كان جليا لأي شخص رأى المنتخب الكندي المضيف في كأس العالم للاناث عام 2015، أن هناك شيئا مختلفا بشأن المدرب جون هيردمان الذي، وبحماسه الهائل وقميصه الأبيض الضيق، ظهر أنه ليس مشابها على الإطلاق لأي مدرب في منصب الإشراف على فريق للاناث.
ويفضل المدربون الذكور في فرق الاناث ارتداء الملابس الرياضية لإظهار علامات قيادة في مستودع الملابس، لكن هذا التوجه لم يعن الكثير لرجل جذب الكثير من الاهتمام في لعبة الفتيات. ومن الواضح أن الإنكليزي هيردمان كان واثقا بما فيه الكفاية بالعلاقة التي تربطه بفريقه، لدرجة أنه لم يكن يخشى أي انتقادات قد تستهدفه.
ولم يكن مفاجئا أن يستغل الإنكليزي الذي صنع اسمه كمدرب لمنتخب اناث النيوزيلندي بين 2006 و2011، شهرته الجديدة في كندا من أجل محاولة الانتقال لوظيفة أكبر في لعبة الاناث. في الواقع، عرضت عليه فرصة العودة إلى وطنه وتولي مهمة الاشراف على المنتخب الوطني للاناث.
وكان يتمنى بالتأكيد لو حصل على منصب في أحد الأندية الإنكليزية الكبرى التي بدأت تولي اهتماما كبيرا بالكرة النسائية، لكن ذلك لم يحصل لتتحقق المفاجأة عام 2018 بمغادرته المنتخب الكندي الذي قاده الى ميداليتين برونزيتين أولمبيتين من أجل تولي قيادة فريق الرجال.
هذا التحو ل المفاجئ جعل عميدة المنتخب الكندي كريستين سينكلير "عاجزة عن الكلام"، مثيرا العديد من التساؤلات والشكوك بقدرته على الارتقاء الى مستوى المسؤولية، لكن عندما سلط أمين عام الجامعة الكندية للعبة بيتر مونتوبولي الضوء على "أخلاقيات العمل" لدى هيردمان و"شغفه وتحضيراته واهتمامه بالتفاصيل" باعتبارها العنصر الأساسي خلف التعاقد معه، فلم يكن باستطاعة أحد الجدل في هذه المزايا.
لم يسبق لأي مدرب أن قاد منتخبا نسائيا الى نهائيات كأس العالم ومن بعده منتخبا للرجال، لكن هيردمان لم يهدر الكثير من الوقت في إعلان نواياه ورغبته بتأهيل كندا الى مونديال قطر 2022، على رغم سجل كندا الطويل من الاخفاقات في تصفيات منطقة كونكاكاف.
لكن هيردمان فاجأ المشك كين ونجح في تحقيق الانجاز وتصدر ترتيب مجموعة كونكاكاف أمام العملاقين المكسيكي والأميركي، بعد الفوز بثماني مباريات، مقابل أربعة تعادلات وهزيمتين.
ووصول المنتخب الكندي الى هذا الانجاز شكل مفاجأة لصاحب سجل متواضع لم يفز في تاريخه بأي شيء سوى الكأس الذهبية عامي 1985 و2000. لا يتذك ر الكثير من الناس أنه لعب في مونديال 1986، باستثناء الفرنسيين ربما لأن هدف جون بيير بابان في الجولة الأولى مه د الطريق أمام "الديوك" من أجل الوصول الى ثمن النهائي في طريقهم الى دور الأربعة حيث انتهى المشوار أمام ألمانيا الغربية صفر-2.
وحده العميد ولاعب الوسط أتيبا هاتشينسون عاش في تلك هذه الحقبة، رغم أنه كان في الثالثة من عمره فقط ولا يتذكر بالتأكيد المشاركة الوحيدة لبلاده في النهائيات العالمية وخسارتها لمبارياتها الثلاث ضد فرنسا (صفر-1) ثم هنغاريا (صفر-2) والاتحاد السوفياتي (صفر-2).
حسم بطاقة التأهل الى المونديال القطري أكمل تحولا كبيرا شهده المنتخب الكندي منذ أن تولى هيردمان الاشراف عليه في 2018.
وفي بداية عهد الإنكليزي البالغ 47 عاما ، كانت كندا تقبع في المركز الرابع والتسعين في تصنيف فيفا، لكن بعد أربعة أعوام وجدت نفسها في آذار/مارس الماضي في المركز الثالث والثلاثين، في أعلى تصنيف في تاريخها (تحتل المركز 41 حاليا ).
وبعد فوز رائع على الولايات المتحدة 2-صفر في كانون الثاني/يناير ضمن الجولة العاشرة من التصفيات، قال هيردمان إنها "المرة الأولى التي شعرت فيها بأني أعيش في بلد كرة قدم"، موحدا البلاد خلف الفريق و"هذا ما حلمنا به، أن نجعل الناس متحمسين".
ورأى أن المنتخب الحالي جعل الناس يرتدون قميص كندا بـ"فخر" عوضا عن ارتداء قمصان منتخبات مثل "إيطاليا أو صربيا أو اليونان"، نظرا الى جذورهم.
وفي مقابلة أجراها أخيرا مع صحيفة تايمز، قال هيردمان "لقد أثبتت للناس أنهم مخطؤون طوال حياتي. لكنني لا أريد أن يكون الأمر متعلقا بي، بل أريده أن يكون متعلقا بهذه المجموعة من الرجال الذين سيغي رون الرياضة الأبد في بلدنا الى الأبد".
من بين هؤلاء الرجال هناك الجناح/الظهير ألفونسو ديفيس الذي نقل نجاحه على مستوى النادي مع بايرن ميونيخ الألماني الى المنتخب الوطني، مثبتا أيضا أنه مصدر إلهام للاعبين الآخرين في فريق يضم أيضا المتألق الآخر في الساحة الأوروبية جوناطان ديفيد الذي وعلى غرار العديد من الأعضاء الرئيسيين في الفريق، ينحدر من أصول مهاجرة.
ولعب هيردمان دورا كبيرا في اقناع العديد من اللاعبين الذين يحملون الجنسية المزدوجة باختيار الدفاع عن ألوان المنتخب الكندي، لكنه يأمل أيضا في أن ت قنع كأس العالم النسيج المجتمعي المتنوع في كندا باحتضان المنتخب الوطني.
وقال في هذا الصدد "لقد خاضوا نهائيات كأس العالم مرة واحدة حين كان هناك في وسط مدينة طورونطو إيطاليا صغيرة وكرواتيا صغيرة وألمانيا صغيرة (أحياء المهاجرين). لكننا الآن نرى المزيد من القمصان الكندية في الشارع".