أطلق المغرب برنامج دعم مالي غير مسبوق للمتوقفين عن العمل بسبب وباء كورونا المستجد يستهدف خصوصا العاملين في القطاع غير المنظم، رغم صعوبات تحديد المستحقين.
وتسببت حالة الطوارئ الصحية المفروضة في المملكة منذ 20 آذار/مارس، في أزمة اقتصادية واجتماعية تطال أجراء مصانع أو مقاهي ومتاجر... توقفت عن العمل، لكن وطأتها أشد على العاملين في القطاع غير المنظم الذين يزاولون مهنا بدخل متواضع في الغالب، بدون قدرة على الادخار.
وبينما تقدر معطيات رسمية عدد الفقراء في المملكة بأكثر من ثلاثة ملايين شخص، نبه البنك الدولي في تقرير حديث إلى أن قرابة عشرة ملايين من أصل 35 مليون مغربي معرضون للوقوع في الفقر بسبب الأزمة الصحية، فضلا عن تداعيات موسم زراعي جاف بالنسبة لسكان البوادي.
ولتخفيف وطأة الأزمة بدأت وزارة الاقتصاد والمالية هذا الأسبوع توزيع دعم مالي يبلغ 2000 درهم (نحو 200 دولار) شهريا مخصصة لأكثر من 800 ألف من العاملين في القطاع المنظم أعلنوا توقفهم عن العمل، بحسب معطيات رسمية.
وإذا أمكن الوصول إلى هؤلاء بفضل انخراطهم في نظام للضمان الاجتماعي، فإن تحديد مستحقي الدعم المتوقفين عن العمل في القطاع غير المنظم أكثر تعقيدا لغياب أي سجل لهم، علما أن ثلاثة أرباع العاملين في المغرب لا يتمتعون بأي ضمان اجتماعي.
وطرحت فكرة الدعم الاجتماعي عبر تحويلات مالية للأسر محدودة الدخل في المغرب منذ سنوات، لكنها لم تر النور بعد.
لتدارك الوضع، أطلقت السلطات برنامجا مؤقتا حتى حزيران/يونيو لتوزيع دعم شهري يراوح بين 800 و1200 درهم (نحو 80 و120 دولار) للأسرة شهريا بحسب عدد الأفراد، على أساس تصاريح المعنيين بأنهم توقفوا عن العمل في القطاع غير المنظم بسبب الوباء. ويبلغ الحد الأدنى للأجور نحو 240 دولار.
ولجأت الوزارة في مرحلة أولى إلى سجل خدمة التأمين الصحي للمعوزين المعمول به منذ 2011، لتحديد المستحقين الذين بدأوا تسلم هذا الدعم خلال الأسبوع الجاري من كوات بعض المصارف بعد تلقيهم رسالة هاتفية تؤكد قبول طلباتهم.
ويتعين على باقي المتضررين التصريح "بالشرف" على موقع الكتروني خاص بتوقفهم عن العمل في القطاع غير المنظم بسبب الحجر الصحي، على أن يبدأوا تسلم الدعم ابتداء من 16 نيسان/أبريل.
ويوضح المدير في وزارة الاقتصاد والمالية منصف أدرقاوي لوكالة فرانس برس أن "اعتماد التصريح بالشرف قطيعة مع الإجراءات المعمول بها حتى الآن، لكننا نثق في المواطنين"، مؤكدا أن "الأهم هو أن يحصلوا على ما يمكنهم من تجاوز هذا الظرف الصعب".
وإذا كان العدد الإجمالي للمستفيدين غير محدد بعد، فإن تدقيقا "صارما سيجرى لاحقا وأي تصريح مغشوش يوجب ملاحقات قضائية"، على حد قوله.
ويمول البرنامج من صندوق أنشئ لمواجهة الأزمة حدد رصيده مبدئيا بعشرة مليارات درهم (نحو مليار دولار) من الميزانية العامة، لكنه فاق 33 مليار درهم (نحو 3,3 مليار دولار) بفضل تبرعات شركات خاصة ومؤسسات عامة وأفراد.
وتتوقع الوزارة أن "يكون هذا المبلغ كافيا" حتى حزيران/يونيو تاريخ تعليق البرنامج.
وبالموازاة مع ذلك باشرت السلطات توزيع مؤن غذائية على الأسر الأكثر تضررا، بحسب معلومات حصلت عليها فرانس برس من مصادر متطابقة. كما فتحت مراكز لإيواء المشردين.
وعززت جمعيات مدنية هي الأخرى عمليات توزيع مؤن على المتضررين، في مختلف أنحاء المملكة.
يؤمل أن يسهل برنامج الدعم المؤقت تبني المشروع المنتظر منذ سنوات لإحداث سجل وطني موحد يكون أساسا لتحويلات مالية شهرة لفائدة المستحقين.
وأوضح المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي لفرانس برس "لدينا دراسات كثيرة حول معدلات الفقر، لكن تحديد مستحقي الدعم المالي أكثر تعقيدا".
وأضاف "كنا في طور التفكير والتجربة مع وزارة الداخلية بدعم من البنك الدولي عندما داهمتنا هذه الجائحة العالمية مثل تسونامي"، لافتا إلى أن البرنامج الحالي يمكن أن يساعد في التعرف أكثر على المستحقين، ويجعل تحديدهم أسهل.
وبدأ الحديث عن هذا المشروع في المغرب منذ 2013 على أساس أن يعوض نظام دعم أسعار الوقود وبعض المواد الأساسية (غاز البوتان والدقيق)، لاعتباره غير عادل إذ يستفيد منه الجميع بمن فيهم الأثرياء، فضلا عن كلفته الباهضة.
وبينما تخلى المغرب عن دعم أسعار الوقود نهائيا منذ أواخر 2014، لم ير المشروع البديل النور. وواجه رئيس الحكومة آنذاك عبد الإله بنكيران اعتراضات تحذر من استغلاله لاستمالة الناخبين.
وأعاد الملك محمد السادس طرحه في تموز/يوليو 2018، داعيا الحكومة إلى التعجيل بإخراجه، ليعهد لوزارة الداخلية بالإشراف عليه.
وعرض مشروع قانون يؤطره على البرلمانيين منتصف آذار/مارس، في انتظار بدء مناقشته.