سيكون اليوم الثلاثاء 29 مارس يوما مشهودا في تاريخ كرة القدم المغربية، حيث ينتظر كل المغاربة أن يشهد هذا اليوم تأهل المنتخب المغربي لنهائيات كأس العالم للمرة السادسة في تاريخه.. يوم سيخوض فيه الفريق الوطني أكبر اختبار بعد مشوار طويل من الإقصائيات حقق خلالها نتائج جيدة على مستوى الرقم.
لن يكون يوما سهلا بكل تأكيد على اعتبار الإختبار الذي سيخوضه الأسود في إياب الملحق المؤدي لمونديال 2022، سيكون أمام منتخب يملك نفس الطموحات ونفس التطلعات ويسعى بدروه لإقتناص ورقة المرور للمونديال.. لكن الإمتيار الكبير الذي سيخدم الفريق المغربي أنه خرج من مباراة الذهاب بعيدا عن قواعده بنتيجة التعادل
• معطيان إيجابيان
بعد العودة من كينشاسا بالتعادل (1 ــ 1) بات من الواضح أن يتعامل الفريق الوطني مع مباراة الإياب وفق معطيين إثنين، الأول نتيجة المباراة من حيث الرقم، ومن حسن الحظ أن الأسود تمكنوا من تسجيل هدف خارج الديار في الوقت الذي دخل مرماهم هدف واحد فقد.. والمعطى الثاني يتعلق بالمحصلة التكتيكية للخصم، والإستنتاج الذي خرج به المدرب وحيد خليلودزيتش بعدما قرأ المنتخب الكونغولي جيدا وقرأ من خلاله فكر المدرب كوبر.
صحيح أن طريقة أداء الفريقين خلال مباراة اليوم بالدار البيضاء ستختلف كليا عن طريقة لعبهما خلال مباراة الذهاب بكنشاسا على اعتبار أن وضعيتهما ستتحول للنقيض، وسيتحول الفريق المضيف إلى فريق ضيف والعكس صحيح.. لكن الأمور ستكون في صالح المنتخب المغربي في الإياب على اعتبار العوامل الكثيرة التي ستكون في صالحه من النتيجة إلى الملعب إلى الجمهور.
• إمتياز كبير
كان بمقدور المنتخب المغربي أن يعود من كينشاسا بنتيجة الفوز (2 ــ 1) لو سجل ريان مايي ضربة الجزاء التي حصل عليها الأسود في الدقيقة 54 من زمن المباراة، لكن اللاعب لم يوفق رغم قدرته الفائقة على التسجيل من ضربات الجزاء أو من أي وضعيات أخرى. وبالطبع لا ينقص ضياع ضربة الجزاء من قيمة وأهمية ريان مايي في خط هجوم الفريق الوطني، وبالطبع لا يجب أن ننسى أيضا أن مايي هو من منح الفريق الوطني 4 أهداف خلال مرحلة التصفيات الأولى وقبل بلوغ دور الملحق الحاسم المؤهل للمونديال.
ومن حين حظ الأسود أنهم عادلوا النتيجة وعادوا من الكونغو الديمقراطية من دون خسارة، وهو امتياز كبير سيكون على المدرب وحدي وعلى اللاعبين أيضا استثماره على النحو الأفضل يوم غد الثلاثاء في مباراة الإياب بالدار البيضاء.
• شاكلة الأسود
قد يتبادر إلى ذهن البعض أن اعتماد المدرب خليلودزيتش على الأسلوب الدفاعي خلال مباراة الإياب، حفاظا على نظافة المرمى، مع ترصد كل سعي يقود لشباك الخصم عن طريق المرتدات، سيكون الحل المناسب.. في حين أن التفكير في مثل هكذا أسلوب بمثابة انتحار. ومن السذاجة والغباء أن يلجأ وحيد إلى هذا الخيار وهو الذي تملك شجاعة الهجوم والإندفاع خارج الميدان خلال مباراة الذهاب.
بالتأكيد يتحثم على الأسود أن يكونوا اليوم أكثر حسما وفاعلية خلال مباراة الإياب خاصة أن طريقة اللعب ستتغير هذه المرة كما ستتغير شاكلة الفريق. وأغلب الظن أن خليلودزتش سيعتمد هذه المرة على 4 ــ 3 ــ 3، عوض 3 ــ 5 ــ 2 التي لعب بها بكنشاسا.
