ستة ملاعب يجري تحيينها على مرحلتين ب15 مليار درهم
لبناء جوهرة بنسليمان.. سنطلق للإبداع العنان
مونديال 2030، بالصيغة التي ولد بها من البداية، بدا للعالم مونديالا خياليا، كما بدا للفيفا مونديالا مثاليا، وبعيدا عن مناوشات الكواليس، وما يطلع من مطبخ الإعلام من شائعات وتكهنات، فإن مونديال القارات الثلاث، سيكون عند احتفاله سنة 2030 بمائويته الأولى، نسخة غير مسبوقة، في سحر المدن وروعة الجسور وجمالية المعابر، وأيضا في مسارح التباري التي هي الملاعب، التي ستكون بلا أدنى شك فسيفساء غاية في الجمال.
ولأن المغرب يدرك جيدا، أنه يقع في هذا الملف الثلاثي الساحر، موقع الجوهرة التي تتوسط العقد، فإنه ملتزم أمام الجارتين، وأمام الفيفا وأمام العالم على تقديم ملاعب تحاكي في جملها وهندستها أجمل ملاعب العالم..
• الرؤية الإستباقية للمغرب
حتى قبل أن يعهد إلى المغرب، تنظيم النسخة 35 لكأس إفريقيا للأمم سنة 2025، والنسخة المحتفية بمائوية المونديال سنة 2030 بمعية إسبانيا والبرتغال، فإنه باشر تحيين وتحديث ملعبين من الملاعب الستة التي ينوي ترشيحها لاستضافة المونديال، فأغلق أبواب مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، والملعب الكبير لطنجة، بهدف تجهيزهما مع نهاية سنة 2024، ليستضيفا نهائيات كأس إفريقيا للأمم سنة 2025.
وتروم عمليات الإستصلاح والتحديث، جعل الملعبين معا متطابقين مع المعايير الدولية، بحيث يكونان معا مؤهلين لاستضافة مباريات كأس العالم 2030.
ويقضي هذا التحيين العملاق، بأن تتم إزالة الحلبة المطاطية لألعاب القوى وتجويد المداخل والمخارج والمرافق المتفرعة، وعلى الخصوص الرفع من الطاقة الإستيعابية، بحيث ينتقل الملعب الكبير لطنجة، لما يناهز 80 ألف مقعد، ولتنتقل في مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط إلى 70 ألف مقعد.
ومع حصول المغرب على إجماع غير مسبوق، من مجلس الكاف لاستضافة كأس إفريقيا للأمم 2025، ومن مجلس الفيفا لاحتضان كأس العالم 2030 بمعية إسبانيا والبرتغال، فإن الرؤية الإستباقية للمغرب، أظهرت جدواها، وتم الإعتماد بشكل رسمي على خارطة الطريق الهيكلية التي سيتم بها تجهيز أسطول الملاعب لاحتضان الكان والمونديال، والرهان هو الكشف عند حلول عام 2028 على ملاعب آية في الجمال وغاية في الروعة.
• إستراتيجية من محورين
وتقضي خارطة العمل لتجهيز هذا الأسطول من الملاعب، للحدثين معا، بأن يكون العمل وفق استراتيجية من محورين، محور أول يهم تأهيل الملاعب والمرافق لاستضافة كأس إفريقيا عام 2025 ب24 منتخبا، وقد تضمن ملف الترشيح 6ملاعب، هي مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، الملعب الكبير لأكادير، الملعب الكبير لمراكش، المركب الرياضي لفاس والملعب الكبير لطنجة، يتلوه محور ثان، يقضي بتجهيز 6 ملاعب لاستضافة مونديال 2030، وهي مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، الملعب الكبير لأكادير، الملعب الكبير لمراكش، المركب الرياضي لفاس، الملعب الكبير لطنجة والملعب الكبير لبنسليمان، ضواحي الدار البيضاء، والذي سيكون أكبر ملاعب إفريقيا، وثاني ملعب في العالم من حيث طاقته الإستيعابية.
وكان الإجتماع الذي ترأسه، السيد عزيز أخنوش رئيس الحكومة، الجمعة الأخير، قد شهد إعطاء الإنطلاقة الفعلية لهذه الإستراتيجية ذات المحورين، من خلال التوقيع على اتفاقية شراكة بين الحكومة وصندوق الإيداع والتدبير، لتمويل برنامج تأهيل 6 ملاعب لكرة القدم، تم اختيارها بتعليمات ملكية سامية، في كل من طنجة والدار البيضاء والرباط وأكادير ومراكش وفاس، وكذا بناء ملعب جديد في مدينة بنسليمان.
• الحكومة حددت مصادر التمويل
وتندرج هذه الإتفاقية، في إطار الرؤية السديدة لجلالة الملك، نصره الله، الرامية إلى مواصلة تطوير البنية التحتية الخاصة برياضة كرة القدم في المملكة، وجعل الملاعب الستة المعنية بالتأهيل والتحديث، تنسجم مع معايير الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف" في أفق سنة 2025، وتتوافق مع معايير الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بحلول سنة 2028، مسجلا أن الأمر يتعلق بملعب طنجة الكبير، ومركب محمد الخامس في الدار البيضاء، والمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وملعب أكادير الكبير، وملعب مراكش الكبير، والمركب الرياضي بفاس.
