يمكن لوحيد خليلودزيتش مدرب المنتخب الوطني أن يعيش حاليا مسرورا وينام مرتاحا ومطمئن البال، فقد إعتزل حكيم زياش، وأنهى علاقته بأسود الأطلس.. ولن يعود بإمكان أي كان أن يسأل المدرب مرة أخرى عن زياش ولماذا لم يستدعه؟ ومتى سيعود؟ فعقدة وجيد مع زياش قد تنتهي وإلى الأبد بعدما أكد اللاعب إعتزاله اللعب دوليا.. وقد جاء هذا القرار بعد كل الذي ردده وحيد عن اللاعب خلال ندوته الصحفية الأخيرة، والإتهامات المتعددة التي وجهها له.
فمن جملة ما ردده وحيد، خلال هذه الندوة، مشكلته مع زياش.. وللمرة الألف يردد وحيد موقفه العلني المكشوف والذي يقف ضد إرادة شعب بأكمله، فهو يرفض زياش مع سبق الإصرار ولا يريده، في حين أن المنتخب الوطني يريده وفي حاجة إليه، والجماهير أيضا تريده لأنها تدرك كيف كان حاسما في كثير من المباريات الإفريقية السابقة.. الجمهور المغربي حاليا لا يستطيع أن ينفصل عن زياش مثلما لا تستطيع العين أن تنفصل عن أهدابها!
لقد أكد وحيد، في ندوته الصحفية، أن إيمي جاكي وديديي ديشان إستبعدا أيضا نجوما لهما في المنتخب الفرنسي دون أن تتأثر "الديكة"، ونسي وحيد البدائل الجيدة التي توفرت للمدربين معا، في حين عجز هو عن إيجاد بديل لزياش رغم أنه حاول أن يصنع منه نسخة طبق الأصل مرارا وتكرارا، وقد جرب ذلك مع العديد من اللاعبين من لوزا إلى شاعر إلى برقوق إلى أوناحي إلى تيسودالي.. إلى غيرهم..
ومن المفجع حقا أن وحيد أدان نفسه في قضية زياش دون أن يدري، عندما جسد الفرق الشاسع بين الإعتدال والتطرف.. فقد عاب على هيرفي رونار المدرب السابق للمنتخب الوطني ذهابه إلى هولندا من أجل العودة بزياش عندما كان في صدام معه.. في حين أن رونار أثبت أنه مدرب معتدل ورزين وشهم وقلبه يتسع للجميع، وقد حقق ما كان يرجوه من ومع زياش، بينما أثبت خاليلودزيتس العكس تماما وأكد أنه متطرف وديكتاتوري ومتسلط ولا يريد أن تصير كلمته كلمتين!
وبالقدر الذي كان رونار رقيقا ومهذبا ولطيفا وحضاريا.. بالقدر الذي يظهر خليلودزيتش غليظا وقاسيا ومتعجرفا وقليل الأدب.. معتقدا أنها السمات الأساسية لكل قائد عظيم. ولا يعرف وحيد أن الكثير ممن يسقطون لا يسقطون لقلة كفاءتهم، ولكنهم يسقطون لكثرة غلاظتهم!
ومن المفجع أيضا أن وحيد كلما سمع إسم زياش تملكه الإضطراب.. وكلما شعر بأن هذا اللاعب بات بالنسبة للمغاربة مطلبا إستراتيجيا، زاد من عناده وقرر أن يقطع رأسه! وأن يلصق به كل الصفات البغيضة، لدرجة أنه إتهمه بمحاولة تفجير الفريق، وهي تهمة خطيرة سواء في معناها الحقيقي أو في معناها المجازي!!
وإذا كان وحيد قد قدم "محاولة تفجير المنتخب" كمبرر لإبعاد زياش.. ما هي المبررات التي قدمها عندما أبعد ديديي دروغبا وهو واحد من كبار نجوم القارة السمراء وأفضل لاعب في تاريخ كرة القدم الإيفوارية عندما كان مدربا للمنتخب الإيفواري؟ وأيضا ما هي مبررات استبعاده لرياض محرز مع منتخب الجزائر؟
في أرشيف وحيد وفي سيرته الذاتية وسجلاته الشخصية عشرات الإصطدامات مع لاعبين كبار، ولا أحد يستطيع أن يُكذّب أو يزرو التاريخ، وكل الذين حاولوا قلب الحقائق واللعب بالتاريخ إكتشفوا أن التاريخ أقوى منهم. كما لا أحد يستطيع أن ينكر أن وحيد كان دائما يقاوم وبشكل شرس أي نجم له وزنه في الفريق لا سيما إذا كان قويا ومسموعا وله جذوره وقواعده الشعبية.