وحتى في حال لجأ خليلودزيتش إلى إجراء بعض التغيير على مستوى التشكلية بتغيير بعض الوجوه، فإنه لا مناص من الإعتماد على 3 ماجمين هذه المرة، وهو ما سيقوده إلى خيار اللعب بشاكلة 4 ــ 3 ــ 3، التي ستمنح الفريق تدفقها الهجومي دون التفريط في الثوابت والمهام الدفاعية.
• حيرة خليلودزيتش!
لن يستطيع خليلودزيتش وهو بصدد تهييء التشكيلة التي سيخوض بها مباراة اليوم بالدار البيضاء التفيكر ولو للحظة في تغيير الثوابت البشرية في خط دفاع فريقه رغم بعض النقص الذي ظهر به ماسينا في مركز الظهير الأيسر لعدم جاهزيته ونقص تنافسيته لكونه لم يخض أي مباراة مع فريقه واتفورد الإنجليزي خلال الشهرين الماضيين، وهو ما انعكس سلبا على أدائه، لكنه في حال إعتمد على شاكلة 4 ــ 3 ــ 3، أو حتى 4 ــ 4 ــ 2 سيتخلى عن ريان مايي، ليصبح وسط الخط الدفاعي بلاعبين إثنين بدل ثلاثة.
وربما لن يفكر وحيد أيضا في القيام بأي تغيير في خط الوسط ما لم يعان أمرابط من أي إصابة.. فالثلاثي أمرابط، أملاح ولوزا سيكون الخيار الأمثل بالتأكيد بالنسبة لوحيد.. لكن على مستوى خط الهجوم سيطرأ التغيير بلا شك على اعتبار أن الشاكلة هذه المرة تتطلب ثلاثة مهاجمين وليس فقط مهاجمين، وعلى وحيد أن يحدد المهاجيمن الثلاثة، وقد يحار المدرب في اختياراته الهجومية هذه المرة بعد الإنتفاضة التي سجلها الثنائي الكعبي/تيسودالي في كنشاسا. 
• رسالة تيسودالي
لم يكن هدف التعادل الذي سجله تيسودالي في مباراة الذهاب بكينشاسا هو من أدخله في خانة الإبهار حتى بات يصنف كواحد من المهاجمين الكبار.. فالهدف أدخله تاريخ إقصائيات كأس العالم، وسيتذكر المغاربة أن تيسودالي هو من منح هدف التعادل للمنتخب المغربي في ذهاب الملحق الحاسم المؤدي لمونديال 2022، وعوض أن يعود الأسود من الكونغو الديمقراطية بخسارة مهينة، عادوا بتعادل مهم أبقى على حظوظهم قوية لتحقيق التأهل.
وخانة الإبهار التي دخلها تيسودالي لا يدخلها من اللاعبين سوى من كان من طينة المبدعين الكبار، فقد سجل هدفه بطريقة يصعب أن توصف ولا يمكن أن يسجل بها أي لاعب، ونادرا جدا ما تأتي التسديدة محكمة ودقيقة وقوية بالطريقة التي اعتمدها تيسودالي.. وكأنه قد أعاد الزمن  شيئا ما إلى الوراء ليذكرنا بأهداف مهاجمين هولنديين كبيرين لن ينساهما التاريخ الكروي وهما ماركو فان باستن مهاجم ميلان المرعب، ودينيس بركامب «سفاح» نادي أرسنال.
هدف تيسودالي رسالة صريحة لخليلودزيتش بأنه مهاجم من العيار الثقيل ولا يجب أبدا الإستهانة به، وقد شكل إلى جانب الكعبي ثنائي هجوميا قويا.. وبهذا الثنائي بات خط هجوم الأسود في وضع جيد.. فهناك النصيري وريان مايي وبوفال والحدادي والكعبي وتيسودالي، إضافة إلى الزلزولي الذي لم نره بعد.   
