تأهيل اللاعبين سلاح لتقنين الاإتدابات
الأندية تخطّت العقوبات في انتظار الحلول المستقبلية
تعاني أغلب أندية البطولة من مشاكل مالية بسبب ديون ما زالت عالقة بذمتها منذ سنوات، وأثرت سلبا على خزينتها المالية، رغم أنها تتفاوت من فريق لآخر، سواء على مستوى الديون أو الخصاص المالي بشكل عام، بل هناك من الفرق من استعصى عليها التخلص من ديونها ويتحملها رؤساء الأندية بالتوارث، إذ كلما زادت السنوات، كلما غرقت هذه الأندية في ديونها.
وتحيط بالوضعية المالية وديون الأندية مجموعة من الأسئلة حول الأسباب العميقة وراء هذه الظاهرة التي استفحلت في السنوات الأخيرة في ردهات الأندية، وما مدى تأثيرها على الجانب التدبيري والتسييري، وهل الخطوة التي أقدمت عليها العصبة بالضغط على الأندية بورقة عدم تأهيل اللاعبين ستكون ناجعة ورادعة لها؟
مال ورياضة
باتت الأزمات المالية واحدة من الأسطوانات التي تتكرر كل موسم، ودائما تشتكي أغلب الأندية من الخصاص المالي، رغم مرور سنوات من دخول الكرة المغربية عهد الاحتراف.
ومؤكد أن الأزمات المالية تؤثر على علاقة النادي باللاعبين، بسبب التأخر في صرف المستحقات المالية، سواء ما يتعلق بالرواتب الشهرية أو منح التعاقد، بل هناك من اللاعبين من ينتظر مستحقاته مع ناديه لأكثر من موسمين، وهي مشاهد تتكرر كل موسم وما تفرزه من تذمر اللاعبين ومقاطعتهَم للتدريبات، فرغَم ما يمكن أن تذره الرياضة من مداخيل مالية، إلا أن ذلك لا يمنع من مشاكل مالية يعانيها للاعبون داخل أنديتهم.
الديون في زمن كورونا
بالإضافة إلى الديون العالقة والأزمات المالية التي تضرب الأندية، فإن المستجد الذي شهده الموسمين الأخيرين، يتمثل في وباء كورونا، الذي عرَى جانبا آخرا من سوء التدبير وكذا التعامل مع الأحداث، بعد توقف الأنشطة الكروية، ولو أن مجموعة من المسؤولين تذرعوا بهذا الوباء، وكان الشماعة التي علقوا عليها عجزهم للالتزام بمسؤوليتاهم تجاه اللاعبين.
وتعيش اليوم الأندية بين سندان الديون ومطرقة كورونا، وتعتبر أغلب الأندية أن وباء كورونا زاد من استفحال المشاكل المالية، وأثقل إلى جانب الديون كاهل خزينتها المالية.
سوء التدبير.. السبب الأول
تناقض كبير ذلك الذي تعرفه الأندية من حيث تدبير أمورها المالية، حيث ضعف الموارد المالية أمام ارتفاع وثيرة النفقات، خاصة على مستوى التعاقدات، التي تبقى واحدة من أسباب تفشي ظاهرة الديون، ذلك أن لاعبي الأندية باتوا يأخذون أكثر ما يعطون.
ومن سخرية القدر، أن الأندية تسقط في نفس الأخطاء، وتبرم تعاقدات جديدة كلما افتتح الميركاطو أبوابه، بصفقات مع لاعبين دون دراسة مسبقة أو قراءة متأنية، لتفادي العواقب المالية الوخيمة التي تتكبدها جراء الصفقات الفاشلة، والخسائر المالية التي تزيد من تعميق جراح الديون.
هل تساهلت الجامعة سابقا؟
واقع الحال يقول إن الجامعة الملكية لكرة القدم، واللجان المختصة في مراقبة مالية الأندية ، لم تكن صارمة أمام العبث التي كانت تعيشه أغلب الأندية من حيث التعاقدات، رغم الديون الكبيرة التي تطاردها، إذ لم تمنعها وضعيتها المالية المزرية للهث وراء جلب اللاعبين والمنافسة في سوق الإنتقالات كلما فتح أبوابه، يمينا ويسارا، ومهما كلف ذلك من مبالغ مالية، قد تكون في بعض الأحيان ضخمة.
