الإتحاد الدولي يحذر من التضييق على الصحفيين بأولمبياد طوكيو
بدر الدين الإدريسي: لابد من إبقاء الجسر مفتوحا بين الصحفيين والرياضيين 

بمناسبة الذكرى 97 لميلادها، واحتفالاً باليوم العالمي للصحافة الرياضية، نظم الإتحاد الدولي للصحافة الرياضية الجمعة الماضية، ندوة على درجة كبيرة من الأهمية بمشاركة 700 إعلامي من أكثر من 100 دولة، أوجزت أصعب التحديات التي يواجهها الصحفيون بعد الوباء: القيود، والصحة النفسية ومحدودية الوصول إلى المصادر.
وبخصوص لوائح أولمبياد طوكيو 2020، التي تنص على العديد من التدابير التي من المفترض أن يلتزم بها الصحفيون المعتمدون لتغطية طوكيو 2020، ألقى رئيس الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية جياني ميرلو خطابًا قويًا: قال فيه "نحن، الصحافة، لسنا أعداء اليابان".
وأضاف ميرلو: "يقينا بأن الصحفيين سيتم اتباعهم في جميع الأوقات، والتخلي عن الخصوصية، وشرط الإبلاغ عن جميع الأشخاص الذين يقابلونهم، يعرض حرية الصحافة للخطر. كل ذلك جزء مما يسمى بحزمة الإحترازات الخاصة بفيروس كورونا، لكن هل هو كذلك حقًا؟
وقدم المتحدثون من القارات الخمس، والذين كان بينهم الزميل بدر الدين الإدريسي رئيس تحرير المنتخب ورئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية،  خلال الندوة العلمية التي أدارها الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية، جورا أوزميك، رؤى قيمة وأمثلة عملية لما يجري في بلدانهم، وكيف يؤثر ذلك علينا جميعًا بشكل عام.
وأعرب نائب رئيس تحرير وكالة كيودو للأنباء، الياباني شينسوكي كوباياشي، عن أسفه لبعض الإجراءات المفروضة على الصحفيين في أولمبياد طوكيو.  وقال: "هناك ثقافة تقوم على رؤية ما تقوله استطلاعات الرأي. ويعتقد 86 في المائة من اليابانيين أن الألعاب ستعرضهم للخطر أو تجعلهم يشعرون بعدم الأمان. لسوء الحظ، كان التطعيم هنا بطيئًا للغاية، لأن اليابان التزمت منذ أشهر بالتباعد الجسدي وبحمل الكمامة وغسل اليدين. ولا يزال هناك الكثير من عدم الثقة بشأن التطعيم، وكذلك بشأن أولئك الذين تم تطعيمهم. نصيحتي لكل من يأتي إلى اليابان لتغطية الأولمبياد ارتداء الكمامة حتى في الهواء الطلق، فذلك يمنح اليابانيين راحة البال، لقد أحبوا الكمامة وارتدوها حتى قبل الوباء.
وكشف رئيس العمليات في وكالة فرانس برس، فانسون أمالفي، عن بعض درجات الرمادي التي لم تنعكس في الكتابة. "أفهم أنه يتعين علينا ملء نموذج بخطواتنا، ولكن ليس من الواضح كيفية القيام بذلك، وقناة الاتصال مع المنظمين محدودة للغاية. إنه تحدٍ مثير للاهتمام أن أكون هنا في الألعاب التي ستكون فريدة من نوعها، لكن التواصل مع المنظمين يجب أن يكون بطلاقة أكثر ومن دون تعقيدات. 
وأوضح مدير صحيفة "ماركا" الإسبانية، خوان إغناسيو غاياردو، الفرق بين الدعاية والصحافة، بقوله: "هناك فكرة لدى الأندية والرياضيين، وخاصة النخبة منهم، أنه يمكن استبدال الصحافة بوسائل التواصل الاجتماعي، لكن المتلقي يعرف كيف يكتشف تمامًا الفرق بين الدعاية والمعلومات. الصحافة هي رابط حيوي في السلسلة إن وضعت حواجز أمام الصحافة فهذا معناه أننا نضع في النهاية حواجز أمام جمهور المشاهدين والقراء. أعتقد أننا نتفق جميعًا على شيء واحد، هو أننا أمام مشهد توجد فيه المزيد والمزيد من العقبات والصعوبات والعوائق التي تحول دون الوصول إلى الرياضيين". 
