عزل النجم المغربي حكيم زياش عن باقي سرب اللاعبين الأفارقة المتألقين الذين حطموا الموسم الحالي رقما قياسيا ببقاء 5 منهم في السباق الأخير لجائزة الكرة الذهبية، أمر مثير لكل أشكال الدهشة والإستغراب فعلا.
فلا يستقيم لا عقل ولا منطق من له متابعة للكرة وشؤونها، وهو يرمق استثناء زياش من مناقشة حظه في البقاء في اللائحة النهائية المعروضة للإستفتاء والتي يحضر فيها للموسم 16 على التوالي كريستيانو رونالدو.
وبما أن القيمين عن الجائزة اختاروا إقصاء زياش والإبقاء على لاعبين أقل منه سنأتي إلى ذكرهم، فإننا بالمقابل لا نملك إلا أن نقرأ هذا التصرف الأرعن من الزاوية التالية لأنه لا تفسيرآخر لما حدث:

- هدية المائوية
في اليوم الذي كان زياش يحتفل ببلوغه الرقم 100 مباراة مع ناديه أجاكس أمستردام، مع ما واكب هذا الإنجاز من تميز وأرقام وإحصائيات مثيرة، منها مساهمته الفعلية والمباشرة في 80 هدفا من إجمالي أهداف الفريق الهولندي بين التسجيل والتمرير الحاسم، ومعها كان أنصار النادي يضعون اللاعب ضمن سياق العناصر التي تمثل في الوقت الحالي «روح أجاكس» لما أبان عنه من سخاء وظهور أريحي في الموسم السابق الذي أعلن من خلاله هذا الفريق نفسه حصان طروادة في عصبة أبطال أوروبا بعدما أطاح بالكبيرين جوفنتوس وريال مدريد، في خضم هذه الأجواء سيتلقى حكيم صدمة عنيفة وقوية باستثنائه وحيدا من بين «البيغ 6» الأفارقة الذين حضر 5 منهم وغاب حكيم عن لائحة 30 لاعبا المرشحون لجائزة الكرة الذهبية الأوروبية.
ولعلكم تذكرون متابعة تحليلية وتحقيق كنا قد أنجزناه قبل شهرين تحديدا، وخلالها رسما طريق الكرة الذهبية لزياش وقلنا أنه بلغة الأرقام والمنطق سيتواجد ليس مع 30 لاعبا بل مع «الدريم - تيم» النهائي أي مع التشكيل المثالي وأفضل 10 لاعبين هذا الموسم ولم نكن نبالغ في التقييم.

- حسابات وكسر عظام
ذهب محللون من الذين يقرأون مثل هذه الرسائل حق قراءتها أبعد ما يكون في حكاية الإقصاء هذه، ولم يجدوا لها بين الشقين الكروي والموهبة وما وقع عليه اللاعب في موسمه الحالي، وبين تحييده ما يبرر الفعل سوى كونه مستند لأمر ما مرتبط بما هو خارج عن شق الكرة والرياضة بشكل عام.
فأن يحضر لاعبون من طينة كوليبالي السينغالي لاعب نابولي وهو مدافع ونحن أعلم ما يكون أن عمالقة ووزراء الدفاع على  مستوى الكرة العالمية، لا يحظوا بشرف الإنتقاء دون أن نستحضر القامات العملاقة التي أقصيت مرارا رغم ما أبلته من بلاء حسن فكان النجم الإيطالي المعتزل فابيو كانافارو استثناء المتوجين.
ثم يحضر لاعب الغابون بيير أوباميانغ في موسمه المهزوز مع أرسنال محليا وأوروبيا، بل خاض "أوروبا ليغ"، في حين بلغ زياش مربع الكبار في مسابقة تضاهي كأس العالم من حيث القيمة وهي عصبة الأبطال،  زكاها بغياب الغابون عن "الكان" الأخير بمصر فهنا نكون فعلا أمام فرز وانتقاء موجه مبني ومسنود لتصفية حسابات ما؟
هذه الحسابات بحسب القراءات المتعددة، غايتها ضرب المواهب المغربية التي نشأت في أرض المهجر واختارت تمثيل الأسود والتأكيد لها أن راهنت على القميص الخطأ.
رسالة موجهة لإحطارين وغيره، على أن زياش سدد فاتورة تمثيل المغرب وليس هولندا، والدليل هو اختيار فان دي بيك الذي عاش ويعيش في ظل زياش داخل أجاكس، ورسالة لحارث وبوفال وغيرهم على أن أفق التتويجات بالجوائز الفردية مسدود في وجههم  ما لم يخلصوا لبلد المنشأ!!

ADVERTISEMENTS

- مصداقية مغتالة
ليست المرة الأولى التي توضع فيها مصداقية هذه الجائزة على المحك، من خلال التشكيك في التصويت ومعاييره وكذا الكيفية التي يتم بها، وهو الأمر الذي تم في حالات وتتويجات سابقة، نذكر منها تتويج ليونيل ميسي سنة 2010 بعد موسم سيء للغاية غادر من خلاله منتخب الأرجنتين المونديال بجنوب إفريقيا مهانا برباعية من ألمانيا، فتوج ميسي على حساب ويسلي شنايدر لاعب هولندا الذي كان يومها في القمة و بلغ نهائي كأس العالم مع منتخب بلاده، وتوج بثلاثية محلية بإيطاليا عصبة الأبطال والبطولة وكأس إيطاليا، بل كان اللاعبان كاسياس وإنيييسطا أولى بالجائزة.
ثم تتويج رونالدو على حساب فرانك ريبيري سنة 2014 وغيرها من الحالات والوقائع التي تشهد على حقيقة البعد التجاري وليس الكروي لجائزة تتحكم فيها أبعاد تسويقية تغتال مصداقية الكفاءة والإستحقاق بالأقدام.
«البالون دور» أو جائزة الأفضل (ذو بيست) التي منحت مؤخرا لميسي الذي اكتفى بتتويج وحيد رفقة برشلونة بالليغا وتجاهل ساديو ماني أو فيرمينيو أو حارس البرازيل بيكير، ثم رونالدو المتوج بالبطولة الإيطالية وعصبة الأمم الأوروبي وفان دايك الوحش الهولندي، كل هذا يبرز أنه لا يمكن تصديق أن هذه التصنيفات والتقييمات النهائية تنبني على معايير الموهبة.
لذلك لا يحزن زياش لأن أرقامه وموهبته الفذة وما أبلاه في "الأرينا" والملاعب الهولندية، تشهد على أنه كان بالفعل ضحية هذه الإنتقائية البئيسة.. بل يكفيه فخرا أنه أول لاعب مغربي عربي سجل في مرمى ريال مدريد ذهابا و إيابا في دور متقدم في عصبة أبطال أوروبا، بل وساهم في الإطاحة بالملكي من عرشه.