وبموجب هذه الإتفاقية، ستكون الحكومة قد انتهت من توفير مختلف مصادر تمويل تأهيل وبناء الملاعب التي ستحتضن مباريات نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025، وكأس العالم 2030، حيث ستتم تعبئة ميزانية تناهز قيمتها 9,5 مليار درهم، لتنفيذ المشاريع الإستثمارية المتعلقة بتأهيل هذه الملاعب، وفق معايير الإتحاد الإفريقي لكرة القدم في الفترة الممتدة من 2023 إلى 2025، على أن تليها مرحلة تأهيل ثانية انسجاما مع معايير الإتحاد الدولي لكرة القدم، بميزانية تتراوح بين 4,5 و6 مليار درهم، من سنة 2025 إلى 2028.
وتهم الاتفاقية الموقعة بين الحكومة وصندوق الإيداع والتدبير كذلك، تشييد ملعب جديد في بنسليمان (جهة الدار البيضاء - سطات)، بميزانية استثمارية تقدر بـ 5مليارات درهم، في الفترة الممتدة من سنة 2025 إلى 2028.
• أكبر ملاعب القارة ببنسليمان
وطبقا لخارطة الطريق التي سيجري اتباعها لتجهيز الأسطول الجديد من الملاعب لاستضافة المونديال القاري والمونديال العالمي، أن تهم المرحلة الأولى تحيين وتحديث مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط ومركب محمد الخامس بالدار البيضاء والملعب الكبير لطنجة، ليكونوا جاهزين في غضون نهاية عام 2024، لاستضافة كأس إفريقيا للأمم 2025، على أن يتم خلال المرحلة الثانية، التي تنطلق مع نهاية كأس إفريقيا للأمم 2025، تحيين وتحديث المركب الرياضي لفاس والملعب الكبير لأكادير والملعب الكبير لمراكش، وتمتد هذه المرحلة على ثلاث سنوات من 2025 إلى 2028، وهي ذاتها الفترة الرمنية التي سيتطلبها بناء الملعب الكبير لبنسليمان والذي سيصبح أكبر ملاعب القارة الإفريقية وثاني أكبر ملعب في العالم، بطاقة استيعابية قد تصل ل113 ألف متفرج.
• ملاعب بهندسة ناطقة بعراقة المغرب
ومع انطلاق هذا الورش الضخم، بتحديد مصادر التمويل لتحديث الملاعب الستة مع بناء الملعب الجديد ببنسليمان، وحيث أن هذه المركبات ذات المواصفات العالمية، ستكون قبلة لعشاق كرة القدم حول إفريقيا سنة 2025 ومحجا ومقصدا لعشاق كرة القدم حول العالم خلال مونديال 2030، بل مع انطلاق أشغال التحديث الكامل بمركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، والملعب الكبير لطنجة، التي ستعقبها ذات أشغال التحديث بملاعب أكادير، فاس ومراكش، بالإضافة إلى بناء الملعب الكبير ببنسليمان، نتطلع إلى الشكل الهندسي الذي سيتم به تصميم أو تحديث هذه الملاعب، وكلنا أمل بأن تحضر الهوية البصرية والهندسية المغربية، لتجعل من هذه الملاعب تحفا هندسية، على غرار ما هو مشاهد في العالم، وتجعلها شاهدة أيضا على المعمار والفن الهندسي المغربي الذي تتدافع مؤسسات حفظ الثرات الإنساني العالمي لصيانته ببلادنا كإرث لامادي.
ولعلنا شاهدنا جميعا، الشكل البديع الذي جرى به تصميم ملاعب مونديال قطر، إذ جاءت التصاميم مستوحاة من التقاليد القطرية والعربية الأصيلة، من البيت إلى الثمامة، فأبهرت العالم كله.
ويلاحظ على المركبات الرياضية التي أنجزت حتى الآن بالمغرب، باستثناء ملعب مراكش الكبير نسبيا، ابتعادها عن الجوانب التراثية، وهي التي يجب أن تكون معالم رياضية تنطق بالعراقة والتراث والعمق الإنساني للمغرب ضارب في أعماق التاريخ.
وإن رجونا أن تحضر البصمة الهندسية المغربية عند تحديث واستصلاح الملاعب الخمسة، لمطابقتها مع المعايير الدولية، تمنينا أن يخرج ملعب بنسليمان بشكل هندسي فريد من نوعه، يختزل في المظهر والجوهر الإبداع الهندسي المغربي على مدى 12 قرنا، وأن يكون ناطقا بعظمة هذا الوطن، ما دام أن المغرب يراهن على تنظيم مونديال ولا في الخيال بملاعب آية في الجمال.