عودة الحارس الأجنبي تُشعل المنافسة
بونو والمحمدي.. من يخلفهما في عرين الأسود؟
أي استراتيجية للرفع من المستوى وصنع حراس عالميين؟ 

 شهد مونديال قطر تألقا ملفتا للحارس ياسين بونو بدليل أنه اختير من أفضل الحراس في هذه النسخة نظير مساهمته في الإنجاز التاريخي للأسود ببلوغ المربع الذهبي، والأكيد أن إنجاز بونو ووصوله للقمة كان وراءه عمل واجتهاد كبير، وفتح جبهة جديدة في بطولتنا حول مستوى حراسنا ومدى قدرتهم  للوصول لذلك المستوى الذي يبعث الإطمئنان على هذا المركز في عرين الأسود. 
 وما زال مركز الحراسة يشكو نوعا من الإرتباك في الأداء وقلة التجربة الدولية، وكذلك لمستويات العالية، بل لم نصل لذلك الإقناع الذي يسمح بالإطمئنان على الخلف في عرين الأسود في انتظار أن تعود الطفرة في هذا المركز، حيث يجمع الخبراء والتقتيون على ضرورة الرفع من درجة تكوين مدربي هذا المركز الحساس، وكذا الحراس الشباب. 

بصمات بأيادي أجنبية
 إرتبطت البطولة المغربية بأسماء مجموعة من الأجانب الذين صالوا وجالوا في الملاعب المحلية، ولم يكن الحراس بمنأى عن هذا التألق وهم الذين أبلوا البلاء الحسن وساهموا في مجموعة من إنجازات الأندية بفضل تألقهم ومستوياتهم العالية، لذلك لا يمكن أن تمسح من الذاكرة أسماؤهم، ونذكر الإيفواري آلان غواميني والجزائري نصر الدين دريد اللذين حرسا مرمى الرجاء الرياضي، وكانت لهما بصمة بالفريق الأخضر، والروسي إيفان الذي كان من أجود الأجانب الذين مروا ببطولتنا بعد أن لعب لسنوات مع الدفاع الجديدي، وأعطى بمستواه الجيد نكهة أخرى في المنافسة.
لا ننسى أيضا السينغالي ديالو الذي حمل ألوان أولمبيك خريبكة لسنوات، ولعب مع الجيل الذهبي للفريق الفوسفاطي واشتغل بعد اعتزاله كمدرب للحراس بنفس الفريق، لا نستثني أيضا السينغالي أوسيانو والجزائري بنعبدالله اللذين حرسا مرمى الفتح.
نهاية حقبة
 إتخذت الجامعة الملكية لكرة القدم في أواخر التسعينيات قرار قطع الصلة بالحراس الأجانب، ولم يعد وقتها من حق الأندية المغربية منذ ذلك الوقت الإستعانة بالحراس الأجانب، وكانت  مجبرة بالإستعانة بالحراس المحليين، وهي الخطوة التي أريد منها منح الفرصة لحراسنا والرفع من درجة تنافسيتهم بدل دخولهم معترك المنافسة الشديدة مع  الأجانب رغم أن منهم من ساهم في الرفع من مستوى البطولة.
والظاهر أن هذه الخطوة لم تأت بالنتائج الإيجابية التي خطط لها أصحاب هذا القرار، لأن ما شاهدناه طوال السنوات الأخيرة أو بالأحرى بعد قرار إبعاد الحراس الأجانب من خارطة الكرة المغربية لم يسجل سوى تراجعا على مستوى الحراسة وارتباكا في الأداء، بدليل أن مجموعة من الأندية عانت في هذا المركز، ناهيك أن المنتخب المغربي عاش فراغا كبيرا وتواضعا في المستوى ولم تستقر مرماه على حارس واحد مُقنع، خاصة بين الزاكي بادو وياسين بونو. 
جيل جديد
 إنبثق في البطولة جيل جديد من الحراس الذين ظهروا مع أنديتهم في المواسم الأخيرة، وبالوقوف على هؤلاء الحراس، سيتأكد أن منها أسماء مغمورة ما زالت تبحث عن إثبات ذواتها على غرار فرني حارس أولمبيك خريبكة ومفتاح مع مولردية وجدة وبيساك في الدفاع الجديدي. 
