لأسود الأطلس مع كأس العالم قصة جميلة لابد وأن تروى، قصة انطلقت بحلم جرى اغتياله في واضحة النهار سنة 1961، وتواصل بأحداث مثيرة، ما بين ملاحم كروية ببلاد حضارة الأزتيك، ومآسي المؤامرات وعبث الأقدار.
هذه السلسلة تعيد كتابة تاريخ كرة القدم المغربية مع المونديال..
في فجر الإستقلال ومع إستعادة المغرب لسيادته على الأرض والوطن، وجلاء المستعمر الفرنسي، ظهرت البوادر الأولى لتشكيل منتخب وطني بهوية مغربية خالصة.
بعد أن وضع أسود الأطلس بصمتهم الأولى في الألعاب العربية لسنة 1957 ببيروت التي خرجوا من دورها نصف النهائي، سينطلقون في بحثهم المبكر عن العالمية، فكان الدخول لأول مرة لتصفيات كأس العالم التي أقيمت نهائياتها بشيلي سنة 1962.
خاض الفريق الوطني أول مواجهة إقصائية أمام نسور قرطاج، فبعد الفوز يوم 30 أكتوبر 1960 ذهابا بالملعب الشرفي بالدار البيضاء (مركب محمد الخامس حاليا) بهدفين لهدف واحد (سجل للفريق الوطني كل من محمد الخلفي (د33) وعبد الله الزهر (د60 من ضربة جزاء)، سيسقط الفريق الوطني خلال لقاء الإياب بملعب المنزه بتونس العاصمة بذات النتيجة (وقع هدف الفريق الوطني لحسن شيشا د 64)، ليتم اللجوء لمباراة سد خاضها أسود الأطلس ونسور قرطاج بملعب "كومينال" بمدينة باليرمو الإيطالية يوم 22 يناير 1961، وخلالها تعادل المنتخبان بهدف لمثله (سجل للفريق الوطني الزهر د 35).
ولحسم المتأهل إلى الدور النهائي تم اللجوء إلى القرعة التي منحت بطاقة التأهل للفريق الوطني.
وخاض الفريق الوطني مباراة ذهاب الدور النهائي بملعب أكرا الدولي أمام النجوم السود لغانا يوم فاتح أبريل 1961، وهي المباراة التي إنتهت متعادلة بلا أهداف ليستقبل الفريق الوطني يوم 28 ماي 1961 منتخب غانا بملعب مارسيل سيردون بالدار البيضاء، وأمام قرابة 12 ألف متفرج إنتهت المباراة التي أدارها الإسباني بلانكو بيريز بتفوق الفريق الوطني بهدف لصفر من توقيع المرحوم محمد الخلفي (د 37).
وبالنظر إلى أن الإتحاد الدولي لكرة القدم لم يكن يجيز وقتها للقارة الإفريقية المشاركة المباشرة في نهائيات كأس العالم، فقد حكم على الفريق الوطني بمواجهة منتخب إسبانيا في لقاء السد.
وجاءت مباراة الذهاب يوم 12 نونبر 1961 بالملعب الشرفي بالدار البيضاء أمام المنتخب الإسباني بحضور ما لا يقل عن 25 ألف متفرج، وعاد الفوز للماطادور الإسباني بهدف ديل سول في الدقيقة 80.
وكانت مباراة العودة التي جرت يوم 23 نونبر 1961 فوق أرضية ملعب سانتياغو برنابيو بمدريد أمام قرابة 60 ألف متفرج مثيرة للغاية، إذ تمكن المنتخب الإسباني من التقدم بهدف مارسيلينو في الدقيقة 11، إلا أن محمد الرياحي سجل للمغرب هدف التعادل في الدقيقة 40، قبل أن يعيد التقدم للإسبان الأسطورة دي ستيفانو في الدقيقة 44 وأضاف إينزيكي كويار في الدقيقة 60 الهدف الثالث، قبل أن يتمكن المنتخب المغربي من تقليص الفارق في الدقيقة 64 بواسطة عبد الله مالقا، لتتأهل إسبانيا بذلك إلى نهائيات كأس العالم 1962 بشيلي، ويتكسر حلم المغرب في الوصول لأول مرة لكأس العالم بسبب ما سمي وقتها ب"السد الظالم"، سد ستكون له تداعيات قوية في علاقة الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بالفيفا، سنعرض لها في حلقة قادمة.