لا شيء يتغير داخل البطولة، النسخ تتعاقب والتسميات تختلف واللون واحد كما هي عديد الأشياء الراسخة، القارة والثابتة التي لا تراوح مكانها.
تغير الراعي والمحتضن ولم يتغير الوضع كثيرا، نفس الترتيب يحضر للموسم الثالث تواليا، نفس الرؤوس الكبيرة المهيمنة على المشهد ونفس اللغط المشتعل بالصافرة المبحوحة، ونفس الترنيمة التي تهم التخبط التقني وتعاقب المدربين بإسهال يمثل عادة مغربية، وبين الوداد والرجاء، البطل بيضاوي بعد أن أفل نجم البقية.
في الرصد التالي نحملكم لأبرز الظواهر التي رافقت نسخة الموسم المنصرم التي وشحت الوداد بطلا بأرقام بارزة وباستحقاق كبير وبهيمنة طاغية مثلما ستطالعون، ومعها السريع والفريق الحريزي عادا من حيث أتيا قبل سنوات قليلة فقط.
• الوداد سيد المقام
مثل الموسم المنصرم وبالكربون، الوداد تسيد المشهد ليعلن نفسه بطلا وأي بطل؟ فقد قبض بالعناب على برد الصدارة منذ الدورة الأولى لغاية المشهد الختامي دون أن يفرط في المقود الذي به ومن خلاله صعد البوديوم للمرة 22 في تاريخه، وللمرة الثانية تواليا، الأمر الذي لم يحدث معه منذ 1991 وقصة الجيل الذهبي آنذاك لنور الدين نيبت، فخر الدين رجحي ورشيد الداودي مع قواسم مشتركة بين المرحلتين كونها رافقتهما ثنائية ذهبية أسطورية تمثلت في ضم التاج الأفريقي للعصبة لدرع البطولة.
لم تحدث المفاجأة وفي عام 2022 فاز الوداد باللقب 22 ولو مع بعض التموجات والتقطعات التي لم يطل لها مدى، لفترات فراغ تم قهرها سريعا، وليعلن الوداد عن نفسه بطل زمن الإحتراف ودون منازع من خلال التتويج الخامس في 8 نسخ.
• نسور بلا مخالب
صحيح أن نسور الرجاء تموقعت في نفس المرتبة التي احتلتها الموسم المنصرم وهي الوصافة وآمنت عكس النسخة ما قبل الماضية بكامل فرصها وحظوظها لاستعادة الدرع حتى آخر الدورات، بعد ترياق الحياة الذي عاد لها في الديربي، وتحصلت على أفضل خط دفاع، إلا أن كل هذا لا يشفع للفريق في شيء أمام الغصب العارم والساطع للأنصار.
غضب له ما يبرره متمثلا في كون الفريق وقع على موسم صفري آخر، والفريق عاش تقلبات وتخبطات أساءت للتاريخ وللهوية بتعاقب 3 رؤساء و5 مدربين عليه في موسم واحد، وهي حالة شاذة ولا تطابق تقاليد النادي الذي كان من أكثر الفرق تجسيدا للإستقرارين الإداري والتقني، قبل أن تهب عليه رياح سامة تسببت له في هذه الهزات الإرتدادية، وقد غادر حزينا كل الجبهات وأخذ موقف المتفرج على استعراض واحتفالية الإبطال، لذلك سارع رئيسه الجديد البدراوي لتغييرات بشعار تسونامي.
• العساكر حاضرون في الخارطة
مثل ترتيب آخر 3 مواسم والذي ظل الوداد يتبادل فيه الأدوار بين البطل والوصيف مع الغريم الرجاء، الفريق العسكري ظل وفيا لنفس الخندق والمرتبة التي انتهى عليها وضعه في النسخة من
قبل المنصرمة وكانت أحد أسباب عودته للمعترك القاري عبر بوابة الكونفدرالية.
الفريق العسكري الذي سدد فاتورة مكلفة للشغب بعد مباراة المغرب الفاسي ومنها ترحيله عن العاصمة للعب بالمحمدية ودون جمهور، سيعود من بعيد في الثلث الثالث ليضبط الإيقاع، وقد كان لغاية نهاية مرحلة الذهاب مدحرجا بين المراتب الخلفية المتدنية.
