عن عمر يناهز 89 سنة، رحل عنا يوم السبت الماضي، الأسطورة والفنان والهداف والمدرب المربي، الدولي المغربي حسن أقصبي الذي أقعده المرض في الأيام الأخيرة.
حسن أقصبي الذي كان أحد كبار نجوم الفريق الوطني الذي واجه سنة 1961 منتخب إسبانيا في لقاء السد الشهير المؤهل لمونديال 1962، لعب في مستهل مشواره الكروي لفريق الفتح الرياضي، قبل أن يدشن بفرنسا مسارا احترافيا رائعا، كانت أبرز محطاته، نادي نيم أولمبيك الذي ما زال يتربع على عرش هدافيه كأسطورة لا تنسى بتوقيعه لـ 119 هدفا.
• فضَّل الفتح على ريال مدريد
«ولدت لألعب كرة القدم، أحبها لدرجة أنني لا يمكن أن أتخلى عنها». هذا ما قاله المرحوم حسن أقصبي لصحيفة «ميروار دو فوتبول» الفرنسية في أبريل من سنة 1961.
في سن الثامنة بدأ حسن في مغازلة كرة القدم، وكان حريصا على عدم اتساخ أحذيته وهو يجوب أزقة دار البارود وشواطئ مدينة طنجة.
سنة 1950 سينضم لنادي سيفيانا طنجة الذي كان تابعا لفريق الإتحاد الرياضي الإسباني لطنجة الذي كان يلعب وقتذاك في الليغا الثانية لإسبانيا.
لم يكن قد تجاوز الرابعة عشرة من عمره عندما لعب مباراته الأولى مع الكبار، بملعب مرشان بطنجة، هو من كان والده عبد النبي أقصبي المنحذر من عائلة أندلسية راقية يتمنى أن يكون لإبنه توجها آخر.
وبينما كانت أندية ريال مدريد، برشلونة وإشبيلية تتنافس لضمه إلى صفوفها، سيفضل حسن أقصبي الإنضمام لنادي الفتح الرباطي، برغم المقاومة الشديدة التي أبداها مسؤولو نادي سيفيانا، وقد لعب المرحومان العربي بنمبارك وأحمد الشهود دورا كبيرا في ضم حسن أقصبي لفريق الفتح الرباطي، حيث سيلعب إلى جواره ويكمل في نفس الوقت دراسته بثانوية مولاي يوسف.
• رقم قياسي 
سريعا سينجذب أسطورة كرة القدم الفرنسي الجزائري قادر فيرود لسحر حسن أقصبي، حيث سينجح في ضمه لنيم أولمبيك الذي سيصبح سريعا لاعبه المدلل، بل إنه سيصبح واحدا من أفضل هدافي البطولة الفرنسية على مر التاريخ، وهكذا أنهى موسم 1958 ـ 1959 في المركز الثاني لترتيب الهدافين بعد تشيسوفسكي، بنفس الرصيد مع الأسطورة الفرنسي جيست فونطين.
وبرغم أن الفتح الرياضي أهدت لاعبها حسن أقصبي بالمجان لنادي نيم أولمبيك لينضم إلى قافلة النجوم المغاربة الممارسين بالبطولة الفرنسية، فإن نادي نيم سينجز الصفقة الأضخم عندما باع حسن أقصبي لنادي سطاد دورانس بما مجموعه 50 مليون، رقم قياسي، والمبلغ المالي به تمكن نادي نيم من إعادة بناء ملعبه الذي كان يستحق وقتها أن يحمل إسم حسن أقصبي.
• العودة إلى الفتح والفوز بكأس العرش
برانس تحمل حسن أقصبي المسؤولية الثقيلة لتعويض الأسطورة جيست فونطين الناخب الوطني السابق المولود بمدينة مراكش، والذي تسبب كسر مزدوج في نهاية مشواره الكروي.
وسيؤسس حسن أقصبي ثنائية تاريخية داخل نادي رانس مع أسطورة كرة القدم الفرنسية ريمون كوبا، وهو ما مكن نادي رانس من تحقيق لقب البطولة السابع له سنة 1962 وكأس محمد الخامس في السنة نفسها.
بعد موسمين قضاهما مع سطاد دو رانس سينضم حسن أقصبي لنادي أس موناكو الذي لعب له 15 مباراة سجل خلالها 7 أهداف، ليعود سنة 1964 من جديد إلى نادي سطاد رانس الذي قضى معه موسما واحدا قرر بعده العودة إلى المغرب والإنضمام إلى فريق بداياته الكروية الفتح الرياضي بطلب من المرحوم الأمير مولاي عبد الله، وليحقق لقب كأس العرش لسنة 1967.
فريق الفتح الذي قال عنه المرحوم حسن أقصبي: «إنه فريق بداية مشواري الكروي، وقد كنت محبوبا لمسؤوليه ولاعبيه ومشجعيه، وأبدا لن أنسى المحبة والدعم الذي تلقيته من المغفور له الأمير مولاي عبد الله، الذي كانت له رغبة كبيرة في أن يجعل من فريق الفتح ريال مدريد المغرب».
• حاضر في ملحمة السد المونديالي
ولأن النجوم المغاربة الذين كانوا يمارسون بأوروبا وبخاصة بفرنسا، كانوا يجدون صعوبة كبيرة في الإنضمام للفريق الوطني، فإن المرحوم حسن أقصبي سيلعب ما مجموعه 11 مباراة رسمية وقع خلالها تسعة أهداف، وكانت أبرز محطات هذا المشوار الدولي المواجهة المزدوجة أمام المنتخب الإسباني سنة 1961 بالدار البيضاء ومدريد، برسم مباراة السد المؤهلة لكأس العالم 1962.
وبنهاية مشواره الكروي سيجتاز المرحوم حسن أقصبي ديبلوم التدريب ليصبح بعد ذلك مدربا للمنتخب الوطني للشبان الذي قاده للفوز بأحد أكبر دوريات اليابان، وهو الفريق الذي تواجد فيه الحارس الدولي السابق الزاكي بادو.
وتقلب المرحوم حسن أقصبي مدربا بين العديد من الأندية كجمعية سلا، حسنية أكادير، نهضة سطات، النادي القنيطري، المغرب التطواني واتحاد الخميسات.
•  أرقام من مسار مدهش
ــ المرحوم حسن أقصبي هو أفضل هداف إفريقي في البطولة الفرنسية بقسمها الأول (173 هدفا في 293 مباراة).
ــ أفضل هداف في تاريخ نادي نيم أولمبيك بما مجموعه 140 هدفا في كل المسابقات.
ــ الرقم 12 في ترتيب أفضل هدافي كل الأزمنة للبطولة الفرنسية في قسمها الأول.