مع انطلاق بطولة العالم لألعاب القوى في الدوحة الجمعة، تبرز التكلفة البيئية لعقد حدث رياضي بارز في صحراء شديدة الحرارة.

ويصر المنظمون أنهم اتخذوا خطوات للتخفيف من أثر البطولة وبأن كأس العالم 2022 لكرة القدم التي ستعقد أيضا في الإمارة الخليجية الصغيرة، ستكون "محايدة للكربون".

ويشكك نشطاء في مجال البيئة في ذلك، محذرين من أن هذه البطولات تعتمد بشكل كبير على أجهزة التكييف التي تحتاج للكثير من الطاقة وتحلية المياه والبلاستيك المستخدم لمرة واحدة، بالاضافة إلى السفر جوا إلى الموقع، لا يمكنها أن تكون حقا صديقة للبيئة.

ADVERTISEMENTS

وحذرت زينة الحاج، مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "غرينبيس" البيئية، أن "التكييف حول الملاعب ليس أمرا صديقا للبيئة، بل يزيد من الانبعاثات".

وفي ستاد خليفة الدولي، مقر البطولة الرئيسي وأحد الملاعب المضيفة لمونديال كرة القدم 2022، نظام تبريد يجعل الحرارة داخله ما بين 23 و25 درجة.

وتجري البطولة في ظل درجات حرارة تصل نهارا الى 38 مئوية ورطوبة تناهز 50 بالمئة.

وتؤكد السلطات القطرية أن هذه المنظومة المتطورة تثبت قدرة الإمارة على استضافة نهائيات كأس العالم المقبلة في ظل أجواء مناخية مريحة، على رغم المخاوف من تأثيرات الطقس الحار في الخليج على البطولة.

وتقول "غرينبيس" أن نظام التبريد المستخدم في الملاعب السبعة التي ستستضيف بطولة كأس العالم، من الممكن أن "يصبح أكثر استدامة" إن كان يعمل بالطاقة الشمسية.

ولكن بحسب الحاج فإنه "لا يوجد أي من هذا في قطر حتى الآن".

-"كمية جيدة من الطاقة"-

ومن جانبه، يقر استاذ الهندسة سعود عبد الغني الذي أشرف على تطوير تقنية التبريد، أنه تم استخدام "كمية جيدة من الطاقة" وأن النظام سيعتمد على مولدات ديزل ملوثة كوسيلة احتياطية في حال انقطاع الكهرباء.

لكنه أصر أن تخفيض درجات الحرارة في الملعب يؤدي إلى الخُمس فقط من الانبعاثات الناتجة عن تبريد ردهات المطارات المشابهة من حيث الحجم، مؤكدا أنه على الرغم من أن جميع الملاعب الثمانية، بما في ذلك ستاد خليفة الدولي، سيكون لها أسطح مفتوحة خلال كأس العالم، لن يكون هناك تبديد للهواء المبرد.

وقال "نضخ ذات الكمية من الهواء البارد في نفس الموقع-- ثم نقوم بإعادة تدويره كله".

وأكد أمير قطر هذا الأسبوع أن البطولات الرياضية التي ستستضيفها بلاده ستكون صديقة للبيئة.

وقال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال مشاركته في أعمال قمة الأمم المتحدة للعمل من أجل المناخ في نيويورك، أنه "بصفتنا دولة مستضيفة لبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، نحن ملتزمون بتنظيم بطولة صديقة للبيئة وأول بطولة +محايدة الكربون+ عبر استخدام الطاقة الشمسية في الملاعب، واستخدام تكنولوجيا تبريد وإضاءة موفرة للطاقة والمياه".

من المؤكد أن التحديات التي يفرضها تقديم بطولة محايدة للكربون ستكون هائلة، على غرار مشكلة النقل الجوي التي تضاف الى التحدي البيئي الواضح المتمثل في إبقاء الملاعب في الصحراء باردة، على الرغم من أن البطولة ستقام في أشهر الشتاء الأكثر اعتدالًا.

وبخلاف بطولات اخرى لكأس العالم تمكن عبرها المشجعون من السفر عبر القطارات والسيارات من الدول المجاورة، فإن المشجعين الذين سيذهبون إلى قطر عام 2022 سيضطرون للسفر جوا أو حتى في بعض الحالات عبر البحر.

ومنذ عام 2017، تفرض المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وحلفاؤهما مقاطعة اقتصادية على قطر، متهمين إياها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة، وهو اتهام تنفيه الدوحة.

والسعودية هي الدولة الوحيدة التي تشترك بحدود برية مع قطر.

وأدت مقاطعة قطر اقتصاديا إلى إغلاق الرابط البري الوحيد الذي يربط الدوحة بالعالم الخارجي، وإلى تجميد خطط لإقامة خط سكة حديد سريع يربط الدوحة بالبحرين ومنطقة الخليج.

- تقليل استخدام السيارات-

ويصر منظمو كأس العالم على أن البطولة في قطر لن تحتاج إلى طائرات داخلية مثلما كان الأمر عليه في البطولات الثلاث الأخيرة التي أقيمت في جنوب إفريقيا والبرازيل وروسيا.

وقال الرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم قطر 2022 ناصر الخاطر أن "حقيقة عدم وجود سفر جوي داخل البلاد، يعني أنه سيزيل الكثير من الكربون المنبعث خلال البطولات".

وأضاف "حقيقة أن المترو الآن سيكون متوفرا للمشجعين لاستخدامه، يعني أنه سيأخذ الكثير من الكربون خارج البيئة بسبب انخفاض استخدام السيارات والحافلات".

وبحسب الخاطر، فإن بلاده تعمل من أجل جعل الملاعب "صديقة للبيئة قدر الإمكان"، مؤكدا أن ذلك سيأتي عبر "استخدام أنظمة إضاءة وأنظمة مياه مستدامة للغاية، وتوليد الطاقة لهذه الملاعب كان من الأمور التي أوليناها اهتماما".

وتابع "كان هناك نقاش كبير حول الطاقة الشمسية، وما التزمت قطر القيام به كان محطات لتوليد الطاقة الشمسية قبل كأس العالم".

وسيستخدم المنظمون أيضا الائتمان الكربوني ويخططون لزراعة آلاف الأشجار لموازنة الانبعاثات.

ADVERTISEMENTS

لكن محمد أيوب، الباحث في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، حذر من أن الطاقة الشمسية قد لا تكون حلا شاملا.

وأكد لوكالة فرانس برس خلال تظاهرة لطلاب المدارس حول المناخ وافقت عليها السلطات القطرية، أن "الخلايا الشمسية تواجه تحديات متعلقة بدرجات الحرارة المرتفعة، ما يقلل من فعاليتها بالاضافة إلى تراكم الغبار".