ويبقى الزنيتي حارس الرجاء والتكناوتي حارس الوداد الأكثر خبرة وتجربة بحكم ممارستهما في مستويات عالية خاصة على المستوى القاري دون استثناء حضورهما مع المنتخب المغربي، كما يبقى عبدالرحمان الحواصلي من الحراس المجربين في البطولة الذين يقودون الجيل الجديد من هؤلاء الحراس. 
بونو إلى متى؟ 
 عانت حراسة المرمى بالمنتخب المغربي كثيرا بعد اعتزال الزاكي بادو، ذلك أن خلفه خليل عزمي لم يعمر كثيرا إثر قرار اعتزاله بعد المشاركة في مونديال الولايات المتحدة الأمريكية 1994، ومنذئذ لم يستقر حال هذا المركز ومرّ منه مجموعة من الأسماء دون أن تنجح في الإقناع أو أن تعمر كثيرا، قبل أن يظهر ياسين بونو الذي استطاع أن يعيد الدفء والإطمئنان بعد سنوات من الإنتظار. 
ولم يكن تألق بونو من فراغ بل هو نتاج لمشوار طويل تخطى منه عدة عقبات منها من كانت صعبة خاصة على مستوى احترافه في أوروبا، وهو الذي بدأ في الوداد قبل دخول عالم الإحتراف. 
بونو الذي يعطي الأمان حاليا لحراسة مرمى الأسود سيأتي اليوم الذي سيعتزل فيه دوليا في غياب إشارات قوية لخلفه ومن نفس مستواه والخبرة والتجربة. 
قرار بلا استفادة 
 في دراسة للقرار  الذي تم اتخاذه والذي دام زهاء عقدين بمنع الحراس الأجانب في البطولة، تأكد أن هذا القرار لم يُفد كثيرا الأندية ولم يطور أداء الحراس المحليين الذين بدورهم لم يستغلوا الفرصة ولم يلفتوا الأنظار مثلما كان متوقعا، خاصة أن جامعة الكرة وهي تتخذ ذلك القرار كانت ترمي من ورائه الرفع من درجة المنافسة وبروز حراس محليين وتطعيم المنتخب المغربي، غير أن الأمور بقيت على حالها بل وتراجع الأداء وعانت الأندية في هذا المركز.
واضطرت جامعة الكرة في الموسم الماضي فتح المجال مجددا لعودة الحراس الأجانب، وكان واضحا أن الأندية وإيمانا منها بمنح الفرص للحراس المحليين أمام كثرتهم  ولو  في غياب الجودة على حساب الحراس الأجانب، فإنها لم تستغل هذا القرار ولم تتفاعل معه، ذلك أن كل الأندية حافظت على حراسها الأجانب. 
هاجس التكوين 
 ولأن كل نجاح لا بد أن يسبقه التكوين فقد كان واجبا من الإدارة التقنية أن ترفع من درجة الإهتمام بالتكوين  ومستويات الحراس، وسارت الإدارة التقنية والعصب الجهوية على نهج تكوين مدربي الحراس وتنظيم برامج تكوينية لفائدة المدربين بين الفينة والأخرى. 
 وبتواصلنا مع مجموعة من مدربي الحراس تأكد أن من بين أبرز المشاكل تلك التي تتعلق بعدم الإختلاف في الخبرة والشواهد بين المدربين في عملهم نع الأندية، إذ يُسمح لأي مدرب حراس مهما كانت شهادته أن يشتغل في كل الأقسام، ما يؤثر كما أكدوا على عطاء حراس المرمى، خاصة من يمارسون في القسم الأول حيث يتطلبون تدريبات خاصة ومن مستويات عالية، وهو ما يفسر في رأي مجموعة من المتداخلين في اللعبة عدم وجود حراس كبار وبمستويات عالية لهم الأهلية لحراسة عرين الأسود. 

ADVERTISEMENTS