بعد ثلاثة أشهر من العطلة القسرية بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، عاود الدوري الإسباني لكرة القدم نشاطه الخميس بغياب الجمهور وسط قيود صحية صارمة في بلد ضربه "كوفيد-19" في الصميم، وذلك بلقاء دربي الأندلس الذي حسمه إشبيلية لصالحه على حساب جاره وضيفه ريال بيتيس 2-صفر.

وخلافا للمفاجأة التي حققها في مباراته الأخيرة قبل التوقف في 8 آذار/مارس حين تغلب على ريال مدريد 2-1، عجز ريال بيتيس عن مجاراة جاره الذي ينافس من أجل المشاركة في دوري الأبطال الموسم المقبل، وخسر أمامه للمرة الثالثة تواليا في المباراة الأولى بعد العودة من أصل 110 ستقام في غضون ستة أسابيع فقط.

وبعد شوط أول باهت، نجح إشبيلية في افتتاح التسجيل من ركلة جزاء تسبب بها مارك بارترا باسقاطه الهولندي لوك دي يونغ داخل المنطقة المحرمة، فانبرى لها الأرجنتيني لوكاس أوكامبوس بنجاح (56)، مسجلا هدفه الخامس في آخر خمس مباريات في انجاز لم يحقق سابقا في الفريق سوى ألفارو نيغريدو عام 2011.

ADVERTISEMENTS

وسرعان ما حسم فريق المدرب خولن لوبيتيغي اللقاء باضافة الهدف الثاني برأسية للبرازيلي فرناندو إثر ركلة ركنية (62).

وبمحافظته على سجله الخالي من الهزائم للمباراة الخامسة تواليا، رفع إشبيلية رصيده الى 50 نقطة في المركز الثالث بفارق اربع نقاط عن كل من ريال سوسييداد وخيتافي، وخمس عن أتلتيكو مدريد الذي كان آخر فريق يواجهه قبل التوقف (2-2).

أما ريال بيتيس، فتجمد رصيده عند 33 نقطة وأصبح مهددا بخسارة مركزه الثاني عشر والدخول في معركة الصراع من أجل تجنب الهبوط، كونه يتقدم حاليا بفارق 8 نقاط عن المركز الثامن عشر قبل 10 مراحل على نهاية موسمه.

وبطبيعة الحال، كانت الأنظار شاخصة الخميس نحو ملعب "رامون سانشيس بيسخوان" الذي أعطى اشارة عودة الحياة الى الملاعب الإسبانية حتى في ظل غياب الجمهور.

وبدأت المباراة في الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي (20,00 ت غ) على ملعب "رامون سانشيس بيسخوان" الخاص بإشبيلية خلف أبواب موصدة ضمن المرحلة الثامنة والعشرين من دوري "لا ليغا" الذي تستكمل مراحله الـ11 المتبقية في غضون ستة أسابيع فقط.

وقبل اللقاء الذي بدأ بدقيقة صمت على ضحايا فيروس "كوفيد-19"، تجمع حوالي 200 مشجع يرتدون بمعظمهم كمامات واقية حول ملعب "رامون سانشيس بيسخوان" في وسط المدينة من أجل استقبال حافلتي الفريقين.

إنهم مشجعون مستعدون لفعل أي شيء لدعم لاعبيهم المفضلين حتى في ظل "كوفيد-19" وعلى الرغم من الاجراءات الأمنية المشددة التي فرضها قرابة 600 شرطي، مع دوريات للخيالة في شوارع مقفلة وحواجز موزعة حول الملعب، ما أدى في نهاية المطاف الى تفرق المشجعين قبل انطلاق المباراة.

وأقرت مشجعة إشبيلية ابنة الـ23 عاما لورا مارين أن "الأمر غريب للغاية، إنه مختلف. نعيش (الدربي) بحزن (بسبب اللعب خلف أبواب موصدة). لكن خلاف ذلك، لا تزال الأمور بنفس الحماسة".

