في السماء، لا يجب أن نغفل بأننا لم نحقق سوى 3 نقاط ببرايا ولم نتأهل بعد للنهائيات، سنركز على التحضير النفسي واسترجاع الطراوة البدنية بعد مباراة الذهاب المتعبة، على أمل إستعادة اللاعبين الذين لم يشاركوا معنا في الرأس الأخضر».
- هل من تغييرات في التركيبتين البشرية والتكتيكية؟
«سنرى حسب جاهزية اللاعبين وصحتهم وكذا نفسيتهم، أتمنى أولا حضور العميد بنعطية وبعدها إحتمال كبير لإجراء بعض التغييرات لأن سياق الإياب بالديار ليس كحوار الذهاب خارج القلاع، نؤمن مسبقا بأن التعثر ممنوع بملعبنا وسندخل ملعب مراكش بعقلية المحارب وثقافة الفوز لضمان التأهل، وأدعو الجمهور للقدوم ومساعدة هؤلاء الشباب».
- ما هي الرسالة الثانية التي ستوجهها للاعبين لحسم التأهل بالديار وتزكية الإنتصار أمام الأنصار؟
«الإبقاء على الهدوء ونسيان مباراة برايا، هم يعلمون هذا مسبقا ويدركون أن شوطا لعب وآخر في الإنتظار، الأسود كانوا بحاجة لإسترجاع الثقة في النفس وتحقق لهم ذلك ببرايا، بأيدينا المفاتيح وعلينا فتح باب جديد يوم الثلاثاء لإسعاد الشعب المغربي».