انتقل جدل التمييز العنصري الذي ترافق مع جوائز اوسكار لهذا العام الى ملاعب كرة القدم بسبب غياب المدربين السود عن البطولات الاوروبية المحلية الخمس الكبرى.

"بامكاننا ان نلعب لكن لا يسمح لنا بان نتولى مهمة قيادية, ربما خلق الرجل الاسود من اجل تنفيذ الاوامر وحسب", هذا ما قاله بامتعاض مدرب جمهورية الكونغو الديمقراطية فلوران ايبينغي لوكالة فرانس برس, مضيفا: "يجب ان تسألوا المالكين (الاندية). انهم موجودون هناك, مدربون بما فيه الكفاية لكن لا احد يثق بهم".

ويأتي هذا الامتعاض بعد ايام معدودة على الجدل الذي حصل في الولايات المتحدة بسبب غياب اي ممثل اسود عن ترشيحات جوائز اوسكار, ما دفع عدة شخصيات بارزة في مجال السينما الى مقاطعة حفل تسليم الجوائز الذي اجري في 28 فبراير, أبرزها المخرج سبايك لي الذي نال هذه السنة "أوسكار" فخرية عن مجمل مسيرته والممثل ويل سميث وزوجته جادا بينكيت-سميث.

وبدوره قال سامسون سياسيا الذي استلم الاسبوع الماضي مهمة تدريب منتخب نيجيريا موقتا: "الاندية الاوروبية نادرا ما تمنحنا الفرصة وهي لا تثق بنا. العديد منا لم يكتفوا وحسب باللعب على اعلى المستويات في اوروبا, بل ابدعوا ايضا".

وواصل: "لكن حتى عندما نحصل على اجازاتنا التدريبية هناك (اوروبا), فهذه الاندية لا تمنحنا الفرصة التي نحتاجها من اجل نظهر ما بامكاننا تحقيقه خارج ارضية الملعب".

ولا يوجد في الوقت الحالي اي مدرب اسود في البطولة الانجليزية الممتازة والهولندي جيمي فلويد هاسلبانك هو المدرب الاسود الوحيد في بطولة الدرجة الاولى الانجليزي.

كما يغيب المدربون السود عن بطولة الدرجة الاولى في فرنسا ووحده مدرب باريس سان جرمان السابق انطوان كومبواري من البشرة السمراء في بطولة الدرجة الثانية مع فريق لنس.

اما الملاعب الايطالية, فغاب عنها المدربون السود منذ رحيل الهولندي كلارنس سيدورف عن ميلان عام 2014 بعد اربعة اشهر فقط على استلامه منصبه, في حين لا يوجد اي مدرب من البشرة السمراء في البطولة الالمانية.

"اصبح من الواضح لماذا لا يتم اختيارنا", هذا ما قاله في اكتوبر الماضي كريس رامسي الذي اشرف لفترة قصيرة على تدريب كوينز بارك رينجرز في بالطولة الانجليزي الممتازة, وذلك في اطار تسليط الضوء على الصعوبات التي تواجه المدرب الاسود.

واضاف: "كانت رحلة طويلة وصعبة للغاية. يجب عليك ان تواصل مشوارك وان تحرص على عدم الاستسلام. في بعض الاحيان, هناك اتجاه لاحراج الناس من خلال عدم اخفاء السبب الذي يقف خلف عدم اختيارهم".


- اين هو جون بارنز? -

"لا اريد ان اسمي ما يحصل, لكن شيئا ما ليس صحيحا", هذا ما قاله سياسيا الذي دافع عن الوان نانت الفرنسي ولوكرن البلجيكي قبل ان يتحول الى التدريب, متسائلا: "اين هو جون بارنز مع كل ما حققه في ليفربول ورغم انه ترعرع في انجلترا? لم يمنح فرصا كثيرة هناك كمدرب".

دعت عصبة اللاعبين المحترفين في انجلترا الى الاحتكام لنفس قاعدة "روني" التي طبقت في بطولة كرة القدم الاميركية منذ 2003 واجبرت الاندية على اجراء مقابلات مع مرشحين من الاقليات عندما تكون هناك مناصب شاغرة في التدريب او الادارة.

وتمت تسمية هذا القانون على اسم دان روني, مالك نادي بيتسبورغ ستيلرز ورئيس لجنة التنوع العرقي في بطولة كرة القدم الاميركية, وذلك بسبب تاريخه الطويل في منح الاميركيين من اصل افريقي مناصب قيادية في الفريق.

وردت عصبة البطولة الانجليزية الممتازة على هذه المطالبة بالاشارة الى انها لن تطبق هذه القاعدة في المستقبل القريب لكنها ستطلب من اندية الدرجات الدنيا البدء باختبارها.

ويؤكد مهاجم انكلترا السابق ليس فرديناند ان اندية البطولة  اصلا لا تجري مقابلات عمل للمناصب الشاغرة الا في حالات نادرة, مضيفا: "عادة, انها تعرف الرجل التالي الذي تريده" بعد ان يصبح المنصب شاغرا.

يرى العالم الاجتماعي الفرنسي باسكال بونيفاس الذي اصدر كتابا مع باب ضيوف, الرئيس الاسود السابق لنادي مرسيليا, بان اللاعب الاسود لن يتكبد مشقة المرور بكافة المراحل "الديبلوماسية" اذا "كنت لن احصل على اي عمل في كافة الاحوال".

ومن جهته, يشير سياسيا الى ان "الكثير منا يملكون سجلات جيدة كلاعبين ثم كمدربين, لكن لان الاندية الاوروبية لا تثق بنا, ينتهي بنا الامر بالاكتفاء بشيء اخر, وحتى عندما تمنحنا (الاندية الاوروبية) الفرصة, فهي سرعان ما تتخلص منا".

وحتى ان عددا كبيرا من الفرق الافريقية تفضل التعاقد مع مدربين اوروبيين, على غرار المنتخب المغربي الذي تعاقد مع الفرنسي هيرفي رونار الذي سبق له ان قاد كوت ديفوار وزامبيا للفوز بكأس الامم الافريقية.

ويرى ايبينغي ان على الكونفدرالية الافريقية الاستثمار بشكل اكبر في تدريب المدربين السود, مضيفا: "نحن كأفارقة, نطلب من قادتنا عدم التسامح بعد الان مع المعايير التمييزية مثل العرق والجنسية".