الجيش الملكي من الفرق القليلة جدا التي بقي لها نفس الربان بكامل عتاده ومساعديه للموسم الثاني تواليا، متمثلا في البلجيكي سفين فاندنيروك والصمدي، أنقذ موسمه بلقب الكأس الفضية وضمن مشاركة ثانية تواليا بالكونفدرالية.
• عودة النمور والبرتقال كان مرا
خارطة الترتيب التي ظلت فرق الفتح والمغرب الفاسي ونهضة بركان تحضر في مدارها المتقدم، تكررت وكأن هذه البطولة مبرمجة فعلا بكمبيوتر إسباني يحدد البرمجة وآخر سري يضبط نفس الترتيب ويتحكم في ملامح الترتيب، لأن السداسي الذي ظل يحضر في المقدمة خلال آخر 3 نسخ لم يتغير مع صعود النمورالصفر هذه المرة للصف الرابع وقد آمنوا بحظ البوديوم والمرتبة الثالثة حتى آخر دورة.
المغرب الفاسي مع التونسي عبد الحي بن سلطان كان مميزا بدليل صموده ل 17دورة كاملة دون هزيمة، وبالتالي كان هذا الفريق وهو من صقور الزمن الجميل من عناوين الموسم البارزة.
نهضة بركان لم يكن في أفصل أحواله وتواجده في الصف الخامس بعد ريمونتادا آخر الدورات ما كانت لتحجب تردي أوضاعه وإخفاقاته المتكررة مع إيبنيغي الذي تفادي المقصلة عبر بوديوم الكونفدرالية في لاغوس.
والضلع الثالث بين هذه الأندية المحسوبة على الصفوة هو الفتح بلا شك وقد استلمه جمال السلامي في قاع البئر، وانتشله لينافس لغاية آخر الدورات على بطاقة خارجية.
• أولاد حريز على السريع
بطبيعة الحال ما يهمنا في معرض التقييم والرصد هو ضبط الظواهر الكبيرة ومنها الفرق التي كانت لها بصمة بالبوديوم أو التي لمع نجمها وعاندها الحظ.
لذلك سنمر سريعا على الفرق التي تموقعت في الوسط، لنتجاوزها للفرق التي غادرت لقسم المظاليم وهما ناديان صعدا قبل سنوات وتزامن صعودهما تواليا وهما يوسفية برشيد الذي أدى ضريبة قرارات ومواقف رئيسه وسريع واد زم الذي لم تسلم معه الجرة مثل معجزة الموسم قبل المنصرم حين تفادي الهبوط في آخر دورة بمعجزة على عهد فؤاد الصحابي الذي كان التفريط في خدماته بعد دورتين فقط من مهلكات فريق مدينة الشهداء.
مقابل هذا كان الأداء الباهت لفرق كبيرة من طينة الحسنية والدفاع الجديدي برغم الإمكانيات والزاد البشري لكلي الناديين من عناوين الموسم، بسبب نتائجهما ودفاعهما الضعيف وانتظار آخر دورتين للإطمئنان على البقاء وهو نفس وضع اتحاد طنجة مع إشادة بموسم النادي السالمي وصحوة القرش التي أرعبت خصومه.
• الفار سيد الغبار
مرة أخرى يحضر الجدل المرتبط بالقرارات التحكيمية والتي لم تفلح معها مناظرات حدقة ولا خرجاته وتصويباته أحيانا في الحد منها أو تقليصها، الحكام حضروا في قفص الإتهام كالعادة، وكان الفار محور الجدل والإنتقادات، جدل لم يسلم منه كبار الحكام ممن يحملون شارة الدولية وفي المواعيد الكبيرة الديربي والكلاسيكو، ولتعلن حالة طوارئ في بعض الدورات بسبب الإحتقان والإحتجاج الذي تسببت فيه قراراتهم خاصة تلك المتعلقة باستعمال «الفار» لا على مستوى مراجعة اللقطات ولا مستوى النقل وآليات رصد اللقطات تلفزيونيا، الأمر الذي أذكى شرارة الجدل والإحتجاج ببلاغات همت جميع الفريق ودون استثناء باستعراض حالات «الفيطو» ضد بعض التعيينات والتصدي لها.
أمام بخصوص الهداف فقد دان فيه الوشاح مرة أخرى للاعب من الوداد، الذي منذ 2017 وهو يحكم قبضته بواسطة جيبور وقبله ايفونا وبعدهما الكعبي، وهذه المرة أبقى مبينزا اللقب على رمزيته في حيازة هدافي الوداد في موسم تلون في مجمله بالأحمر.