وكان حري بالجامعة، أن تطبق القانون من البداية بمنع أي فريق له ديون متراكمة وعدد كبير من الملفات لدى لجنة النزاعات، ليس فقط بحرمانه من إيرادات النقل التلفزي، ولكن بمنعه من إبرام أي تعاقد، قبل تأدية ديونه، خاصة أن الجامعة قررت أن تسلك هذه الطريقة سابقا، لكنها تراجعت عنها في وقت ما.
العبث في التدبير المالي مع الأسف يتواصل، والأزمات المالية تضرب رقاب الأندية، واللاعبون ما زالوا يشتكون عدم صرف مستحقاتهم، ما دام أن الباب بقي مفتوحا لكل فريق مهما كانت مشاكله من أجل إبرام التعاقدات، خاصة أن الاقتطاع من منح الجامعة، لم يحدَ من هذا العبث.
أي دور للعصبة؟
ولأن العصبة الإحترافية ما زالت لم تستقل بالكامل من الجامعة، وتعيش في جلبابها، فإن ذلك انعكس سلبا على التدبير المالي للأندية، وكان فوزي لقجع رئيس الجامعة، صريحا في الجمع العام للعصيَبة الذي انتخب فيه سعيد الناصري لولايته الثانية كرئيس، عندما أكد أن العصبة لا بد أن تنسلخ عن الجامعة وأن تقرر لوحدها في مصير بطولة القسمين الأول والثانية، فيما كانت الرسالة الثانية أيضا جد صريحة وواضحة، وتحمل في طياتها الكثير، عندما طالب من رؤساء الأندية أن يساعدوا العصبة ويغنوها بأفكار جديدة، وفي ذلك، ليُحمِّل الرؤساء مسؤولياتهم للدفع بعجلة الكرة، بدل انتظار الهبات والهدايا والأفكار من الجامعة والسلطات المحلية.
ديون وإشهار .. كفة غير مرجحة؟
يبقى الإشهار موردا هاما للأندية، بل إن الفرق العالمية إنما هي قوية بالصفقات الإشهارية التي تبرمها وتذر عليها مداخيل مالية مهمة، غير أن الأمر مختلف في بطولتنا، ذلك أن أغلب الأندية تفتقد للحس التسويقي وعقود الإشهار، وتفتصر على صفقات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تكفي لسد حاجيات النادي.
الإشهار هو وسيلة أخرى لمواجهة الديون، ويساعد على سد وتجاوز مجموعة من الإكراهات، لكن هذا الجانب لا يستغل بالشكل الجيد، رغم الطفرة التي عرفتها الكرة المغربية، وتألقها على الصعيد الإفريقي، وهنا يتأكد أن الأندية لا تساير إيقاع الجامعة في طريقة تدبير المنتوج الكروي والمجهودات التي تقوم بها لتأطير اللعبة على المستوى المالي، فكان من الطبيعي أن تسقط الأندية في فخ عدة إكراهات مالية أبرزها الديون.
ورقة عدم تأهيل اللاعبين
كانت العصبة الإحترافية صريحة وواضحة وهي تتعامل مع وضعية الأندية المالية، عندما رفعت شعار الصرامة هذه المرة، ورفضت تأهيل اللاعبين الجدد للأندية التي تشكو خللا ماليا ووضعيتها المالية غير مستقرة.
وتفاجأت مجموعة من الأندية عدم تأهيل لاعبيها الجدد بعد استئناف البطولة، في أولى مشاهد التصعيد الذي ستتخذه العصبة، وينذر أن القادم سيكون أشق على الأندية، رغم أن العصبة كانت رحيمة بالأندية مرة أخرى عندما منحتها الضوء الأخضر للإستفادة من اللاعبين الجدد، وراعت المشاكل المالية التي تمر منها، بسبب ظروف خاصة من قبيل غياب الجمهور عن المبارايات وتراجع الرعاة بسبب جائحة كورونا. وقد يكون عدم تأهيل اللاعبين السلاح لمواجهة عبث الأندية المالي مستقبلا.