أفادت وكالة أنباء "بلومبيرغ" الأميركية، في تقرير لها عن صفقة رحيل نجم الأرجنتيني، ليونيل ميسي، المحتملة عن صفوف نادي برشلونة الإسباني، لن يكون كارثة للنادي الكطالوني وإنما قد يكون "فرصة".

بينما تشتعل التكهنات بشأن الوجهة المرتقبة لـ "البرغوث" حال رحيله عن صفوف "البرصا" هذا الصيف طبقا لطلب اللاعب، تتباين التوقعات بشأن مكاسب وخسائر النادي الكطالوني من هذه الصفقة المحتملة.

وربما تكون في رحيل ميسي عن صفوف برشلونة خسارة من الناحية التقنية نظرا للمهارات الفذة التي يمتلكها اللاعب الفائز بلقب أفضل لاعب في العالم ست مرات سابقة، ولكن برشلونة قد يستفيد من هذه الصفقة بما يعوض هذه الخسارة التقنية بشكل جيد.

ADVERTISEMENTS

وأوضحت الوكالة أن برشلونة، من حيث العائدات، هو أغنى ناد رياضي في العالم بل إنه أكثر ثراء من نادي دالاس كاوبويز الشهير لكرة القدم الأميركية، ولكن راتب ميسي الذي تشير تقارير إلى أنه يبلغ 71 مليون اورو (84 مليون دولار) سنويا يمثل ضغطا ويترك أثرا سلبيا على هيكل التكاليف في برشلونة.

ولا يقتصر التأثير على المقابل المالي الذي يتقاضاه ميسي وإنما تضاف إلى ذلك أعباء مالية أخرى ناجمة عن مطالب لاعبين آخرين أقل في المستوى لكنهم يقارنون رواتبهم براتب ميسي الهائل ومن ثم يزيد هذا من الأعباء المالية على خزانة النادي.

وكان النادي الكطالوني أعلن في العام الماضي عن صافي أرباح بلغ 0.5% فقط من العائدات التي بلغت 837 مليون اورو.

وإذا رحل ليونيل ميسي عن صفوف فريق برشلونة، بعد الطلب الذي تقدم به يوم الثلاثاء الماضي، يستطيع النادي الذي يترأسه جوزي ماريا بارتوميو، إعادة هيكلة الرواتب في الفريق وتقليص التوقعات بشأن هذه الرواتب خلال السنوات المقبلة وتخصيص رأس المال بشكل أكثر كفاءة.

ولن يكون رحيل ميسي المحتمل عن صفوف برشلونة أمرا سهلا لمحاسبي النادي، فبينما يوجد في عقد اللاعب مع النادي بند بشرط جزائي تبلغ قيمته 700 مليون اورو، يحاول ميسي التذرع بشرط يسمح له بالمغادرة مجانا.

وفي المقابل، يبدو أن برشلونة لن يسمح بحدوث ذلك، ولكن صافي القيمة الحالية لمغادرة اللاعب قد يدفع برشلونة لخفض المقابل المالي المطلوب لإتمام الصفقة وعدم التمسك بقيمة الشرط الجزائي. 

ويعود الربح الضئيل، جزئيا، إلى أن النادي مملوك من قبل 142 ألف عضو، مما يعني أنه يعيد استثمار كل العائدات في الفريق.

ومع زيادة عائدات النادي، تزداد رواتب اللاعبين بالفريق. ومع القفزة الكبيرة في عائدات النادي بنسبة 44% بين عامي 2017 و2019، شهدت رواتب اللاعبين زيادة أخرى كبيرة.

وجاءت أكبر زيادة في عائدات النادي من اتفاقية رعاية جديدة مع شركة نايك الأميركية، والتي بدأت في عام 2018.

وتردد أن قيمة العقد تبلغ 155 مليون اورو في الموسم الواحد، ولكن الأمر انتهى إلى مبلغ أقل من هذا قليلا، بسبب تمسك برشلونة ببعض حقوق التسويق.

ومنح هذا العقد ميسي فرصة الحصول على راتب أعلى من النادي. وعقب هذا، اضطر النادي لإبرام عقود أكبر للاعبين آخرين مثل المهاجم لويس سواريز ولاعب الوسط فرنكي دي يونغ والنجم الفرنسي أنطوان غريزمان من عقودهم السابقة.

ويبلغ إجمالي الرواتب التي يسددها برشلونة حاليا أكثر من 485 مليون اورو سنويا، ليكون الإجمالي الأعلى على مستوى أندية كرة القدم في العالم.

ولكن مسيرة الفريق على أرض الملعب لم تشهد ارتقاء مماثلا، حيث فشل الفريق في إحراز لقب مسابقة عصبة أبطال أوروبا منذ 2015.

وعندما فاز ليفربول بلقب عصبة الأبطال في 2019، كان إجمالي رواتب لاعبي الفريق الإنجليزي هو 276 مليون اورو فقط علما بأن لائحة الفريق تزيد على لائحة برشلونة بخمسة لاعبين.

ولأن سخاء برشلونة في الرواتب لم يقابله فوز بقدر كاف من الألقاب والجوائز المالية، أصبح النادي تدريجيا بلا أرباح إلا من بعض الانتقالات للاعبيه إلى أندية أخرى سواء بالبيع أو الإعارة.

وعلى سبيل المثال، لجأ برشلونة في العام الماضي إلى استبدال حارس مرماه الثاني ياسبر سيليسن مقابل نوبرتو نيتو حارس فالنسيا في صفقة تبادل مباشر.

ولكن نظرا للطريقة التي يتم بها إعادة تقييم اللاعبين خلال مدة عقودهم، فقد يكون ذلك قد سمح لبرشلونة بتسجيل زيادة في قيمة أصوله غير الملموسة (أي في لاعبيه)، دون دفع أي أموال إضافية بالفعل.

ويمكن أن يترجم هذا إلى ربح في دفاتر المحاسبة على مستوى التشغيل، رغم عدم وجود دخل نقدي للنادي من مثل هذه الصفقات. ولكن هيكل ملكية برشلونة يجعل التدفق النقدي أكثر أهمية مما قد يكون للفرق التي تضم مساهمين.

وكلما زاد إنفاق النادي على اللاعبين، قل ما لديه من احتياطي للأوقات الصعبة خاصة أن برشلونة مملوك للجماهير ولا يمكنه بيع حصة من أسهمه إذا واجه صعوبات مالية، أو على الأقل لا يمكنه فعل هذا دون موافقة أعضاء النادي، وهو ما يجعل الأمر في غاية الصعوبة.

وهذا النموذج الذي يعتمد على المشجعين وأعضاء النادي يعني أيضا أنه يمكن للنادي الاقتراض بشكل أقل بكثير من منافسيه الكبار.

ولن يؤدي بيع ميسي فقط إلى تقليص النفقات التي يتحملها برشلونة لميسي نفسه فقط، بل سيقلص أيضا من التأثير التضخمي على الرواتب الأخرى لبقية اللاعبين.

ADVERTISEMENTS

وقد يكون هذا في غاية الأهمية للنادي ولا سيما أن عالم كرة القدم مقبل الآن على أول موسم بعد أزمة تفشي الإصابات بفيروس كورونا المستجد علما بأن إقامة مباريات الموسم الجديد دون جماهير ستقلص عائدات الأندية التي كانت تأتي من بيع تذاكر حضور المباريات.

ولهذا، قد يكون هذا هو الوقت الأكثر ملاءمة لبيع ميسي من أجل تخفيض التزامات النادي تجاه لاعبي الفريق من ناحية ومواجهة تبعات أزمة وباء كورونا من ناحية أخرى.