استفاقت إيطاليا الجمعة على حالة من الصدمة بعدما عاشت أمسية سوداء في باليرمو بخروج المنتخب الوطني من الملحق الأوروبي وفشله في التأهل لنهائيات كأس العالم للمرة الثانية تواليا .

وبعدما عاشوا قبل أربعة أعوام خيبة الغياب عن النهائيات العالمية لأول مرة منذ 60 عاما ، تفاءل الإيطاليون مع المدرب الجديد روبرطو مانشيني لاسيما بعد فوزهم بكأس أوروبا الصيف الماضي.

لكن المفاجأة تحققت الخميس على يد مقدونيا الشمالية بهدف سجله مهاجم باليرمو السابق والفيحاء السعودي حاليا ألكسندر ترايكوفسكي في الوقت القاتل (2+90)، ليمنح بلاده بطاقة نهائي المسار الثالث من الملحق الأوروبي المؤهل لمونديال قطر 2022 حيث تلتقي الثلاثاء مع البرتغال في بورطو.

ADVERTISEMENTS

وما يزيد من هول ما حصل الخميس، أنه لم يسبق لإيطاليا أن خسرت أي مباراة لها على أرضها في تاريخ مشاركاتها في تصفيات كأس العالم، وقد دخلت لقاء مقدونيا الشمالية بسجل 48 فوزا و11 تعادلا على أرضها منذ بدء اعتماد التصفيات المؤهلة للنهائيات اعتبارا من النسخة الثانية عام 1934 حين فازت على اليونان 4-صفر في ميلانو في طريقها للفوز لاحقا بلقبها العالمي الأول.

وبحسرة كبيرة، عنونت صحيفة "لا ريبوبليكا" غداة الخيبة الوطنية الكبيرة "الجميع الى المنزل"، معتبرة أن ما حصل الخميس في باليرمو يشكل "وداعا لـ+ناتسيونالي+ (المنتخب الوطني) خسرناه الى الأبد".

ووضع المنتخب الإيطالي نفسه في هذا الموقف بعد اكتفائه في الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة الثالثة للتصفيات الأوروبية بالتعادل السلبي على أرض إيرلندا الشمالية، ما سمح لسويسرا بخطف البطاقة بفوزها على بلغاريا 4-صفر.

وقد دفع الإيطاليون من دون شك ثمن التعادل في الجولة قبل الأخيرة على أرضهم أمام سويسرا 1-1 في لقاء أضاعوا في ثوانيه الأخيرة ضربة جزاء عبر جورجينيو الذي أضاع أيضا ضربة جزاء أمام "ناتي" في لقاء الذهاب الذي انتهى بالتعادل السلبي في سويسرا.

وعشية استضافة مقدونيا الشمالية التي لعبت دورا أيضا في جر إيطاليا الى ملحق مونديال 2018 (أقصتها السويد) بعدما أجبرت "أتزوري" على الاكتفاء بالتعادل على أرضه 1-1 في الجولة قبل الأخيرة من التصفيات، علق مانشيني على ضربتي الجزاء الضائعتين، بالقول "كان بإمكاننا ألا نتواجد في هذا الموقف، لكن هذه هي كرة القدم".

وكرة القدم قاسية بقدر ما هي جميلة، وهذا الأمر يدركه المدافع المخضرم جورجو كييليني الذي دخل لقاء الخميس في الشوط الثاني ليشهد على الكارثة الوطنية لبلد توج باللقب العالمي أربع مرات.

وقال كييليني "نحن الآن في حالة ذهول. من الصعب شرح ذلك. أعتقد أننا قدمنا مباراة جيدة مرة أخرى ولم نسجل الهدف".

وتابع "لقد ارتكبنا أخطاء من أيلول/شتنبر (خلال التصفيات) الى الآن ودفعنا ثمنها. أنا فخور بزملائي في الفريق وبهذه المجموعة.. يجب أن نبدأ من جديد".

وأمل ببقاء مانشيني "الذي قدم الكثير للمنتخب الوطني".

وعن العقم الهجومي، قال مدافع يوفنتوس "الأمر ليس كما لو أننا لم نصنع الفرص. كان لدينا 32 تسديدة على المرمى".

لكن وخلافا لكييليني، رأت صحيفة "لا ستامبا" أن المنتخب قدم "أداء كارثيا ".

وبالنسبة لصحيفة الواسعة الانتشار والتي تصدر من ميلانو، فإن إقصاء إيطاليا يعلن عن "تغيير في الجيل" و"إعادة تأسيس".

صحيفة "غازيطا ديلو سبورت" لم تكن متفاجئة بما حصل الخميس على ملعب "رنتسو باربيرا" في عاصمة صقلية أمام مدرجات بكامل طاقتها الاستيعابية لأول مرة منذ تفشي فيروس كورونا في أوائل عام 2020.

ورأت الصحيفة الرياضية أن "الفوز بكأس أوروبا كان بمثابة فاصل سعيد بين أعوام من خيبة الأمل في المنتخب والأندية"، في إ شارة الى انتهاء مشوار إيطاليا عند الدور الأول لموندياليي 2010 و2014 وفشلها في التأهل الى نهائيات 2018 إضافة الى خيبة الأندية الإيطالية ونتائجها المتواضعة في دوري أبطال أوروبا.

وتابعت "كرتنا تدفع ثمنا باهظا : ما زالت تفتقر الى الرؤية وليس هناك شجاعة... محاكمة مانشيني ستكون خطأ، إنه نظام الـ+كالتشو+ (الكرة الإيطالية) بأكمله الذي يحتاج الى مراجعة".

أما الصحيفة الرياضية الأخرى "إيل كورييري ديلو سبورت"، فلا يبدو أنها مقتنعة بفكرة بقاء مانشيني في منصبه حتى نهاية عقده الذي جدد حتى 2026 بعد التتويج القاري الصيف الماضي، مشددة على "إنها ساعة تحمل المسؤولية".

ورغم أنه من أصدقاء مانشيني، اعتبر مدير الصحيفة إيفان زاتساروني أن "مانشيني كان مهندس الانتصار الأوروبي ومانشيني هو المسؤول الأول عن هذا الفشل".

وما حصل أمام مقدونيا الشمالية "لا يشكل أي مفاجأة" لصحيفة "إل ميساجيرو"، لأنه "نتيجة أعوام من السقوط الحر (التدهور)"، موضحة "لم نفز على صعيد الأندية بالمسابقات الأوروبية منذ 2010 (حين أحرز إنتر عصبة الأبطال). هذا الجفاف الطويل غير مسبوق في تاريخ الكؤوس الأوروبية".

ADVERTISEMENTS

وتابعت "على مدار الأعوام الـ15 الماضية، انهارت بطولة الدرجة الأولى. من سقوط يوفنتوس (الى الدرجة الثانية) بعد قضية +كالتشوبولي+ (التلاعب بالنتائج عام 2006)، الى انسحاب (سيلفيو) بيرلوسكوني (التخلي عن ملكية ميلان) و(ماسيمو) موراتي (التخلي عن ملكية إنتر)، كل ذلك أدى الى إضعاف الأندية التاريخية العظيمة وتقويض التوازن، مما أضعف البطولة بأكملها".

بالنسبة لرئيس العصبة الإيطالية لورنزو كاسيني، يجب أن يكون هناك "تفكير جاد وتغيير عميق في النظام"، بحسب ما قال في بيان عقب الليلة الظلماء في باليرمو.