وبدوره، حضر المشجع الآخر لإشبيلية خوسيه لويس ميانا من أجل تشجيع اللاعبين عند وصولهم، مع متابعة المباراة على الراديو امتثالا للمعايير الصحية.

- "بدون جمهور، لكن بأمل!" -

وصرح لوكالة فرانس برس أنه على الرغم من الاجراءات الأمنية الهادفة الى منع المشجعين من الوصول الى الملعب، فإنه أراد عيش هذا الدربي "بشغف كبير، لأن كرة القدم التي نحبها كثيرا قد عادت"، مضيفا "لا نعرف كيف سيكون الوضع البدني للاعبين... نحن قلقون أيضا بشأن الأجواء بشكل عام، نأمل ألا تحصل موجة جديدة (من فيروس كورونا) نتيجة تجمع الناس".

استئناف الدوري سيكون "بدون جمهور لكن بأمل!" بحسب ما صاح مشجع ستيني وهو يمر أمام الملعب، مرتديا قميص إشبيلية.

وانضمت إسبانيا الخميس الى ألمانيا التي كانت أولى البطولات الخمس الكبرى التي تعاود نشاطها بعد التوقف الذي فرضه فيروس "كوفيد-19" منذ آذار/مارس، على أن تلحق بهما بطولتا إنكلترا وايطاليا في الأيام المقبلة.

وحدها فرنسا بين البطولات الكبرى، ألغت الموسم وتوّجت باريس سان جرمان وسط اعتراضات بعض الاندية المتضررة.

ويتصدر برشلونة الترتيب بفارق نقطتين فقط عن غريمه ريال مدريد الطامح الى إزاحة النادي الكاتالوني عن العرش والفوز باللقب للمرة الأولى منذ 2017.

ويفتتح برشلونة العودة خارج قواعده السبت حين يحل ضيفا على ريال مايوركا، فيما يلعب ريال مدريد الأحد ضد ضيفه ايبار على ملعب "ألفريدو دي ستيفانو"، الواقع ضمن مقره التدريبي فالديبيباس، بسبب الأعمال الجارية لتجديد معقله "سانتياغو برنابيو".

من الايجابيات القليلة في عزل الشهرين الماضيين، تعافي بعض المصابين، على غرار البلجيكي ادين هازار نجم ريال مدريد المصاب بكسر في كاحله، والأوروغوياني لويس سواريز هداف برشلونة، والذي أجرى جراحة في الغضروف في 12 كانون الثاني/يناير.

استعاد اللاعبان نشاطهما مع عودة نسق التمارين تدريجا على مدى خمسة أسابيع، ضمن بروتوكول صحي لتفادي العدوى: أولا في حصص تمارين فردية، ثم بمجموعات صغيرة وأخيرا بتمارين شبه عادية منذ مطلع حزيران/يونيو.

- بريق أمل لاستعادة الحياة الطبيعية -

وفي بلد كان من الأكثر تضررا بفيروس كورونا (أكثر من 27 ألف وفاة حتى الخميس من أصل قرابة 290 ألف إصابة)، يشكل استئناف دوري كرة القدم بريق أمل في السير نحو استعادة الحياة الطبيعية.

لم يلقَ استئناف الدوري معارضة سوى من بعض الأصوات الاستثنائية، على غرار نادي إيبار او مدافع فالنسيا البرازيلي غابريال باوليستا، خوفا من موجة ثانية للفيروس.

لكن عودة المباريات لم تكن لأسباب رياضية أو جماهيرية فقط، فالعامل الاقتصادي والخوف من إفلاس الاندية، كما حذر مرارا رئيس رابطة الدوري خافيير تيباس، لعبا دورا كبيرا في معاودة الدوري.

ADVERTISEMENTS

تتعلق هذه العودة بتشغيل قطاع اقتصادي يمثل 1,37% من الناتج المحلي، بحسب تقرير لليغا يعود الى العام 2019.

وبعدما كان تقدير الخسائر يبلغ مليار يورو بحال إلغاء الدوري، سيتقلص هذا الرقم إلى 303,4 مليون يورو في مع عودة المستديرة الى المستطيل الأخضر.