• لا أعذار بالديار
صحيح أن المنتخب المغربي عاد من خارج الديار بتعادل ثمين، لكن أداء الأسود في مجمله لم يكن ملائما ولا مريحا على الإطلاق، ولم يقدم اللاعبون ما يشفع لهم بفرض أسلوب أداء قوي، وقد يكون سبب ذلك في المقام الأول أرضية الملعب ذات العشب الإصطناعي التي لم يعتادوا عليها، حيث كان يصعب عليهم التحكم في الكرة.. لكن لن تكون هناك أعذار لخليلودزيتش خلال مباراة اليوم.. فهو مطالب قبل كل شيء بالنتيجة التي ستضمن تأهل الأسود للمونديال، لكنه مطالب أيضا بقوة الأداء.. فكلما كان الأداء قويا تمكن الفريق من السيطرة، وكلما حضرت السيطرة أصيب الخصم بالإرتباك، وكلما ارتبك الخصم سهُل الإنقضاض عليه.
لن يستطيع خليلودزيتش أن يختفي هذه المرة وراء أي عذر، فأرضية الملعب ستكون ملائمة، واللاعبون سيظهرون بالتأكيد حماسهم الكبير لتحقيق الفوز، كما أن الجمهور بدوره سيقدم مساندة قوية وغير مشروطة، والمطلوب في مباراة اليوم تقديم أداء قوي يحتم على الخصم أن يتوارى للدفاع، ويحرمه بالتالي من كل ما من شأنه أن يمنحه كسب الثقة.
• أسلحة الفهود
رغم أن منتخب الكونغو الديمقراطية عجز عن استثمار مباراته بالميدان، ولم يستطيع ضمان الفوز في مباراة الذهاب يوم الجمعة الماضي، وهو الذي كان مساندا بدعم جماهيري كبير.. إلا أنه قدم الدليل على امتلاكه لكثير من أسلحة المباغتة، بعدما أكد نيته في البحث بكل قوة عن بطاقة التأهل للمونديال، لذلك خلق الكثير من المتاعب لدفاع الفريق المغربي ولحارسه ياسين بونو الذي كان يقظا في محاولتين أو ثلاث شكلت خطورة كبيرة على مرماه.
وسيسعى الفهود من خلال النهج التكتيكي الذي سيرسمه مدربهم هيكتور كوبر في مباراة الدار البيضاء إلى اللعب بسلاح الضغط والبحث عن تسجيل هدف السبق في وقت مبكر مثلما فعل في كينشاسا، فهو يعرف قدرات الأسود جيدا ويدرك حجم الإمتيازات التي سيلعب بها في ميدانه وأمام جماهيره، لذلك عليه أن يجازف بسلاح الضغط المبكر، وقد يكون سلاحا ذو حدين، فإما سيحقق مبتغاه ويعيد كرّة المباغتة، وفي حال حدث هذا السيناريو قد تتغير مجريات اللعب كليا، وتتبعثر أوراق أسود الأطلس رأسا على عقب. وإما يدفع غاليا ثمن مجازفته إن عرف الأسود كيف يستغلون الوضع لصالحهم.
ومهما كان فإن لا حل أمام فهود الكونغو سوى البحث عن الإنتصار بعدما ضاق كثيرا مجال الخيارات أمامهم.
• جمهور متعطش
والإمتياز الكبير الذي سيكون في صالح الفريق الوطني اليوم بلا شك، هو أنه سيخوض المباراة بملعبه وسيستقبل غريمه منتخب الكونغو أمام الجمهور المغربي الداعم الأساسي للاعبين في هذه الفترة الصعبة.
هذا الحضور الجاهيري سيضفي على الملعب أجواء مثيرة وصاخبة، وهناك من اللاعبين من سيعيشها لأول مرة على اعتبار أن مباريات التصفيات الأولى التي مهدت لهذا الملحق أجريت في ملاعب مغلقة ومن دون جمهور بسبب الإجراءات الإحترازية التي فرضتها جائحة كورونا.
الحضور الجماهيري سيزيد من حماس اللاعبين وسيحفزهم للعطاء أكثر بحثا عن تأمين نتيجة إيجابية تضع المنتخب المغربي في مونديال «قطر 2022» في سادس حضور لكرة القدم المغربية بنهائيات كأس العالم.