وقدم الزميل بدر الدين الإدريسي رئيس تحرير "المنتخب" مداخلة شدد من خلالها على ضرورة رفع كل المتاريس الموضوعة أمام الصحفيين الرياضيين وتحول دون وصولهم للمصادر ومنها للمعلومة وقال: 
"في مثل هذا اليوم من السنة الماضية، حضرنا جميعا بدعوة من الإتحاد الدولي للصحافة الرياضية إلى هذه المنصة الإفتراضية لنبرز التحديات الكبيرة التي واجهتها مهنتنا بسبب جائحة كوفيد 19، وقد توافقنا على اختلاف بيئاتنا الإعلامية وحجم تضررنا من الجائحة، على أن خيارنا الوحيد للصمود في وجه هذه الجائحة هو أن نطور ونحين ونحدث وسائلنا الإعلامية بالشكل الذي يرضي الجمهور الواسع ويتناسب مع ذوقه المتنامي، ليس هذا فقط ولكن أيضا أن نحصن إعلامنا الرياضي ونحميه من المخاطر التي تتهدده مع الإنتشار السريع والمتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي، ومع ظهور سلوكيات غريبة وشاذة في المشهد الرياضي العالمي، ومنها طبعا ما هو جوهر ومحور ندوتنا هاته".
وواصل: "إن القول بأن الإعلام والرياضة شريكان استراتيجيان وجناحان لطائر واحد، شريكان في صناعة النجاح وشريكان في الدفاع عن القيم النبيلة للرياضة وشريكان في جعل الرياضة محركا اجتماعيا ورافعة للتنمية، يفرض أن تكفل للإعلام الرياضي حقه الطبيعي في الوصول إلى المصادر ومنها إلى المعلومة، حق تكفله الدساتير العالمية وهو قاعدة أي إعلام نزيه وبناء، فمتى استحال الوصول إلى المصادر، ومتى صودر الحق في الوصول للمعلومة، متى سقط العماد الأساسي في عمل الصحفي، ومتى انتشرت الإشاعة ومتى فقد الإعلام حريته واستقلاليته في نقل الأخبار والتعليق عليها.
وإذا كانت المتاريس المنصوبة اليوم أمام الصحفيين للحيلولة دون وصولهم للمصادر وللمعلومة، تختلف من قارة لأخرى ومن بلد لآخر، إلا أنها تدل على خطورة الوضع الذي يزداد سوء في قارتنا الإفريقية، إذ لا يقف الأمر عند إغلاق المنافذ للحصول على الخبر وتعطيل الوصول للمصادر، بل يتعداه إلى التنكيل بالصحفيين الرياضيين والتضييق عليهم وترهيبهم واستفزازهم".
وعرج على خلق الرياضيين والأندية لحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بقوله: "لطالما نادينا كإعلام رياضي، الجمعيات والإتحادات الرياضية للإنفتاح على الصحافة وتجويد التواصل مع الرأي العام الرياضي بدلا من الإنغلاق والتعتيم، وتفاءلنا خيرا مع ما وفرته الإستحداثات التكنولوجية من وسائل جديدة وعملية وميسرة للتواصل الاجتماعي، بخروج الأندية والرياضيين من عزلتهم وإحداث حسابات خاصة بهم، إلا أنهم للأسف أساؤوا استعمال هذه الألية وخلقوا صحافة على مقاسهم، يروجون من خلالها ما تشتهيه سياساتهم الرياضية لا ما يحتاجه الرأي العام ويجده في التحليلات المعمقة والمهنية للصحافيين الرياضيين.
إن أساطير الرياضة في المغرب وهم يعتبرون أن عالميتهم وبطولاتهم ونجاحاتهم الرياضية، كان للإعلام دور فيها، هو إقرار على إيجابية العلاقة التي ربطت هؤلاء الأساطير بالصحافة الرياضية، علاقة قائمة على الصدقية والإحترام المتبادل، ودالة على أن هناك جسرا مفتوحا بين الرياضيين والصحافيين، منه يعبر النقد الملتزم والنزيه والمصداقي، ومنه يطل البطل الرياضي بكل شفافية على عالمه الخارجي.
هذه العلاقة هي ما يجب علينا كإعلاميين أن نحرص على وجودها وديموتها، وهي ما يجب على الإتحادات الرياضية أن تبقيها قوية ومتينة ونظيفة من كل الخلفيات والحسابات وحتى الحساسيات المريضة، فلو ساءت هذه العلاقة، لتقوض الصرح ولسقطت في الماء شراكتنا كإعلام مع الرياضة.
وانتهى بدر الدين الإدريسي إلى القول: "إن الأخذ بأي من الأسباب التي يتم الترويج لها كذريعة لتبرير هذه الموانع المنصوبة أمام الصحافيين الرياضيين للوصول إلى المعلومة، حتى تلك التي يقال أن لها طبيعة نفسية سيفتح الباب لا محالة أمام ما لا عد ولا حصر له من الذرائع الواهية والتي غايتها النيل من حرية واستقلالية بل ومن وظيفة الإعلام في تطوير المنتج الرياضي والدفاع عن القيم النبيلة التي تصدرها الرياضة، لذا أخلص إلى أننا بالفعل أمام تحد كبير ينضاف لكل التحديات التي تواجهها الصحافة الرياضية".